تتوالى الإدانات الدولية والحقوقية لما تشهده مدينة الفاشر السودانية من انتهاكات كبيرة، جراء حالات القتل الجماعي والإعدامات الميدانية التي ترتكبها قوات الدعم السريع، وسط تحذيرات متصاعدة من كارثة إنسانية تهدد حياة عشرات الآلاف من المدنيين العالقين في المدينة التي باتت مسرحًا لمواجهات دامية.
دبلوماسيا، أعربت جمهورية مصر العربية عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في جمهورية السودان الشقيقة، وتدعو لاتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لتحقيق هدنة إنسانية فورية في جميع أرجاء السودان، وصولًا إلى الوقف الدائم لإطلاق النار، بما يحفظ أرواح المدنيين وسبل معيشتهم اليومية، ويصون مقدرات البلاد.
وتؤكد في هذا الصدد مواصلتها تقديم كل الدعم الممكن للسودان الشقيق لتخطي محنته الحالية.
كما تشدد مصر على موقفها الثابت الداعم لسيادة السودان، وصون وحدته، وسلامته الإقليمية، ودعم مؤسساته الوطنية، وعلى الرفض القاطع لأي محاولات لتقسيم السودان او الإخلال بوحدته وسلامة أراضيه.
وفي بيان صادر عن الأمانة العامة، أدانت الجامعة بأشد العبارات ما وصفته بـ"الجرائم الوحشية" ضد المدنيين الأبرياء، مشيرة إلى أن الاعتداءات التي طالت النساء والأطفال تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ولقرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرار 2736 (2024) الذي طالب برفع الحصار عن المدينة وضمان حماية المدنيين.
وأكدت الجامعة العربية، أن ما يحدث في الفاشر يمثل تحديًا صارخًا للجهود الدولية الرامية لإحلال السلام في السودان، مجددة دعوتها إلى الوقف الفوري لأعمال العنف كافة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة بحق السكان المدنيين.
وشددت الجامعة على أن استقرار السودان ووحدة أراضيه يمثلان ركيزة أساسية لوحدة الإقليم واستقرار محيطه، داعية جميع الأطراف إلى تغليب لغة الحوار وتفعيل الجهود السياسية الإقليمية والدولية لوقف نزيف الدم، واستعادة الأمن والسلام في البلاد.
وأدانت شبكة أطباء السودان، في بيان لها، استهداف ميليشيا الدعم السريع، المواطنين في مدينة الفاشر، وكذلك اقتحام ونهب المرافق الطبية والصيدليات.
وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بالتحرك الفوري لحماية المدنيين ومحاسبة الجناة أمام العدالة الدولية.
وفي وقت سابق، طالب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، بتوفير ممر آمن للمدنيين المحاصرين في مدينة الفاشر السودانية، بعدما أعلنت ميليشيا الدعم السريع، أمس الأحد، سيطرتها الكاملة على المدينة.
وأعرب "فليتشر" عن "قلقه العميق" إزاء التقارير الواردة عن وقوع ضحايا مدنيين ونزوح قسري واسع النطاق في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، نتيجة للتصعيد الإضافي للقتال والهجمات البرية والقصف المكثف الذي اجتاح المدينة.
وأكد أن مئات الآلاف من المدنيين باتوا محاصرين و"مرعوبين" داخل الفاشر بعد توغل المقاتلين وقطع طرق الهروب.
وفي سياق متصل، دعا حاكم إقليم دارفور مني مناوي، اليوم الاثنين، إلى حماية المدنيين في مدينة الفاشر، حيث تتفشى المجاعة، بعدما أعلنت ميليشيا الدعم السريع السيطرة عليها.
وذكر "مناوي": "نطالب بحماية المدنيين، والإفصاح عن مصير النازحين، وبتحقيق مستقل في الانتهاكات والمجازر التي تقوم بها ميليشيا الدعم بعيدًا من الأنظار"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأوضحت القوة المشتركة في بيان، اليوم الثلاثاء، أن معظم الضحايا في الفاشر من النساء والأطفال والشيوخ، وهو ما وصفته بأنه "مشهد يندى له جبين الإنسانية".
وحمّلت القوة كل الداعمين للدعم السريع كامل المسؤولية الجنائية، والأخلاقية، والقانونية عما يجري من انتهاكات تمثل جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية.
كما طالبت الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمنظمات الدولية والحقوقية، بضرورة تصنيف الدعم السريع، والعمل على تقديم عناصرها من الجناة إلى العدالة الدولية.
وجددت القوة المشتركة تعهدها بأن "تظل مدينة الفاشر صامدة في وجه الهجمة البربرية الغاشمة التي تشنها الميليشيا"، مؤكدة بقاءها على العهد والقتال تحت قيادة القوات المسلحة السودانية، دفاعًا عن الشعب السوداني، مع التزامها الكامل بـالقانون الإنساني الدولي.