يعرف الصرع بأنه اضطراب عصبي طويل الأمد يتجلى في صورة نوبات تختلف بشكل كبير من مريض لآخر، سواء في شكلها أو مدتها أو شدتها. ورغم أن معظم الناس يربطون النوبات بالحركات الارتجاجية العنيفة، فإن الواقع أكثر تنوعًا وتعقيدًا. إذ قد تظهر النوبة كشرود لحظي، أو فقد بسيط للوعي، أو تغير في الإحساس، أو انقباضات عضلية متقطعة لا يمكن السيطرة عليها.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، يعتمد اختلاف النوبة على المنطقة الدماغية التي تبدأ فيها الشحنة الكهربائية غير الطبيعية، وعلى مدى انتشارها إلى الأجزاء المجاورة. ولهذا تنقسم النوبات عمومًا إلى نوبات بؤرية تنطلق من نقطة محددة، وأخرى عامة تشمل جانبي الدماغ في وقت واحد، وقد تُصنَّف بعض النوبات بأنها غير معروفة إذا لم تُشاهد بداية حدوثها بوضوح.
كيف تبدو النوبات؟ الأعراض الحركية وغير الحركية
يميل الأطباء إلى تجميع الأعراض في مجموعتين، إحداهما تخص الحركة والأخرى تتعلق بالوعي والسلوك. فالنوبات الحركية قد تتضمن ارتعاشًا سريعًا، أو تصلبًا مفاجئًا في الأطراف، أو نمطًا يجمع بين التصلب في بدايته يعقبه نبضات عضلية متكررة. وقد يحدث فقد للقدرة على شدّ العضلات فيسقط المريض أرضًا دون سابق إنذار.
أما الأعراض غير الحركية فتتراوح بين توقف مفاجئ عن الكلام، أو تجمد النظرة لثوانٍ، أو مشاعر مشوشة يصعب تفسيرها. وفي بعض الحالات قد يمر المريض بتغيرات في الجهاز العصبي اللاإرادي، مثل التعرق أو اضطراب التنفس أو انقباضات البطن التي تظهر دون سبب واضح.
النوبات البؤرية..ذاكرة غائبة
حين تنطلق الشحنة الكهربائية من منطقة واحدة، تتجلى النوبة بحسب مدى تأثر الوعي. قد ينتبه المصاب لما يجري لكنه غير قادر على التجاوب، أو قد يدخل في حالة من الغمامة العقلية لا يتذكر ما حدث خلالها. وتشمل النوبات البؤرية سلوكيات آلية لا يستطيع الشخص إيقافها، مثل فرك اليدين أو تحريك الشفتين أو المشي دون هدف، وتُعد هذه التصرفات غير الإرادية دليلًا على أن مصدر الاضطراب يظل محصورًا في جزء محدد من الدماغ.
الهالة..علامة مبكرة تسبق النوبة
بعض المرضى يشعرون بإشارة تحذيرية تسبق النوبة بثوانٍ أو دقائق. قد تكون على هيئة رائحة غريبة، أو انقباض في المعدة، أو إحساس مفاجئ بالخوف، أو تشوه في طريقة إدراك الزمن. وتُعد الهالة نوبة صغيرة بذاتها، لكن أهميتها تكمن في أنها تمنح المريض فرصة للجلوس أو طلب المساعدة قبل بدء النوبة الأكبر.
بعد توقف النوبة
تستمر فترة ما بعد النوبة لدقائق وقد تطول لساعات. يتفاوت تأثيرها بين الصداع والارتباك وصعوبة الكلام والخمول الشديد، وقد تظهر اضطرابات مزاجية مثل القلق أو الحزن. كما قد يشكو البعض من ألم عضلي نتيجة التشنجات، أو من فقدان الذاكرة المتعلقة بلحظات النوبة وما يسبقها.
حالة الصرع.. متى تصبح النوبة طارئة؟
عندما تستمر النوبة لفترة أطول من المعتاد أو تتكرر دون استعادة الوعي، يُخشى من الدخول في حالة صرع مستمرة، وهي حالة تستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا. تستغرق أغلب النوبات العادية أقل من ثلاث دقائق، لكن استمرار النوبة لأكثر من خمس دقائق يرفع خطر الاختناق أو اضطراب التنفس أو عدم انتظام ضربات القلب، ويزيد احتمال تلف الخلايا العصبية إذا لم يُكسر مسار النوبة سريعًا.
خطوات الإسعاف الأولى قبل وصول المساعدة
يهدف كل إجراء يتخذه المحيطون بالمريض إلى حمايته من الإصابة. إذ ينبغي إبعاد أي أدوات قد تُسبب ضررًا، ومساعدة المريض على الاستلقاء في مكان آمن، ووضع شيء لين أسفل رأسه. ولا يجوز على الإطلاق وضع أي جسم في فمه. وعند ظهور رغوة أو زيادة إفراز اللعاب، يجب إمالة الرأس إلى الجانب لمنع دخوله مجرى التنفس.
وإذا كان المريض يتجول أثناء النوبة البؤرية، يكفي توجيهه بعيدًا عن الطرق أو الأماكن المرتفعة. وبعد انتهاء النوبة يُستحسن البقاء معه حتى يستعيد وعيه بالكامل