نسمة النبيه.. فتاة تهزم الحرب وتحصد التفوق: حكاية 99.4% خرجت من الركام.. أحد أوائل الثانوية بغزة فى حوار خاص: نزحت أكثر من 20 مرة وكل مرة كنت أبدأ حلمى من جديد.. وأهلى اقتطعوا من طعامهم لأكمل دراستى.. فيديو

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2025 07:00 م
نسمة النبيه.. فتاة تهزم الحرب وتحصد التفوق: حكاية 99.4% خرجت من الركام.. أحد أوائل الثانوية بغزة فى حوار خاص: نزحت أكثر من 20 مرة وكل مرة كنت أبدأ حلمى من جديد.. وأهلى اقتطعوا من طعامهم لأكمل دراستى.. فيديو الطالبة المتفوقة نسمة النبيه

حوار / أحمد عرفة
  •  درست تحت القصف لأثبت أن التعليم فى غزة مقاومة

  • استشهد أبناء أختى وزوجها وأصدقائي وكل فقد كان يزيد عزيمتى

  • حرب 733 يوما أخذت أحبتى لكنها لم تستطع أن تأخذ حلمى

  • كنت أسمع أصوات الموت حولى وأفتح كتابى لأواصل الطريق

  • كنت أذاكر على ضوء هاتف يحتضر ولم أتراجع لحظة واحدة

  • كنت أركض وراء الإنترنت بين الركام لأصل إلى معلمى

  • الحرب جردتنا من الأمان لكنها لم تنتزع إرادتنا

  • "لم نغادر الشمال يوما.. وكنا نبحث عن نجاة لا نجدها

  • أمي كانت تشترى لى ما أحتاجه بأغلى الأسعار رغم الجوع

  • عائلتى تفرقت فى مخيمات عدة ومع ذلك لم أتوقف عن الدراسة

  • أصيبت بالصفار خلال الحرب لكن المرض لم يوقفن عن المذاكرة

فى قلب غزة المكلومة، حيث تختلط أصوات الطائرات بالكتب الممزقة، وحيث يتحول ليل الطلاب إلى سباق مرير مع الخوف والجوع والظلام، ولدت حكاية لا تشبه سواها، هناك وسط الركام، خرجت الطالبة الفلسطينية نسمة النبيه لتكتب فصلا جديدا من معجزات الصمود الإنسانى، بعدما حققت معدل 99.4% فى الثانوية العامة لتصبح أحد أوائل الثانوية فى غزة والأولى على المدينة، فرغم حرب استمرت 733 يوما أخذت من حياتها الكثير، لكنها لم تستطع أن تأخذ منها الحلم.

نسمة ليست مجرد طالبة متفوقة، إنها ابنة حى الشجاعية الذى عاش أقسى مشاهد الدمار، نزحت مع أسرتها عشرات المرات، درست على ضوء خافت وبطارية هاتف تحتضر، بحثت عن نقاط إنترنت وسط الأنقاض، واعتمدت على كتب قديمة وعزيمة لا تنكسر، دائما كانت تطارد لحظات الهدوء كما يطارد غيرها الفرص، وتجمع شتات التركيز من بين صرخات الأطفال وارتجاج النوافذ تحت القصف.

ورغم أنها فقدت أحبتها واحدا تلو الآخر، إلا أنه لم تنطفئ داخلها شرارة الإصرار، كانت الحرب تأخذ منها، لكنها كانت تقابل كل فقد بقولٍ واحد "سأكمل الطريق، فلم تدرس نسمة لتنجح فقط، بل درست لتثبت أن التعليم مقاومة، وصوت الطالبة المحاصرة يمكن أن يعلو فوق طائرات الاحتلال.

فى غزة التى جاعت لأجل لقمة علم، تقول نسمة النبيه إن عائلتها كانت تقتطع من حصص الطعام لتمنحها يوما إضافيا من القدرة على الاستمرار، هذه الحكاية ليست عن رقم تفوق، بل عن روح لم تهزمها الحرب، وعن فتاة استثنائية اختارت أن تقف فى صف الحياة رغم كل ما حولها يدعو إلى السقوط، فى هذا الحوار، تفتح نسمة قلبها لتروى تفاصيل رحلتها مع الثانوية العامة فى زمن الموت، وكيف تحولت إلى رمز للأمل والإرادة فى واحدة من أقسى بقاع العالم.

