أنيس منصور فى ذكرى رحيله.. ماذا قال عن الوجودية؟

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 03:00 م
أنيس منصور فى ذكرى رحيله.. ماذا قال عن الوجودية؟ الوجودية

كتب محمد فؤاد

تمر، اليوم، ذكرى رحيل الكاتب والأديب والفيلسوف المصرى الكبير أنيس منصور الذى اشتهر بالكتابة الفلسفية عبر مجموعة كبيرة من أعماله، إذ رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 21 أكتوبر من عام 2011م، تركًا خلفه إرثًا أدبيًا ضخمًا، ولعل من أبرز إبداعاته أنه أول من تحدث عن الوجودية من خلال كتابه "الوجودية" الذى نشر فى بداية مشواره الأدبى.

كتاب الوجودية

حسب ما جاء على غلاف الكتاب على لسان الناشر: إن الوجودية لا تريح القارئ ولا تريح من يفهمها ولا من يعيشها.. لأنها توقظ فيه كل حس وتعلق أضواءً و أجراسًا على كل وظائفه وصفاته وعيوبه وآماله ومخاوفه فهي لا تريح، بل تخيف.. تخيفك أنت، لأنها تضع على كتفيك مسئولية كبرى، إنها تجعل منك مشرعًا لك ولكل الناس.. أليس هذا مخيفًا؟ ولهذا فإن أيسر الطرق في الفلسفة هو القراءة عن المذهب الفلسفي.. أو عن الفيلسوف، أي فيلسوف، وبعد ذلك يجيء الاقتراب من الفيلسوف نفسه.. أما الذهاب الى الفيلسوف مباشرة فإنه صعب والأفضل أن نذهب إلى معارفه أو أصدقائه أو جيرانه.

أنيس منصور عن الوجودية

ويقول أنيس منصور فى مقدمة كتابه: هذه المقالات "عن" الوجودية.. وهي لغير المتخصصين في الفلسفة، وقد راعيت فيها أن أبتعد قدر استطاعتي عن المصطلحات الفلسفية، أو مصطلحات أبناء المهنة الفلسفية، التي لا يعرفها غير المشتغلين بالفلسفة.

وهذه المقالات قد نشرت في أوقات متباعدة، وكنت أحس عند كتابة كل واحدة منها أننى مضطر إلى أن أعرف القارئ بسرعة: ما هى الوجودية؟ وأن أدافع بسرعة أيضا عنها ضد الأوهام العالقة بها، ولذلك فقد تكرر الحديث عن الفلسفة الوجودية في بعض المقالات، بصور وعبارات مختلفة، فكان هذا التكرار خيطا يربطها بعضها ببعض.

وأنا أنصح القراء غير المتخصصين أن يبدأوا بالقراءة عن الوجودية، قراءة القصص والمسرحيات والدراسات التي ترجمت إلى العربية.

وأيسر الطرق في الفلسفة هو القراءة عن المذهب الفلسفي أو عن الفيلسوف، أى فيلسوف، وبعد ذلك يجيء الاقتراب من الفيلسوف نفسه، أما الذهاب الى الفيلسوف مباشرة فإنه صعب، وأحسن منه أن تذهب إلى معارفه، إلى أصدقائه، إلى جيرانه، إلى الذين جلسوا إليه ومعه وناقشوه، فالمستقيم في الفلسفة ليس أقصر خط بينك وبين الفيلسوف، ويحسن أن تستعين بسلالم خشبية إذا أردت أن تصعد إلى الفيلسوف، وأن تستخدم منظارا إذا أردت أن تطيل النظر إليه، هذه السلالم وهذا المنظار، هي جميعا ما كتب عن الفيلسوف.

وبعد ذلك تستطيع أن تصعد إليه على قدميك، وأن تتطلع إليه بعينك المجردة، وأن ترفع الكلفة بينك وبينه، وأقصى ما يتمناه الفيلسوف أن تصبح العلاقة بينه وبينك هي علاقة صداقة ومودة، وأن تخاطبه بكلمة: أنت، بدلا من أن تخاطبه بكلمة: حضرتك أو سيادتك أو فلسفتك.

وفي كل هذه المقالات أكرر أن الوجودية اتجاه جاد مخلص فى الفلسفة، والأدب، وأن الأدعياء يأخذون منها ما يرضى غرورهم، ما يرضى عجزهم عن الفهم وعن الصبر وعن القراءة المتواصلة، وأن الكثير منهم حين يسمعون بالوجودية يضعون أيديهم على أثمن شيء يملكونه، إنهم يحسون بالفزع، بالضياع، بأن شيئا جديدا سيجردهم من ثروتهم.. فهذا يضع يده على عقله، أو على قلبه، أو على غروره، أو على نفاقه الاجتماعي والديني.

والوجودية لا تريح القارئ ولا تريح من يفهمها ولا من يعيشها، لأنها توقظ فيه كل حس، وتعلق أضواء وأجراسا على كل وظائفه وصفاته وعيوبه وأماله ومخاوفه، إنها تنفخ في الصور، فتقوم وأنا أطلب إلى القارئ غير المتخصص أن يقرأ "عن" الوجودية فمعلوماته التي سيجمعها عن الوجودية هي بمثابة السوائل التي تذوب فيها المواد الجافة الصلبة، والفلسفة جافة صلبة، وهي تحتاج إلى مواد تذوب فيها، إن هذه المعلومات هي القنوات المليئة بالماء الذي تسبح فيها كل السفن الخشبية أو الحديدية، التي بناها الفلاسفة فإلى أن تصدر فى مصر كتب عن الوجودية، ثم كتب وجودية.. لا بد أن تكون الكتابة عن الوجودية بحروف ضخمة حتى تهتدى إليها العيون، وأن تكون صارخة حتى تبلغ كل أذن، وأخيرا.

فهذه المقالات، محاولات متكررة للإشارة إلى الوجودية، وهي إشارة فقط، إنها أصبع صغير تشير إلى قصر كبير، ولا يزال القصر كبيرا ولا تزال الأصبع تشير وإن كانت صغيرة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب