نفذت شركات البورصة، أعلى قيمة زيادة في رؤوس الأموال خلال أول 10 شهور من عام 2025، مسجلة نحو 47.3 مليار جنيه، في خطوة تعكس النشاط المتصاعد داخل السوق ورغبة الشركات في تعزيز مراكزها المالية وتمويل خططها التوسعية.
وفي مقدمة تلك النماذج تبرز بلتون القابضة، التي نفذت واحدة من أكبر زيادات رؤوس الأموال في تاريخ السوق المصري، بقيمة 10.9 مليار جنيه، في خطوة جسدت الثقة في الاقتصاد المحلي وقدرته على استيعاب توسعات استثمارية طويلة الأجل.
نجحت بلتون في تحويل هذه الزيادة الضخمة إلى أداة للنمو الحقيقي، بعدما استخدمت نحو 70% من الحصيلة وفقًا للخطة المعلنة في نشرة الاكتتاب، فبدلًا من توجيه الأموال لتغطية مصروفات أو تحسين موازنة قصيرة المدى، ضخت المجموعة السيولة الجديدة في استثمارات استراتيجية امتدت عبر التمويل والتخصيم والتأجير التمويلي والتمويل العقاري، إلى جانب دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقد بلغت الزيادات في رؤوس أموال الشركات التابعة نحو 5.7 مليار جنيه، بما مكن المجموعة من توسيع قدراتها التمويلية وتعزيز مكانتها كمؤسسة مالية متكاملة الخدمات، ذا التوجه لم يكن صدفة، ولكن جزء من خطة مدروسة تهدف إلى بناء نموذج تشغيلي متنوع ومستدام، يعتمد على التكامل بين أدوات التمويل المختلفة، والبنية التكنولوجية المتطورة التي تمكن بلتون من الوصول إلى شرائح أوسع من العملاء.
انعكست هذه التحركات على الأداء المالي للمجموعة خلال النصف الأول من عام 2025، إذ تجاوزت محفظة التمويل والتخصيم 14.5 مليار جنيه بنسبة نمو تقارب 78%، كما تضاعفت الإيرادات لتصل إلى 3.3 مليار جنيه، وصعد صافي الربح إلى 1.3 مليار جنيه، بفضل التوسع المدروس في التمويل غير المصرفي والأنشطة الاستثمارية، كما ارتفع حجم أعمال التمويل متناهي الصغر إلى 4.5 مليار جنيه، لتصبح بلتون واحدة من أبرز الشركات التي تساهم في تحقيق الشمول المالي من خلال تمويل آلاف المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم الأنشطة الإنتاجية والخدمية التي تولّد فرص عمل جديدة.
يرى محللون ماليون، أن ما قامت به بلتون يتجاوز البعد المالي التقليدي، إذ أعادت الشركة تعريف مفهوم "الزيادة الرأسمالية" بوصفها استثمارًا في المستقبل، وليس مجرد تمويل إضافي، فالمجموعة استطاعت أن تبني هيكلًا مؤسسيًا يجمع بين الخدمات التمويلية والاستثمارية تحت مظلة واحدة، مدعومًا بمنظومة رقمية متقدمة تتيح التكامل بين الأنشطة المختلفة، بما يواكب التحول التشريعي والرقمي الذي تشهده السوق المصرية.
ويضيف الخبراء أن هذه التجربة تقدم نموذجًا يمكن أن يُحتذى به داخل السوق، إذ تعكس كيف يمكن لحصيلة زيادات رؤوس الأموال أن تتحول إلى أداة للنمو الوطني إذا ما تم توجيهها نحو القطاعات الإنتاجية الحقيقية.
تحرص بلتون على توجيه جزء من استثماراتها الجديدة نحو القطاعات ذات القيمة المضافة في الاقتصاد، مثل التمويل العقاري وتمويل المشروعات الصغيرة، والأنشطة المرتبطة بالتحول الأخضر والطاقة المستدامة.
فالمجموعة تتعامل مع رؤوس الأموال الجديدة كفرصة لإعادة توزيع الاستثمارات على نحو يخدم الاقتصاد الحقيقي، ويرفع كفاءة التمويل الموجه إلى القطاعات الإنتاجية والخدمية، وبذلك، أصبحت بلتون ليست مجرد مؤسسة مالية، ولكن أحد الفاعلين الرئيسيين في تحريك السيولة داخل السوق، وتحفيز الاستثمار الخاص والعام عبر أدوات تمويلية مرنة ومبتكرة.
بجانب ذلك تتبنى "بلتون" استراتيجية طويلة المدى ترتكز على الاستثمار في التكنولوجيا المالية وتوسيع الحضور الإقليمي في الأسواق العربية والأفريقية، بما يعزز من تنافسيتها كمؤسسة مالية رائدة، وتسعى المجموعة إلى استثمار مواردها في بناء بنية تحتية رقمية متكاملة تدعم عمليات التمويل الذكي، وتتيح إدارة المخاطر بشكل أكثر كفاءة، مع التركيز على التحول نحو التمويل المستدام بما يتماشى مع توجهات الدولة لتعزيز الاقتصاد الأخضر.