تكشف الطالبة المتفوقة خلال حوارها مع "اليوم السابع"، تفاصيل معاناة عامين من المجازر والحصار والموت المنتشر فى كل مكان إلا أن هذا كان دافعا لها للتفوق وإثبات الذات، مجاعة ومرض وفقدان وضياع الكتب لم يكن حائلا أمامها لتحقق حلمها، الطالبة المتفوقة منذ نعومة أظافرها لم تجعل للعدوان ذريعة لأى فشل بل دافع لنجاح كان أكبر من توقعها وإلى نص الحوار..

 

 

الطالبة المتفوقة نسمة النبيه

الطالبة المتفوقة نسمة النبيه

 

كيف كانت تجربة الثانوية العامة خلال الحرب؟

تجربة الثانوية العامة خلال الحرب كانت من أصعب اللحظات فى حياتى.

 

لماذا؟

لأن العالم يفكر أن الثانوية العامة لأى طالب تعني توتر وضغط وخوف، لكن بالنسبة لنا فى غزة كانت التجربة مضاعفة، حيث مررت بتجربة الدراسة تحت حرب إبادة حقيقية، والخوف كان يلاحقنا فى كل لحظة، والدمار من حولنا، والقصف فوق رؤوسنا، والجوع الذى عشناه، وعدم القدرة على التركيز بسبب النزوح المتكرر.

 

كيف كنت تذاكرين دروسك رغم القصف والنزوح؟

كنت أدرس فى وسط ضجيج الحرب، فى أماكن مكتظة لا تصلح للعيش فكيف بالدراسة، كان أمرا صعبا للغاية بالنسبة لى أن أركز فى دروسى خاصة مع تكرار النزوح كثيرا خلال الحرب.

 

كم مرة نزحت أسرتك خلال الحرب؟

نزحنا أكثر من 20 مرة، وكل مرة اضطر أبدأ الترتيب من جديد.

 

كيف كانت تجربة النزوح؟

التجربة صعبة للغاية، فالمنطقة التى حولنا مدمرة بالكامل، ونحن من سكان حى الشجاعية قرب الخط الأصفر الذى حدده الاحتلال الإسرائيلى، ولم نغادر شمال غزة، لكننا تنقلنا داخليًا من مكان لآخر بحثا عن الأمان.

129811-نسمة-النبيه-الأولى-على-الثانوية-العامة

نسمة النبيه الأولى على الثانوية العامة

هل تعرض مكان إقامتكم للقصف؟

نعم، القصف كان قريبًا للغاية، كنا ننتقل من مكان لآخر عندما يشتد الخطر، لكن لم نكن نملك خيارات كثيرة، والخوف كان شديدًا، لكن كنا نحاول نثبت ونحمى بعض.

 

هل تشتتت أسرتكم فى مخيمات مختلفة؟

بالفعل تفرقنا كل واحد فى مكان، إلى درجة أننا نزحنا إلى مجمع الشفاء الطبى، وهو مكان لا يصلح للعيش من الأساس.

 

كيف تجاوزت أزمة النزوح فى الإلمام بدروسك؟

كنت أستغل أى لحظة هدوء بسيطة للتركيز على دروسى، وأحيانا كنت أذاكر فى الليل عندما ينام الأطفال للحصول على أقل قدر من الهدوء.

 

كيف حصلت على المناهج والكتب الدراسية رغم انقطاع الدراسة؟

كنت أقطع مسافات طويلة كى أصل إلى أماكن أستطيع فيها تحميل فيديوهات الدروس، وكنت أدرس منها لاحقا، ثم التحقت بمدرسة "أوائل وقادة" لمدة شهرين، وتمكنا من إنهاء منهج كامل خلال هذه الفترة.

 

هل استطعت شراء الكتب رغم عدم توافرها داخل القطاع؟

الكتب والدفاتر كانت نادرة وباهظة الثمن، لذلك اعتمدت على كتب أخى بشكل رئيسي.

 

هل كنت تتواصلين مع المعلمين خلال الحرب فى ظل انقطاع الإنترنت؟

نعم.

 

كيف؟

كنت أتواصل معهم كلما استطعت الوصول إلى نقطة إنترنت، فالإنترنت كان ضعيفا وينقطع باستمرار، لكن المدرسين كانوا يقدمون لنا ما يستطيعون من مساعدة رغم الظروف القاسية.

