ذُخر الوطن وبناة العقول وأصحاب الرسالة السامية في مثل هذا اليوم من كل عام نجدد لهم التحية ونثمن جهودهم المضنية في سبيل تعديل السلوك لدى فلذات الأكباد بحكمة وصبر ومهنية ومقدرة على الاحتواء وشعورًا بمسؤولية تنبع من وجدان راق محب للوطن ولأبنائه قاطبة، تحية مفعمة بالامتنان والتقدير لمن يشاركون في صناعة الفكر الرشيد وترسيخ القيم النبيلة التي تثبت أركان هذا المجتمع، وتعزز الهوية الوطنية في نفوس الجيل تلو الآخر؛ ومن ثم يرتفع البنيان وينتشر العمران لتصبح البلاد في ازدهار وتقدّم بسواعد وفكر المخلصين.
صاحب الرسالة السامية له اليد العليا في قدح الأذهان كي تصبح منتجة وفي اكتساب المهارات النوعية التي تُعد بوابة للابتكار، ومن خلاله يمكن توظيف التقنية الرقمية في تعزيز أنماط الخبرة لتحقق فلسفة التعلم العميق وتخلق مسارًا للاستدامة التي تتيح فرصًا لحب الاستطلاع، وهذا كله يساعد على تعضيد المعرفة القويمة التي تساعد في تنمية الوعي الصحيح؛ فيصبح المتعلم ذا منعة؛ حيث لا يتعرض للاستلاب الثقافي أو التزييف والتغريب تجاه ثوابت تربى عليها؛ لذا يعظم الولاء والانتماء في النفوس وتعلو الهمة تجاه الاعتزاز بحضارة هذا الوطن صاحب التاريخ التليد.
المعلم حامل لواء العطاء يؤدي مهام جسام تضمن استمرارية هذا البلد الأمين؛ حيث يساهم بالجزء الأكبر حيال تكوين الشخصية المصرية التي تسعى إلى الإعمار وتهرول إلى طرائق النهضة لتضيف عن قصد إلى الرصيد الحضاري، وهنا نتذكر جهود المعلم المصبوغة بحرفيته المهنية والأكاديمية تجاه تدشين أنشطة تعليمية ذات مهام محددة تعمل على غرس الفضيلة في الوجدان فيصبح الإنسان مدركًا ماهية الوطن ومكانته وجغرافيته؛ فيفخر به، ويقدم الممارسات التي تدعم الاندماج وتقوي النسيج المجتمعي.
مبادئ أو قيم أو معايير المواطنة الصالحة يغرسها المربي صاحب الرسالة الكبرى؛ حيث لا يتوقف عند حد نقل التجارب والخبرات وما تتضمنه من معارف ثرية؛ لكنه يصنع المواقف التي تعزز الإيجابية لدى المتعلم؛ ليصبح قادرًا على المثابرة من أجل تحقيق غايات واضحة المعالم؛ ومن ثم تعلو همته وتزداد عزيمته ولا تلين إرادته؛ ناهيك عن صفاء الروح والسريرة التي تترجمها سلوكيات تؤكد على حب الخير والتكافل والتعاون مع الآخرين، ونذعن بأن هذا يخلق جيلًا يرى بوضوح مستقبله المشرق.
نؤكد أن معلم الحاضر والمستقبل يمتلك الرغبة في التجديد؛ ليواكب ما يطرأ على الساحة المهنية والأكاديمية من حداثة، ويستطيع أن يبتكر الاستراتيجيات والطرائق المرنة في مراحلها، التي تمكنه من أداء رسالته السامية على الوجه الأكمل، وهنا نتحدث عن فقه للأدوار؛ فلا يستحوذ على جل الوقت بواسطة التمسك بالإلقاء؛ فهناك إمكانية من أن يخلق للمتعلم أدوارًا يؤديها خلال كل مرحلة من مراحل العملية التدريسية، وهذا دون شك يمنحه فرصة اكتساب الخبرات بصورة صحيحة، تجعله يقبل على نهل مزيد من التعلم.
رغم امتداد السنون؛ إلا أن الذاكرة تزخر بصور أساتذة أكارم وفوا وكفوا وقدموا كل ما شأنه أصقلت في الوجدان قيمًا نحيا على أثرها؛ فنواجه متغيرات الحياة الجارفة والمتسارعة؛ فلا تغير فينا محبة تراب هذا الوطن، ولا تقلل من قدر الاستقامة في النفوس ولا تطيح بوحدتنا التي تحمينا من مآرب أصحاب المشاريع التوسعية، ولا نتقبل أن يتسلل في مجتمعنا ما يضير بالفكر والعادات والتقاليد الأصيلة التي تربينا عليها.
في يوم الاحتفاء بالمعلم نجدد الثقة في صناع الأمل الذين نعتز بعطائهم المستدام ومقدرتهم على التحمل من أجل هندسة الوعي السليم لأجيال ترفع الراية وتزود عن أوطانها ولا تتوقف عن مسيرة العمران وتحافظ على قيمها وتمسكها بالفضيلة لتبطل مخططات من يريدون النيل من شباب هذه الأمة الفتية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.