لم يكن مخرجا كبيراً موهوباً مثقفاً مطلعاً ومُحْكما لأدواته كفنان فحسب، بل يتمتع بقدر من الهدوء والبساطة تجعلك تود الاستماع إلى كلماته كلما رأيته يتحدث، والتواجد بجواره أينما شاهدته جالسا.. إنه المخرج الكبير محمد عبد العزيز، والذى تم تكريمه أمس بجائزة إنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى في دورته الـ 46 برئاسة الفنان الكبير حسين فهمى، وبحضور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة.
التقيته مرات عديدة في منزل صديق عمره المنتج الكبير ورجل السياحة القدير الدكتورعادل حسنى بمنطقة الشيخ زايد، بعدما حاورته أكثر من مرة في مهرجان الإسكندرية قبل سنوات عديدة، وكلما رأيته يحكى.. استمع إليه، فهو مطلع على كل شيء يشاهد ويتابع كل ماهو جديد على الساحة السياسية والإقتصادية مثلما يتابع الفنية، وهنا تأتى أهمية المخرج المثقف المُطلع، عندما يقدم فنا سينمائيا يدرك فحواه وماذا يريد من ورائه؟، وماهى أهدافه حتى لو كانت هذه الأهداف تتمثل في التسلية والإمتاع فقط فهو هدف سامى.
المخرج محمد عبد العزيز من المؤكد أنه حصل على التكريم الذى يستحقه، بعد مشوار كبير هام وحافل بالأعمال السينمائية، تتلمذ المخرج الكبير على يد أساتذة الإخراج منهم صلاح أبو سيف وحسين كمال والذى عمل معهما كمساعدا في أكثر من عمل، فعمل مع الأول"القاهرة 30" لسعاد حسنى وأحمد مظهر، بينما مع الثانى قدم"أبى فوق الشجرة"، للعندليب عبد الحليم حافظ.
الكاتب الصحفى عمرو صحصاح فى حوار سابق مع المخرج الكبير محمد عبد العزيز
محطات المخرج محمد عبد العزيز متشعبة ومتفرعة، فقدم ثنائية شديدة التميز مع الزعيم عادل إمام من خلال مجموعة أفلام منها "غاوى مشاكل"،و"عصابة حمادة وتوتو"، و"على باب الوزير"،و"خلى بالك من عقلك"، و"حنفى الإبهة"، وقبل هذه الأعمال قدم الفيلم الذى لا يمل مشاهديه من متابعته كلما عُرض وهو "رجل فقد عقله"، لملك الترسو فريد شوقى ومعه عادل إمام وحارس منتخب مصر والنادى الأهلى السابق الكابتن إكرامى، وقبل هذا العمل قدم فيلمى"البعض يذهب للمأذون مرتين"، من بطولة عادل إمام مع نور الشريف وميرفت أمين ولبلبة"، و"المحفظة معايا"، لعادل إمام مع نور وسمير صبرى، كل هذه الأعمال التي قدمها عبد العزيز مع الزعيم ستجدها شديدة التميز والخصوصية في تاريخ عادل إمام، بل تكاد تكون هي الأكثر شعبية من ضمن أعمالها الكثيرة للغاية.
استطاع المخرج محمد عبد العزيز أن يترك بصمة مهمة وواضحة في مشوار كل نجم عمل معه، حيث قدم للعملاقين رشدى أباظة وسميرة أحمد فيلم "عالم عيال عيال"، وللنجم الكبير الراحل محمود ياسين فيلمه الاستثنائى "الجلسة سرية" مع يسرا، وبعدها قدم لياسين أيضا فيلم "انتبهوا أيها السادة"، وللنجمتين سهير البابلى وإسعاد يونس، قدم فيلم "ليلة القبض على بكيزة وزغلول"، وللنجم نور الشريف فيلم "لعبة الإنتقام"، وللنجم فاروق الفيشاوى فيلم "سرى للغاية"، وقدم لملك الترسو في أول بطولة لابنته رانيا فريد شوقى، فيلم "آه وآه من شربات"، ولنجمى الكوميديا علاء ولى الدين ومحمد هنيدى بمشاركة ليلى علوى، أخرج فيلم "حلق حوش".
أمتد مشوار المخرج محمد عبد العزيز للمسرح وللدراما التليفزيونية، فتميزت أيضا محطاته فيها، حيث قدم على سبيل المثال المسرحية الشهيرة "شارع محمد على"، لشريهان وفريد شوقى، ومسرحية "عفروتو"، لمحمد هنيدى وهانى رمزى مع ماجدة زكى وحسن حسنى، وفى الدراما التليفزيونية قدم أعمال عديدة منها "أبو ضحكة جنان"، من بطولة أشرف عبد الباقى عن السيرة الذاتية لـ إسماعيل ياسين، وهو العمل الذى نجح على غير المعتاد، حيث لم ينجح من قبل عملا عن سيرة ذاتية لفنان، وأخيرا وليس أخرا فهو من أنجب وكَبَرَ وعَلَمَ النجم كريم عبد العزيز، وهو أحد أهم وأبرز فنانى جيله وألمع نجوم المرحلة الحالية.