بداية.. تركز الدبلوماسية الذكية على البحث عن الفرص الاستراتيجية الطويلة الأمد بدلًا من الاستجابة للأحداث اللحظية فقط والانخراط في الأزمات والبحث عن مكتسبات وقتية ولحظية؛ وبالتالي ما انتهجته مصر خلال السنوات الماضية، يؤكد أنها كانت تفكر استراتيجيا ولديها رؤى استشرافية لتحقيق المصالح الوطنية على المدى الطويل، وخير مثال على ذلك فوز الدكتور خالد العنانى كأول عربى ومصرى، وثانى أفريقى، يفوز بهذا المنصب، وبهذه النسبة التصويتية التاريخية، ما يؤكد أن مصر ما زالت حاضرة بقوة في التأثير والحضور الإقليمى والدولى.. وأن القوة الناعمة المصرية قادرة على الوصول إلى أعلى المراكز الدولية بفضل الكفاءة والعلم والدبلوماسية الهادئة والذكية.
وما يقدر أن هناك ثقة كبيرة فى أن المرحلة القادمة ستشهد تعزيزًا لقيم العدالة الثقافية وحماية التراث الإنساني المشترك تحت قيادة د خالد العنانى، خاصة أن لديه ما يؤهله لتحقيق أهداف المنظمة في حماية التراث الإنساني وصونه، وتعزيز محاور التنمية المستدامة انطلاقاً من رعاية الإنسان ودعم حقوقه في الحياة والتعلم والمعرفة، إلى جانب تكريس الحق في المعرفة وحماية حقوق الوعي والإبداع في العالم أجمع، وسيرته خير شاهد على ذلك فهو من نجح خلال فترة توليه المسؤولية في تحقيق إنجازات ملموسة أبرزها تطوير المتاحف والمواقع الأثرية، وتعزيز التعاون الدولي في مجال حماية التراث.
فالآمال كبيرة، والطموحات لا نهاية لها، رغم أن التحديات كبيرة، واعتقادى أن الصعوبات ستبدأ مع بدء ممارسة مهماته بالنظر لانسحاب الولايات المتحدة في يوليو الماضي من اليونيسكو وبذلك تخسر المنظمة 8 في المائة من تمويلها.
وختاما، نقول، إن نجاح د خالد العنانى، يؤكد أن مصر ستظل صوت أفريقيا وسند العرب، ومثال يُحتذى بها في التأثير لما تمتلكه من قدرات ورشد.. وبهذا الفوز سطرت صفحة جديدة في سجل الريادة الثقافية والحضارية العالمية.. والأهم أن هذا الفوز لا يمثل انتصارًا لمصر وحدها، بل للعرب وأفريقيا والعالم الذي يؤمن بالثقافة كجسر للسلام.