فى ذكرى رحيله.. البابا يوساب الثانى أول من وسع نفوذ الكنيسة خارج مصر وأرسل بعثات للمهجر.. منح الأقباط 5 إجازات رسمية واعتمد تأخير الموظفين يوم الأحد للصلاة.. وواجه محاولات العزل والاختطاف وتمسك بالدور الوطنى

الخميس، 13 نوفمبر 2025 05:00 م
فى ذكرى رحيله.. البابا يوساب الثانى أول من وسع نفوذ الكنيسة خارج مصر وأرسل بعثات للمهجر.. منح الأقباط 5 إجازات رسمية واعتمد تأخير الموظفين يوم الأحد للصلاة.. وواجه محاولات العزل والاختطاف وتمسك بالدور الوطنى البابا يوساب الثاني

كتبت بتول عصام

تحل  اليوم ذكرى رحيل البابا يوساب الثاني، البطريرك الـ115 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذي تولى السدة البطريركية بين عامي 1946 و1956، بعد مسيرة طويلة جمعت بين العمل الرعوي والدبلوماسي والإداري، وامتدت آثارها داخل مصر وخارجها.

نشأة البابا يوساب الثاني ومسيرته

وُلد البابا يوساب الثاني باسم "قلدس لَبس يوسف" سنة 1880 في قرية دير النغاميش بمحافظة سوهاج، في أسرة معروفة بالتقوى. التحق بدير الأنبا أنطونيوس وترهب باسم "أقلاديوس" عام 1895، ثم رُسم قسًا فقمصًا في عمر مبكر سنة 1901. أرسله البابا كيرلس الخامس إلى اليونان عام 1902 للدراسة في مدرسة ريزاريوس اللاهوتية بأثينا، فبرع في العلوم الكنسية وأتقن اليونانية والفرنسية، ليعود بعدها ويتقلد مواقع قيادية في عدد من الأديرة داخل مصر وخارجها.

بدأت مهامه الخارجية مبكرًا حين اختير رئيسًا لأديرة الأقباط في القدس وفلسطين عام 1912، ثم رُسم مطرانًا على جرجا باسم الأنبا يوساب سنة 1920. شارك في البعثات الكنسية إلى إثيوبيا، وكان من أوائل من مثلوا الكنيسة المصرية في المهام الرسمية الخارجية، حتى اختاره المجمع المقدس والمجلس الملي بطريركًا في 26 مايو 1946 بعد وفاة البابا يؤانس.

مواجهة الأزمات.. وامتداد إقليمي

خلال فترة حبريته، واجه البابا يوساب الثاني واحدة من أخطر القضايا الكنسية في القدس، بعدما حاول الأحباش الاستيلاء على دير السلطان، فعمل على حل الأزمة ورسامة أساقفة لهم وفق التقاليد. كما دعم الكنيسة الإثيوبية برسامته الأنبا باسيليوس كأول مطران إثيوبي الجنسية.

كان عهده نقطة تحول في الامتداد الكنسي خارج مصر، حيث رسم أول أسقف لإفريقيا الجنوبية ونيجيريا، وبدأت الكنيسة لأول مرة تُنشئ خدمات قبطية في المهجر. كما عمل على تقسيم السودان إلى إيبارشيتين وتعيين أسقفين لخدمة الأقباط هناك.

نهضة تعليمية روحية كنسية

داخليًا، شهدت الكنيسة في عهده حركة تعليمية ونهضوية ملحوظة؛ فقد أنشأ مكتب استعلامات كنسي لأول مرة، وطور دور الكلية الإكليريكية، وفتح الباب أمام إرسال بعثات تعليمية إلى إنجلترا واليونان ومن بينهم نظير جيد (البابا شنودة الثالث لاحقًا) والأنبا غريغوريوس. كما دعم مدارس الأحد، وشكل اللجنة العليا لها، واهتم بإصدار الكتب والمجلات الدينية ومراجعتها لسلامة التعليم الأرثوذكسي.

من أبرز إنجازاته أيضًا تأسيس المعهد العالي للدراسات القبطية، ونقل الكلية الإكليريكية إلى أرض الأنبا رويس، وبناء القاعة اليوسابية كمركز للثقافة القبطية، وإنشاء مكتبة باباوية حملت اسم "المكتبة اليوسابية". كما طور مباني البطريركية وشيد دارًا للمطارنة داخل المقر البابوي.

دور وطني بارز.. وضمان حقوق الأقباط

على المستوى الوطني، نجح البابا يوساب في الحصول على اعتراف رسمي بعدد من حقوق الأقباط، من بينها منح العاملين بالدولة خمسة أيام إجازة دينية (عيد الميلاد، الغطاس، أحد الشعانين، خميس العهد، عيد القيامة)، والسماح للموظفين بالتأخير يوم الأحد لحضور القداس، وإعادة تدريس الدين المسيحي في المدارس الحكومية، وإلغاء قرارات كانت تُقيد ترقية القضاة والنيابة من الأقباط.

كما شهد عهده طفرة عمرانية بترميم كنائس مصر القديمة وإعادة بناء الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية وتشيد دير الأنبا برسوم العريان، مع التوسع في إنشاء الكنائس داخل البلاد وخارجها، خاصة في شيكاغو بالولايات المتحدة.

ورغم ما حققه من نهضة واسعة، اصطدم البابا يوساب بصراعات إدارية مع بعض أعضاء المجلس الملي العام وعدد من الأساقفة، ما أدى إلى حملات إعلامية منظمة ضده. وتعرض لمحاولة اختطاف على يد جماعة الأمة القبطية، ثم جرت محاولة لإبعاده عن إدارة الكنيسة عام 1955 بتعيين لجنة ثلاثية، قبل أن يسافر إلى دير المحرق ويُمنع من العودة رغم قرارات متكررة من المجمع المقدس بعودته.

تنيح البابا يوساب الثاني في 13 نوفمبر 1956، بعد رحلة مليئة بالجدل والإنجاز، ودُفن في مدفن البطاركة بالكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية. وبرحيله، أسدل الستار على فترة وُصفت بأنها مرحلة انتقالية أعادت الكنيسة المصرية إلى الساحة العالمية، ومهدت لظهور جيل جديد من القيادات التي واصلت بناء ما بدأه.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب