الصادرات الزراعية ركيزة أساسية فى الهيكل الاقتصادى المصرى، وشريانًا حيويًا يغذى الميزان التجارى للبلاد، ويعكس مدى تنافسية وجودة المحصول المصرى فى الأسواق العالمية.
وخلال السنوات الأخيرة، شهد هذا القطاع جهودًا مكثفة لتطوير منظومة الإنتاج والتصنيع والتسويق، لضمان توافق المنتجات مع أعلى المعايير الدولية، الأمر الذى جعل الصادرات الزراعية تتصدر قائمة الرابحين فى سلة المنتجات المصدرة، محققة أرقامًا قياسية تؤكد الدور المتنامى لمصر كمركز إقليمى لتصدير الغذاء.
وفى ظل هذه الديناميكية الإيجابية، جاءت تصريحات وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، علاء فاروق، لتؤكد حجم هذا الإنجاز، معلنةً عن قفزة نوعية فى الأداء التصديرى فقد أكد أن الصادرات الزراعية المصرية شهدت طفرة تاريخية غير مسبوقة خلال العام الحالى، متجاوزة 7.5 مليون طن من المنتجات الزراعية الطازجة والمصنّعة. وتمثل هذه الكمية زيادة قدرها 650 ألف طن عن العام الماضى، ما يعكس نجاحًا ملموسًا فى الأداء التصديرى للقطاع الزراعى المصري.
وكشف فاروق عن جهود قائمة لإقامة منطقة لوجستية متكاملة بميناء دمياط. وتهدف هذه المنطقة إلى تسريع عمليات التداول والإفراج عن البضائع فى الميناء، بما يضمن سلاسة ومرونة أكبر للمصدرين.
وفى خطوة مهمة لتعزيز كفاءة النقل الدولى وتقليل التكاليف، أشار فاروق إلى ضرورة استفادة الشركات المصدرة من خدمات النقل الدولى التى يتيحها خط "الرورو" (Ro-Ro) البحرى بين دمياط وترييستا الإيطالية، مشيرًا إلى أن هذا الخط الملاحى الحيوى ينقل الحاويات المبردة فى غضون 34 ساعة فقط إلى إيطاليا، ومنها إلى شبكة سكك حديدية تصل لمختلف أنحاء أوروبا، مما يوفر الكثير من الوقت والتكلفة.
و تشكل الصادرات الزراعية المصرية تنوعًا كبيرًا يغطى أسواقًا عالمية واسعة، وتتصدر هذه القائمة منتجات رئيسية أسهمت فى تحقيق الطفرة التصديرية الأخيرة.
وتأتى الموالح (مثل البرتقال واليوسفي) فى المقدمة، حيث تُعد مصر من أكبر مصدريها عالميًا، تليها البطاطس الطازجة والمجهزة التى تتمتع بجودة عالية ومواصفات قياسية كما تلعب الحاصلات المحاصيل الآخرى مثل الفاصوليا والبازلاء، والخضراوات الورقية كالبصل والثوم، والفواكه الصيفية كالمانجو والعنب والفراولة، دورًا محوريًا ويعكس هذا التنوع قدرة القطاع على تلبية متطلبات الأسواق المختلفة ويؤكد نجاح البرامج الرقابية التى تضمن سلامة وجودة المنتج المصدر.
ولم يقتصر النجاح على المنتجات الطازجة فحسب، بل شمل أيضًا المنتجات الزراعية المصنعة وذات القيمة المضافة فقد زاد الطلب على الخضروات والفاكهة المجمدة والمعلبة التى تزيد من فترة صلاحية المنتج وتسهل وصوله إلى أسواق بعيدة، إلى جانب النباتات الطبية والعطرية والتوابل التى تحظى بسمعة ممتازة عالميًا ويشجع هذا التوجه نحو التصنيع الزراعى على زيادة الربحية للمزارعين والمصدرين، ويعزز من التنافسية الكلية للمنتجات المصرية فى الأسواق الدولية التى تبحث عن خيارات غذائية متنوعة وعالية الجودة.
يذكر أن تحقيق هذه الطفرة التاريخية فى الصادرات الزراعية، بالإضافة إلى الخطوات العملية لدعم البنية التحتية اللوجستية كإنشاء المنطقة اللوجستية بميناء دمياط وتفعيل خط الرورو، يؤكد مضى الدولة بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها فى خريطة التجارة العالمية للغذاء.
وتعد هذه الإنجازات مؤشرًا قويًا على استدامة النمو فى هذا القطاع، ليس فقط من خلال زيادة الكميات المصدرة، ولكن أيضًا من خلال التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة ويظل هذا التوجه الاستراتيجى هو الضمانة الأكيدة لدعم الميزان التجارى، وتوفير العملة الصعبة، وتأمين مستقبل اقتصادى مستدام وشامل للأجيال القادمة.