لم تكن مصر يومًا مجرد دولة في خريطة،
بل نبضًا في قلب الوجود،
ولم تكن حضارتها سطورًا في كتب التاريخ،
بل كانت التاريخ نفسه حين نطق أول مرة.
واليوم، عند سفح الأهرام،
في ظلال أبي الهول الذي يبتسم صمتًا منذ سبعة آلاف عام،
تنهض الأسطورة من سباتها،
ويُطلّ على العالم المتحف المصري الكبير..
ذلك ( المعبد ) الذي جمع في صدره أنفاس العصور،
وفتح للعالم أبوابًا نحو فجرٍ جديدٍ من المجد والجمال.
ميلاد الحلم من رحم الزمن
كان يومًا حلمًا في وجدان مصر،
حلمًا خُطّ بالضوء على جدار الخيال،
يقول إن النيل لن يجري عبثًا،
وإن الأرض التي أنجبت الأهرام قادرة على أن تُنجب مجدًا جديدًا.
سنواتٌ من الصبر والعمل والرؤية،
من التصميم والعزيمة والإرادة،
تحوّل فيها الحلم إلى صرحٍ يليق بوجه مصر الخالد ،
إلى متحفٍ هو الأعظم على الإطلاق،
لا لأنه يحوي كنوز الفراعنة فحسب،
بل لأنه يحوي روح الإنسان منذ أن وعى معنى الخلود.
أبو الهول يبتسم.. والأهرام تُصغي
ها هو أبو الهول، حارس الأبدية،
يطلّ على شقيقه الجديد بنظرةٍ مهيبةٍ مفعمةٍ بالفخر،
وكأنما يقول له:
"أخيرًا يا مصر.. صار لكِ متحفٌ يليق بخلودك."
وفي الخلف، الأهرامات شامخةٌ كأمهاتٍ عظيماتٍ يراقبن مولودًا طال انتظاره،
مولودًا من ضوء النيل، ومن عرق البنّائين، ومن نبض المصريين.
لقد اكتملت ثلاثية الخلود :
الأهرام، وأبو الهول، والمتحف الكبير.
ثلاثيةٌ تصوغ قصيدة الخلود الأولى والأخيرة.
مصر.. ترتدي مجدها من جديد
تزامن افتتاح هذا العرس الحضاري مع ذكرى نصر أكتوبر المجيد،
فاجتمع النصر بالسيف، والنصر بالحضارة،
لينشدا معًا أغنية واحدة عنوانها:
“مصر لا تُهزم أبدًا.”
و كذا بعد أن قامت بإطفاء نيران الحرب فى غزة بجهد و دبلوماسية أسطورية
فمصر هى ضمير الأمة العربية وقلبها النابض،
كتبت فى مجد السلام سطرًا جديدًا من البطولة الأخلاقية،
وتُثبت أن قوة مصر لا تُقاس بالسلاح وحده، بل بالحكمة أيضًا.
.. جعلت العالم كله ينظر إليها الآن —
رؤساء، علماء، فنانون، مفكرون —
لكن أحدًا منهم لن يفهم سرّها إلا إذا سمع وشوشة النيل،
أو تنفّس من ترابها دفء التاريخ.
هذا المتحف ليس جدرانًا من حجرٍ وزجاجٍ وذهبٍ،
بل قصيدةُ هوىً كتبتها البشرية لمصر.
كل قطعةٍ فيه تهمس بسرّ،
كل تمثالٍ فيه يروي حكايةً عن المجد والبعث،
كل زاويةٍ فيه تقول:
“من هنا بدأ الإنسان يفهم أنه خالد.”
الختام
يا مصر..
يا مهد النور، ويا أمّ الزمان،
يا من علمتِ الإنسانَ كيف يبني ويبدع ويؤمن بالخلود،
ها أنتِ اليوم تكتبين فصلًا جديدًا في سفر المجد الأبدي.
لقد صار المتحف المصري الكبير
ليس مجرد بيتٍ للآثار،
بل محرابًا للحضارة، ومسرحًا للدهشة، ونشيدًا للعظمة.
وسيبقى إلى الأبد شاهدًا يقول لكل العصور:
"هنا... على ضفاف النيل، ولدت الإنسانية،
وهنا... لا تزال تحيا.