رأس إخناتون في المتحف المصري الكبير.. شاهد على ثورة التوحيد وفن التجديد

الأحد، 02 نوفمبر 2025 02:00 م
رأس إخناتون في المتحف المصري الكبير.. شاهد على ثورة التوحيد وفن التجديد إخناتون

محمد عبد الرحمن

مع الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير، تتألق بين كنوزه الفريدة واحدة من أهم القطع التي تُجسّد مرحلة استثنائية في تاريخ الحضارة المصرية، وهي رأس تمثال الملك إخناتون، إله التوحيد في مصر القديمة، وأحد أبرز ملوك الأسرة الثامنة عشرة، الذي حكم البلاد في الفترة ما بين 1353 إلى 1336 قبل الميلاد تقريبًا.

تُعدّ هذه القطعة الأثرية من بين التماثيل الملكية التي تسلّمها المتحف المصري الكبير خلال مراحل الإعداد لافتتاحه، وتم تغليفها بأسلوب علمي دقيق، حفاظًا عليها ضمن معايير العرض العالمية المعتمدة في هذا الصرح الحضاري. الرأس مصنوعة من الحجر الرملي، وتتميّز بحالة حفظ ممتازة، تعكس روعة النحت المصري القديم ودقة تصوير ملامح إخناتون الفريدة.

وينتمي الرأس إلى جزء من تمثال ضخم للملك إخناتون، كان من بين 28 تمثالًا أقيمت في بهو الأعمدة بمعبد الكرنك، الذي شيّده الملك للإله آتون — قرص الشمس — في إطار ثورته الدينية الشهيرة. ويظهر إخناتون في التمثال مرتديًا غطاء الرأس الملكي المعروف باسم النِمس، تعلوه الكوبرا الملكية، بينما يمسك رمزي الحكم والسلطة: العصا المعقوفة والمذبة.

كان إخناتون — واسمه الأصلي أمنحتب الرابع — قد أطلق واحدة من أكثر التحولات الفكرية والدينية جرأة في التاريخ المصري القديم، إذ دعا إلى عبادة الإله الواحد «آتون»، في محاولة لتوحيد العقيدة الدينية والحدّ من نفوذ كهنة آمون رع في طيبة. وقد غيّر الملك اسمه إلى إخناتون (أي "المفيد لآتون") في العام الخامس من حكمه، وأسس عاصمة جديدة في موقع بكر بصعيد مصر تُعرف اليوم باسم تل العمارنة، أطلق عليها اسم آخت آتون، أي "أفق آتون".

لم تقتصر ثورته على الدين فحسب، بل امتدت إلى الفن والعمارة، حيث دعا إلى أسلوب جديد أكثر واقعية وحيوية، مغاير للأنماط الكلاسيكية السائدة، فظهرت التماثيل والرسوم بزوايا إنسانية تعبّر عن الحركة والعاطفة، كما برزت زوجته الملكة نفرتيتي إلى جواره شريكة في الفكر والحكم والفن.

ومع مرور السنوات، ازداد إخناتون تطرفًا في دعوته الدينية، حتى منع عبادة آمون تمامًا، واستمرت مملكته في هذا النهج لما يقارب 17 عامًا. وفي أواخر حكمه، شاركته نفرتيتي أو الملك سمنخ كارع في إدارة شؤون البلاد، قبل أن يتولى العرش بعده ابنه توت عنخ آتون، الذي أعاد عبادة آمون وأعاد اسمه إلى توت عنخ آمون، إيذانًا بعودة مصر إلى عقيدتها التقليدية.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب