هل يتغير الشكل.. استشارى يوضح كيف تتغير كيمياء المخ عندما نشعر بالفرح

الخميس، 30 أكتوبر 2025 10:00 م
 هل يتغير الشكل.. استشارى يوضح كيف تتغير كيمياء المخ عندما نشعر بالفرح الدماغ

كتبت مروة محمود إلياس

عندما تفيض مشاعر السعادة في لحظة غير متوقعة، يظن البعض أن المخ نفسه يتبدل أو يتغير لونه أو شكله، وكأن البهجة تعيد صياغة ملامحه، لكن الحقيقة العلمية تُظهر صورة مختلفة تمامًا، فالبنية التشريحية للدماغ تظل ثابتة، بينما يتغيّر داخله عالمٌ كامل من الإشارات العصبية والأنشطة الكيميائية.

وفقًا لتقرير نشره موقع Harvard Medical School عام 2024، فإن السعادة لا تمسّ الشكل الخارجي للدماغ إطلاقًا، فلا يزداد حجمه ولا تتبدّل فصوصه أو ألوانه، بل تتفاعل داخله مناطق محددة بطريقة أكثر نشاطًا. هذه المناطق هي التي تمنحنا الشعور بالرضا والراحة، لا من خلال تغيّر مادّي، وإنما عبر نشاط كهربائي وكيميائي متزامن يعيد ضبط التوازن العصبي للحظة قصيرة لكنها فعّالة للغاية.

يُعلّق الدكتور عادل سلطان، استشاري الطب النفسي والعصبي بقصر العيني، قائلاً إن "الدماغ لا يتغير شكله عندما يشعر الإنسان بالسعادة، لكنه يتبدّل في طريقة عمله وكيمياء تفاعلاته وهرموناته كذلك ". ويضيف: "إفراز الدوبامين والسيروتونين يُعد بمثابة لغة المخ في التعبير عن الفرح، وهي العملية التي تجعل الإنسان أكثر قدرة على التكيّف مع الضغوط النفسية، وتمنحه مرونة ذهنية أفضل على المدى الطويل".لا يمكن للسعادة أن تُلغي بقية المشاعر، لكنها تعمل على تحقيق نوع من التوازن داخل الشبكات العصبية بين مناطق القلق ومناطق المكافأة. عندما يمر الإنسان بفترات ضغط نفسي، ينخفض مستوى النواقل الكيميائية الإيجابية، ويعلو نشاط اللوزة الدماغية المسؤولة عن الخوف. أما مع المشاعر الإيجابية، فإن الدماغ يُعيد توزيع نشاطه بشكل أكثر استقرارًا، ما يمنح إحساسًا بالهدوء الداخلي والاستقرار الانفعالي.

مناطق الفرح داخل الدماغ

أهم ما يحدث عند الإحساس بالسعادة هو أن ثلاث مناطق رئيسية في الدماغ تنشط بشكل ملحوظ.

القشرة الجبهية الأمامية، وهي المسئولة عن التفكير المنطقي وتنظيم المشاعر، تصبح أكثر حيوية، ما يساعد على اتخاذ قرارات إيجابية وتفسير المواقف بنظرة متفائلة.

النواة المتكئة، المركز الحيوي لنظام المكافأة العصبي، تُفرز كميات أعلى من الدوبامين، وهو الناقل الكيميائي الذي يمنح الشعور بالرضا بعد تحقيق إنجاز أو تلقي دعم نفسي.

اللوزة الدماغية، المسئولة عن معالجة الانفعالات السلبية، تهدأ استجابتها في لحظات البهجة، فيتراجع القلق والخوف، ويعلو الإحساس بالسكينة.

هذه التغيرات لا تظهر كاختلاف في الشكل، لكنها يمكن رؤيتها في أجهزة التصوير الوظيفي للدماغ، إذ تُظهر المناطق النشطة بألوان زاهية تُعبّر عن زيادة تدفق الدم، وهي مجرد رموز رقمية لا تعبّر عن لون حقيقي داخل المخ.

الكيمياء العصبية للسعادة

تؤكد أبحاث المعهد الوطني للصحة (NIH) في تقريره لعام 2023 أن لحظات الفرح تخلق موجة من التفاعل الكيميائي داخل المخ. يزداد خلالها إفراز الدوبامين والسيروتونين والإندورفين، وهي مواد تعمل بتناغم على تهدئة الإشارات العصبية الزائدة وتنشيط مراكز المكافأة، مما يجعل الإنسان أكثر طمأنينة وثقة. هذه التفاعلات لا تغيّر شكل المخ، لكنها تُعيد رسم خريطة الاتصالات بين الخلايا العصبية بشكل مؤقت، ومع التكرار تتقوّى تلك المسارات، فيما يُعرف علميًا باسم اللدونة العصبية، أي قدرة الدماغ على إعادة ترتيب نفسه استجابة للتجارب المتكررة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب