فى السادس من أكتوبر، اليوم الذى تعلم فيه المصريون أن الإرادة تصنع المعجزات، سجّلت القاهرة انتصارًا جديدًا من نوعٍ آخر فوز الدكتور خالد العنانى بمنصب المدير العام لليونسكو بأغلبية كاسحة، كأول مصرى وعربى يصل إلى قمة الهرم الثقافى للأمم المتحدة، فيما تستعد العاصمة بعد أسابيع قليلة لفتح أبواب "المتحف المصرى الكبير" أمام العالم، هكذا تتجاور "ذكرى النصر" مع "نصرٍ للمعرفة"، وتتعانق الريادة السياسية والثقافية تحت عنوانٍ واحد: مصر فى الصدارة.
حصد العنانى 55 صوتًا مقابل صوتين لمنافسه فيرمين إدوار ماتوكو (الكونغو)، مع امتناع الولايات المتحدة، ويرفع المجلس التنفيذى الترشيح إلى "المؤتمر العام" لاعتماده بين 30 أكتوبر و13 نوفمبر 2025 فى سمرقند. ووفق الأعراف المؤسسية، يتسلّم المدير العام مهامه عقب اعتماد المؤتمر مباشرة.
لماذا هذا الفوز مختلف؟
هذا الفوز مختلف لأنه يكرّس حضورًا عربيًا غير مسبوق فى مؤسسة تأسست عام 1946 ولم تَقُدها شخصية عربية من قبل، ولأنّه يضع ملفات منطقتنا—التعليم، الثقافة، العلوم، والاتصال—على طاولة القرار فى المنظمة الأم، ولأنّ توقيت الفوز نفسه يضيف معنى مضاعفًا: فـ"نصر الإرادة" عام 1973 يقف اليوم إلى جوار «نصر الثقافة» فى 2025.
المتحف المصرى الكبير
يتقدم المشهد الثقافى المصرى بخطوة طال انتظارها، افتتاح المتحف المصرى الكبير فى 1 نوفمبر 2025، ليس مجرد مبنى حديث، بل منصة رؤية تعيد تقديم التراث المصرى على أوسع نطاق، بمحتوى وتجربة زيارة وتنظيم يليق ببلد علم الإنسانية معنى الدولة والحضارة، وبالتوازى مع تولى مصرى قيادة اليونسكو، تصبح القاهرة عاصمة لخطاب التراث العالمي: صونًا، وعرضًا، وتعليمًا.
جوهر الرؤية التى يتبناها العناني
يرتكز "بيان الرؤية" المنشور على موقع اليونسكو إلى شعار واضح: "اليونسكو من أجل الناس"، إنسان فى المركز، تعليم جيد مدى الحياة، علم مفتوح وأخلاقي، تراث مادى وغير مادى مُصان، وحريةُ تعبير مصونة وسلامة للصحفيين، مع أولوية إفريقيا، والمساواة بين الجنسين، وتمكين الشباب. إنها عناوين كبرى تُراد لها إجراءات ملموسة: شراكات، تمويلٌ متنوع، حوكمةٌ رشيدة، وقياس أثرٍ واضح.
دلالات سياسية وثقافية هادئة
هذا الفوز ليس صخبًا ولا استعراضًا، بل رسالة ثقة، العالم منح مصر تفويضًا ثقافيًا بلسانٍ عربي، والبلد—المقبل على تدشين أكبر مشروعٍ متحفى لحضارة واحدة—يقدّم نموذجًا عمليًا لكيفية تحويل التاريخ إلى قوة ناعمة تُلهِم التعليم، وتدعم الاقتصاد الإبداعي، وتبنى صورة دولية تقوم على المعرفة والابتكار.