قدمت مصر والسعودية نموذجًا يحتذى فى العلاقات الأخوية التى تترجمها مواقف حية من الدعم والمساندة عبر التاريخ ؛ ليصنعا معا ملحمة حب صادقة مؤكدين المقولة "الأخ فى عون أخيه"، حيث كانت المملكة الداعم الاول لمصر فى حرب السادس من أكتوبر مشهرة سلاح النفط بوجه العدو ومن يدعمه، لتسهل مهمة الانتصار لجيشنا العظيم على قوات العدو.
وبالعودة للتاريخ، نجد أن الدعم المتبادل كان مترسخًا بين البلدين، فعقب توحد المملكة كان البلد الأول الذى يزوره الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية هو مصر قبل أن تصبح جمهورية، وكان عام 1926 عامًا مهمًا فى العلاقات بين مصر والسعودية، وكانت السعودية مؤيدة لمطالب مصر الوطنية فى جلاء القوات البريطانية عن الأراضى المصرية، ووقفت إلى جانبها فى الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية.
وعن هذا التاريخ من الدعم الأخوى، يقول الدكتور محمد الأحمد المحلل السياسي السعودى وأستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود بالرياض، اليوم السابع؛ إن العلاقات المصرية السعودية قوامها الاحترام والدعم المتبادل، وقد برهنت المملكة العربية السعودية فى مواقف يصعب حصرها على حرصها على دعم الشقيقة مصر؛ فكانت الداعم الأول للشعب المصرى الذى خرج عن بكرة أبيه ليعبر عن رأيه الحر الرافض لوجود حكم الإخوان، فراحوا يرددون بصوت واحد يسقط يسقط حكم المرشد، ومنذ ذلك الوقت أخذت العلاقات الثنائية فى النمو على المستويين الرسمى والشعبى؛ وشهدت طفرة في التطور في كافة المجالات.
وكان للأمير سعود الفيصل موقف تاريخى حينما لوحت هيلارى كلينتون بوقف المساعدات الأمريكية عن مصر، ووقتها كان رد الأمير فيصل حاسما حين قال "مصر لن تحتاج للمساعدات الأمريكية".
وعلى الصعيد السياسي، كان للمملكة دور بارز من خلال الخارجية السعودية في صد هجوم الدول الغربية، والمؤسسات الدولية على القاهرة بعد خروج المتظاهرين على حكم جماعة الإخوان الإرهابية وإزاحة رئيسها المخلوع محمد مرسي، وبعد جفاء مع نظام ثورة 30 يونيو استقبلت المحافل الدولية والأممية رموزه بكل ترحاب، وبعدها ترأست مصر الاتحاد الإفريقي، كما تولت رئاسة مجلس الأمن في 2017، إضافة إلى انضمامها لمعظم التكتلات الإقليمية والدولية.
وبالمقابل أيضا مصر دعمت الموقف السعودى فى الجامعة العربية عام 1990، وحشدت العرب خلف هذا الموقف ولولا مصر ما كان من الممكن خروج قرار عربى موحد ضد احتلال العراق للكويت، فقد كان حضور مصر لوجستيا وعسكريا، الركيزة فى إنجاح التحالف العربى الدولى لإخراج صدام من الكويت وتحريرها.
يضيف الأحمد، أن المملكة العربية السعودية كانت المدافع الأول عن حقوق مصر المائية المشروعة، وأكدت على موقفها فى أكثر من مناسبة على دعمها الكامل للأمن المائى المصرى باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن المائى العربى، كما حثت إثيوبيا على التخلى عن سياستها الأحادية اتصالًا بالأنهار الدولية، والالتزام بتعهداتها بمقتضى القانون الدولى بما فى ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى 2015، بما من شأنه عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى.
دعم بلا حدود..
فى هذا الصدد يقول الكاتب السعودي خالد الرئيس مدير تحرير صحيفة الرياض؛ لليوم السابع، أن المملكة لا تتردد في الوقوف بجانب مصر وشعبها في جميع الأوقات والظروف، من منطلق دورها الرائد في دعم الشقيقة مصر.