 

ما الأدوات التى اعتمدتِ عليها للمذاكرة فى ظل انقطاع الكهرباء؟

اعتمدت على ما توفر، مثل كتب أخى، فيديوهات كنت أحملها مسبقًا، والاعتماد الأكبر كان على الإرادة والعزيمة، فلم يكن هناك إنترنت ثابت ولا كهرباء، وكثيرا ما كنت أدرس على ضوء بسيط أو باستخدام بطارية الهاتف التى كانت بالكاد تكفي.

 

من أبرز من شجعك وساعدك خلال الحرب؟

أهلى كانوا السند الأكبر لى، ومدرستى كذلك، دعمهم كان سببا أساسيا فى قدرتى على الاستمرار، ودعواتهم ومساندتهم جعلتنى أتغلب على كل الظروف.

 

هل توقعت حصولك على هذا المعدل المرتفع؟

نعم توقعت، لأننى كنت دائمًا متفوقة، معدلاتى طوال السنوات كانت 99.8 و99.9 % وفى سنة حصلت على 100%، لكن بسبب ظروف الحرب كنت متخوفة أن ينخفض معدلى قليلًا، ومع ذلك الحمد لله ربنا أكرمنى بأعلى مما تمنيت.

 

ماذا تخططين لمستقبلك بعد الثانوية العامة؟

خطتى أن أساعد الفئات المهمّشة التى لا أحد يسمع صوتها، وأريد أن أخدم الناس الذين فقدوا الأمل ويحتاجون من يساندهم.

 

ما هى أحلامك المستقبلية؟

أحلامى أن أدرس تخصصا يمكننى من خدمة الناس ومداواة آلامهم.

 

ما الكلية التى ترغبين بالانضمام إليها؟

أطمح للالتحاق بكلية الطب.

 

كيف صمدت خلال تلك الحرب على مدار 733 يومًا؟

رغم أننى فقدت الكثير من أفراد الأسرة والأصدقاء، إلا أن هذا الألم كان دافعًا للصمود، كل فقد كان رسالة إصرار، بأننا لابد أن نكمل الطريق ولا نتوقف.

 

من أبرز الضحايا لعائلاتك خلال الحرب؟

لقد فقد خلال حرب الـ733 يما على غزة، أولاد أختى، وزوج أختى، وأصيبت أمى، وفقدت بنت عمتى وأصدقاء كثيرين، كل فقد كان يكسر القلب، لكن كان يزيد عزيمتى فى نفس الوقت.

 

كيف كانت تجربتكِ مع المجاعة فى غزة خلال الحرب؟

كانت من أصعب التجارب، أهلى كانوا يقتطعون من حصصهم لأجلى حتى أستطيع التركيز والدراسة، أمى كانت تشترى لى الطعام بأغلى الأسعار، حبة فاكهة أو شيء مغذ، رغم ندرة الطعام وارتفاع ثمنه.

 

ما أصعب اللحظات التى مررتِ بها خلال الحرب؟

أصعبها كانت اللحظات التى تمنيت فيها أن أحضن أحبائى الذين فقدتهم، وتمنيت لو نجلس جلسة عائلية واحدة قبل الوداع.

 

ما أصعب المواقف الإنسانية التى شاهدتِها؟

رؤية الناس يُقتلون، الأطفال الجائعين، العائلات التى تفقد بعضها، صور لا تُنسى وتبقى محفورة فى الذاكرة للأبد.

 

ماذا تركت الحرب فيكِ؟

تركت فى رسالة واضحة: أننا لسنا أرقاما، نحن بشر نحب الحياة والتعليم ونستحق الأمان مثل كل العالم.

 

ما أبرز الصعوبات التى واجهتها الطالبات فى غزة خلال الحرب؟

النزوح، الجوع، فقدان الأمان، انقطاع الإنترنت والكهرباء، غياب الكتب، الضوضاء، والخوف المستمر. كل شيء كان مضاعفًا وصعبًا.

 

ماذا عن انتشار الأمراض؟

انتشرت الأمراض بشكل واسع نتيجة انتشار التلوث واستمرار القصف وحياة الخيام المزدحمة بالناس.

 

هل أصيبت بأمراض خلال الحرب؟

نعم.. أصبت بالصفار "التهاب الكبد الوبائي"، ورغم ذلك لم أتوقف عن الدراسة والحمد لله تعافيت.

 

ما رسالتك للعالم؟

رسالتي: نحن فى غزة نحب التعليم ونحب الحياة، ولسنا أرقامًا، نحتاج أن يسمع العالم صوتنا ويدعم حقنا فى العيش بأمان مثل كل الناس.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب