تُعَدّ جائزة نجيب محفوظ للأدب، التي تُنظّمها الجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ أكثر من ربع قرن، واحدة من أبرز الجوائز الأدبية في العالم العربي، حيث ارتبطت باسم أديب نوبل نجيب محفوظ، واحتفت بكبار الكتّاب والمفكرين الذين أثروا الساحة الثقافية العربية بإبداعاتهم.
وقد ظلت هذه الجائزة، على مدار سنواتها، مساحة للاحتفاء بحرية الفكر والإبداع وتكريم الأصوات الأدبية التي تركت بصمة واضحة، من أمثال لطيفة الزيات، مريد البرغوثي، إبراهيم عبد المجيد، خالد خليفة، وحمور زيادة.
لكن الدورة الحالية شهدت جدلاً واسعاً، بعدما أُثيرت تساؤلات عبر منصات التواصل الاجتماعي حول وجود الباحث الأمريكي رافائيل كوهن ضمن لجنة التحكيم، وهو ما قوبل بانتقادات في ظل تصاعد التوتر الإقليمي والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وذهب عدد من المثقفين إلى الدعوة الصريحة لمقاطعة الجائزة، معتبرين أن وجود اسم كوهن ـ باعتباره باحثاً يهودياً ـ يتعارض مع الموقف العربي الرافض للتطبيع، وأنه "لا يصح أن يقبل المثقفون المصريون أو العرب جائزة تحمل في لجنتها عضواً يرون أنه يقدم دعماً ضمنياً للكيان الصهيوني".
من جانبه أوضح الناقد سيد محمود، عضو لجنة التحكيم، أن ما أُثير "افتعل أزمة غير حقيقية"، مشيراً إلى أن رافائيل كوهن باحث أمريكي مستقل، لا تربطه أي صلة بمؤسسات صهيونية أو إسرائيلية، والجامعة الأمريكية في القاهرة مؤسسة تعمل وفق القوانين المصرية، وتضم قامات أكاديمية ووطنية بارزة، ولا تجوز المزايدة على هذه الحقائق أو التشكيك في نزاهة عمل اللجنة".
وأضاف محمود، أن كل أعضائها لهم مواقف راسخة ضد السياسات الإسرائيلية والصهيونية، لافتًا إلى أن "التفرقة بين ما هو يهودي وما هو صهيوني أمر جوهري، وقد أكدنا ذلك مراراً، نحن لا نعادي الديانات، إنما نرفض الاحتلال وسياساته".
وأشار إلى أن الجائزة منذ انطلاقها ارتبطت بأسماء بارزة دعمت القضية الفلسطينية بشكل مباشر، مثل مريد البرغوثي ولطيفة الزيات، مؤكداً أن ذلك دليل على وضوح موقف الجائزة والتزامها بالقضايا العربية الجوهرية.
كما لفت محمود إلى أن الدكتورة هدى الصدة، رئيسة لجنة التحكيم، ناشطة في حملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، وقال: "نحن ندرك تماماً حساسية المرحلة ونضع أسماءنا في موضع يحافظ على قيمنا، ونعمل تطوعاً من أجل صون اسم نجيب محفوظ والحفاظ على قيمة هذه الجائزة العربية المهمة".