يذكر أن الدعم المتبادل كان مترسخًا بين البلدين، فعقب توحد المملكة كان البلد الأول الذى يزوره الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية هو مصر قبل أن تصبح جمهورية وكان عام 1926 عامًا مهمًا فى العلاقات بين مصر والسعودية وكانت السعودية مؤيدة لمطالب مصر الوطنية فى جلاء القوات البريطانية عن الأراضى المصرية، ووقفت إلى جانبها فى الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية.
ويضيف المحلل السياسي الكويتى الدكتور عايد المناع فى حديثه لليوم السابع، أن الدعم السعودي لمصر قديم على مدى التاريخ لم تترك السعودية مصر، وهو دعم أخوى أساسه العلاقات المتجذرة على المستويات كافة بين البلدين، ولكن هذا الدعم تعزز بعد ثورة 30 يونيو عام 2013، وعقب بيان الثالث من يوليو من العام نفسه أعلنت السعودية تقديم وديعة قدرها 5 مليارات دولار والكويت قدمت 4 مليارات دولار والإمارات قدمت 3 مليارات دولار، ويبلغ إجمالى المساعدات السعودية إلى مصر حوالى 32 مليار و488 مليون دولار؛ فتأتى مصر على رأس الدول المدعومة من قبل المملكة.
وتابع: ويأخذ الدعم أشكالا مختلفة فهناك دعم استثماري ودعم نفطى إضافة إلى الدعم السياسى فى الأزمات، فقد حرصت دول الخليج وفى المقدمة السعودية والكويت والإمارات على الإشادة المستمرة فى كافة المحافل الدولية بدور مصر المحورى والتاريخي وتعزيز الموقف المصرى عربيا وإقليميًا ودوليا، والدفاع عن حقوق مصر المائية ودعم موقفها فى قضية سد النهضة ، وغيرها، مشيرا إلى أن مصر والسعودية شقيقتان كبيرتان تمثلان قوة سياسية كبيرة فى المنطقة ويشكلان نقطة توازن مهمة في كافة القضايا العربية والإسلامية .
الدعم السعودى فى الحرب ..
كان للمملكة مواقف داعمة فى حرب أكتوبر ؛ ففى 17 أكتوبر عام 1973، وبعد أيام من اندلاع حرب أكتوبر، اتخذ الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود واحدًا من أهم القرارات التاريخية في الصراع العربي الإسرائيلي، حين قرر استخدام سلاح النفط للضغط على الدول الداعمة لإسرائيل.
ودعا الملك فيصل إلى اجتماع طارئ لوزراء البترول العرب في الكويت، وخلال الاجتماع تقرر خفض الإنتاج العربي الإجمالي بنسبة 5% فورًا، على أن يتم خفض إضافي بنسبة 5% شهريًا إلى أن تنسحب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة إلى خطوط ما قبل يونيو 1967.
وفي خطوة تاريخية أظهرت وحدة الصف العربي قررت بعض الدول العربية وقف تصدير النفط إلى الدول المساندة للعدوان، واستخدام الموارد الاقتصادية كسلاح مؤثر في معركة الكرامة .
وعلى الصعيد العسكري، شاركت القوات السعودية في حرب أكتوبر 1973 ضمن الجبهة السورية، إذ خاضت معارك شرسة ضد القوات الإسرائيلية في مناطق الجولان وتل مرعي.
وأنشأت المملكة جسرا جويا لنقل قواتها إلى الجبهة السورية، وضمت القوات المشاركة وحدات من لواء الملك عبدالعزيز، وفوج مدفعية، وفوج مظلات، وسرية بنادق، وسرية إشارة، وسرية هاون، وفصيلة صيانة مدرعات، وسرية صيانة ميدانية لدعم العمليات العسكرية هناك.
ولا تزال روافد الدعم تستمر فى حرياتها لتوثق العلاقات الثنائية بين بلدين عربيين كبيرين أثبتا أن الأخوة تتجاوز الأزمات، ونسيجها لا يتجزأ.