تمر اليوم الذكرى الـ443 لأحد أغرب الأيام في التاريخ البشري، يوم 5 أكتوبر 1582، اليوم الذي لم يُسجَّل فعليًا في عدد من دول أوروبا بعد أن قرر البابا جريجوريوس الثالث عشر إصلاح التقويم الزمني لتصحيح خطأ تراكم عبر القرون.
ففي ذلك العام، وبينما كان العالم يعمل بالتقويم اليولياني، لاحظ الفلكيون أن هناك فارقًا متزايدًا بين السنة الفلكية الحقيقية والسنة المحسوبة في التقويم، بلغ نحو 11 دقيقة و14 ثانية سنويًا، ما تسبب في انزياح مواعيد الفصول والاعتدالات الشمسية عن مواضعها.
لإصلاح هذا الخطأ، قرر البابا جريجوريوس الثالث عشر حذف عشرة أيام كاملة من التقويم.
ففي إيطاليا، وإسبانيا، والبرتغال، وبولندا، جاء الخميس 4 أكتوبر 1582 (يولياني) يليه مباشرة الجمعة 15 أكتوبر 1582 (جريجوري)، أي أن الأيام من 5 إلى 14 أكتوبر لم تُكتب في التاريخ إطلاقًا.
ومن هنا ارتبط يوم 5 أكتوبر بالتحوّل الزمني الأكبر في التاريخ الحديث، حيث مثّل اليوم الأول الذي “اختفى” زمنيًا.
الهدف كان إعادة الاعتدال الربيعي إلى موقعه الفلكي الصحيح في 21 مارس، بعدما أصبح يحل في 11 مارس بسبب تراكم الخطأ في حساب السنة الشمسية.
وشرح الكاتب عصام الدين جلال في كتابه "عجائب الأعداد والأرقام" أن هذا التعديل لم يكن مجرد خطوة دينية، بل إصلاح علمي دقيق جعل التقويم الجريجوري أكثر توافقًا مع الدورة الشمسية الحقيقية.
بعد صدور المرسوم البابوي، سارعت بعض الدول الكاثوليكية إلى اعتماد التقويم الجريجوري فورًا، بينما تأخرت دول أخرى لعقود أو حتى قرون لأسباب سياسية ودينية.
ومع مرور الوقت، انتشر التقويم الجديد تدريجيًا ليصبح المعيار الزمني العالمي الذي يستخدمه العالم حتى اليوم في المعاملات الرسمية والعلمية والتاريخية.