مش مجرد لعب.. الاستخدام المفرط للشاشات يتحول إلى إدمان خفى

الأحد، 26 أكتوبر 2025 06:00 م
مش مجرد لعب.. الاستخدام المفرط للشاشات يتحول إلى إدمان خفى إدمان الشاشات

كتبت مروة محمود الياس

أصبح العالم اليوم يعيش داخل دائرة من الشاشات التي لا تنطفئ. من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر والتلفاز، يتواصل الإنسان مع محيطه عبر وسائط رقمية أكثر من أي وقت مضى. ومع هذا الحضور الطاغي للتكنولوجيا، تزايدت التحذيرات من ظاهرة تُعرف باسم إدمان الشاشة، وهي حالة من الاعتماد النفسي والسلوكي على الأجهزة الإلكترونية تجعل من الانفصال عنها أمرًا شبه مستحيل.

وفقًا لتقرير نشره موقع Addiction Center، فإن الاستخدام المفرط للتقنيات الحديثة لم يعد مجرد عادة سيئة، بل يمكن أن يتطور إلى نمط إدماني يؤثر في كيمياء الدماغ وسلوك الإنسان. إذ تُحفّز الإشعارات والتنبيهات المستمرة مراكز المكافأة في الدماغ، تمامًا كما تفعل بعض المواد المسببة للإدمان، مما يجعل المستخدم يسعى باستمرار لتكرار التجربة للحصول على نفس الشعور بالرضا اللحظي.

وجوه متعددة للإدمان الرقمي
 

لا يقتصر الإدمان على نوع واحد من الأجهزة أو التطبيقات، بل يمتد ليشمل الهاتف المحمول، الإنترنت، ألعاب الفيديو، ووسائل التواصل الاجتماعي. فبينما ينغمس البعض في تصفح الشبكات الاجتماعية لساعات طويلة بحثًا عن التفاعل والاهتمام، يجد آخرون أنفسهم أسرى الألعاب الإلكترونية أو التسوق عبر الإنترنت. هذه الأنشطة، وإن بدت في ظاهرها ترفيهية، تتحول مع الوقت إلى سلوك قهري يتعارض مع متطلبات الحياة اليومية، كالعمل والعلاقات الاجتماعية والنوم المنتظم.

حين تتحدث الأرقام
 

تشير التقديرات الحديثة إلى أن المستخدم العادي يقضي أكثر من سبع ساعات يوميًا أمام الشاشات لأغراض العمل والترفيه معًا، وهو وقت كافٍ لإحداث تغيرات سلوكية وجسدية واضحة. فقد ربطت دراسات عديدة بين الاستخدام المفرط للشاشات وبين مشاكل مثل إجهاد العين، آلام الرقبة والكتف، ومتلازمة رؤية الكمبيوتر التي تصيب من يقضون فترات طويلة أمام الأجهزة. كما أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يعيق إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، ما يؤدي إلى الأرق المزمن واضطراب الساعة البيولوجية.

انعكاسات على المزاج والصحة النفسية
 

لا تتوقف الآثار السلبية عند الجانب الجسدي، بل تمتد إلى الصحة النفسية والعاطفية. فقد وجد الباحثون أن زيادة وقت الشاشة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، خاصة لدى المراهقين والنساء. والسبب في ذلك يعود إلى حالة “الانفصال الاجتماعي” التي يعيشها المستخدم رغم اتصاله الدائم بالعالم الافتراضي. فالتركيز المستمر على المحتوى الرقمي يقلل من فرص التفاعل الإنساني الواقعي ويضعف القدرة على التواصل العاطفي.

القلق الخفي والضغوط الرقمية
 

يظن كثيرون أن تصفح الهاتف بعد يوم متعب وسيلة للاسترخاء، لكن الواقع أن الدماغ لا يجد راحته وسط سيل الإشعارات والأخبار والمقاطع المحفزة. ويولد هذا ما يسمى بـ"القلق الرقمي"، وهو مزيج من التوتر والخوف من تفويت شيء مهم أو التأخر عن متابعة الأحداث. هذه الحالة، إلى جانب انخفاض تقدير الذات الناتج عن المقارنة المستمرة بالآخرين عبر وسائل التواصل، تجعل الفرد عالقًا في حلقة من التوتر والإنهاك النفسي.

كيف يمكن كسر الحلقة؟
 

ينصح الخبراء باتباع ما يُعرف بـ قاعدة 20-20-20 لتخفيف إجهاد العين: بعد كل 20 دقيقة من استخدام الشاشة، يُنصح بالنظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية. كما يُعد تحديد أوقات لاستخدام الهاتف، وإيقاف الإشعارات غير الضرورية، من الخطوات الفعالة لاستعادة السيطرة على العادات الرقمية.
وفي حالات الإدمان الشديد، قد يتطلب الأمر تدخلًا علاجيًا يشمل العلاج السلوكي المعرفي لتعديل أنماط التفكير المرتبطة بالاستخدام المفرط، أو العلاج القائم على اليقظة الذهنية الذي يساعد على تهدئة الذهن وإعادة الوعي إلى اللحظة الحاضرة.

عندما تكون العائلة جزءًا من العلاج
 

يشير الأطباء إلى أن العلاج لا يقتصر على الفرد فقط، بل يمتد إلى محيطه الاجتماعي. فالعلاج الأسري يساهم في تحسين التواصل ووضع حدود واضحة لاستخدام الأجهزة داخل المنزل. كما يمكن لجلسات الدعم الجماعي أن تمنح المرضى شعورًا بالتفهم والمساندة من أشخاص يواجهون المشكلة نفسها، مما يعزز من فرص التعافي.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة