الطاقة من أسطورة النار إلى الطاقة النووية.. الإنسان وترويض الطبيعة

الأحد، 19 أكتوبر 2025 07:00 م
الطاقة من أسطورة النار إلى الطاقة النووية.. الإنسان وترويض الطبيعة محطات نووية - أرشيفية

محمد عبد الرحمن

منذ آلاف السنين، سعى الإنسان إلى ترويض قوى الطبيعة بحثًا عن مصادر للطاقة تلبّي احتياجاته اليومية وتدفع عجلة تقدمه. ومع كل اكتشاف جديد، كان ينتقل بخطوة كبيرة نحو حضارة أكثر تطورًا. فمن النار التي أضاءت الكهوف الأولى، إلى المفاعلات النووية التي تمد مدنًا كاملة بالكهرباء، تشكّل قصة الطاقة واحدة من أهم القصص في تاريخ البشرية.

اكتشاف النار كان نقطة التحول الكبرى في حياة الإنسان البدائي، فبفضلها استطاع أن يطهو طعامه ويحتمي من برد الشتاء وظلام الليل، كما مكنته من تشكيل المعادن وإنتاج الأدوات، وكانت النار أول وسيلة طاقة عرفها الإنسان، وظلت لقرون طويلة رمزًا للحياة والتطور.

وكانت الأساطير الإغريقية تؤمن بقدسية النار، وترمز تلك الأسطورة إلى قيام "بروميثيوس" الذى كان موكلا من قبل الإله "زيوس" بخلق المخلوقات بسرقة النار ومنحها إلى البشر، وتنسب فكرتها فى العصر الحديث إلى المهندس المعمارى الهولندى "يان ويليس" الذى صمم برجا لحفظ الشعلة محترقة فيه بشكل متواصل خلال الألعاب الأولمبية بأمستردام الهولندية عام 1928.

مع حلول القرن الثامن عشر، دخل العالم مرحلة جديدة عُرفت بـ"الثورة الصناعية"، وكان الفحم الحجري هو الوقود الذي أشعلها، فقد استخدم لتشغيل القاطرات البخارية والمصانع، ما أحدث طفرة اقتصادية غير مسبوقة، غير أن الفحم ترك أيضًا بصمته السلبية، حيث تسبب في انبعاثات كثيفة وتلوث بيئي واسع النطاق في المدن الصناعية.

مع اكتشاف النفط وتطوّر تقنيات استخراجه وتكريره، انتقل العالم إلى ما يُعرف بـ"عصر النفط"، والنفط الخام، وهو سائل أسود غني بالهيدروكربونات، أصبح المصدر الأهم للطاقة عالميًا، إذ يغطّي نحو 38% من استهلاك الطاقة في العالم، يتميز بسهولة نقله وتحويله إلى مشتقات مختلفة مثل البنزين والديزل والغاز المسال، ما جعله عصب الصناعة والنقل الحديث.

وتحتل منطقة الشرق الأوسط موقعًا محوريًا في خريطة النفط العالمية، حيث تمتلك المملكة العربية السعودية أكبر احتياطي مؤكد يقدّر بأكثر من 260 مليار برميل، مما جعلها من أبرز الدول المصدّرة للطاقة.

في منتصف القرن العشرين، دخل العالم عصرًا جديدًا من الطاقة قائمًا على الانشطار النووي لذرات اليورانيوم، وتعد الطاقة النووية من أكثر أنواع الطاقة كفاءة، إذ تنتج كميات هائلة من الكهرباء دون انبعاثات كربونية كبيرة، إلا أن استخدامها يثير جدلًا واسعًا بسبب مخاطر التسرب الإشعاعي وصعوبة التخلص من النفايات النووية، إلى جانب ارتفاع تكاليف إنشائها وصيانتها.

ورغم ذلك، تواصل العديد من الدول الاستثمار في هذا المجال لما يوفره من استقرار في الإمدادات وتنوع في مصادر الطاقة، من النار التي غيّرت نمط حياة الإنسان الأول، إلى المفاعلات النووية التي تمد العالم بالكهرباء، مرّت البشرية بمراحل طويلة من البحث والابتكار في مجال الطاقة.

واليوم، بينما تواجه الأرض تحديات الاحتباس الحراري وتراجع الموارد، تتجه الأنظار نحو مستقبل جديد يعتمد على الطاقة المتجددة كالشمس والرياح والمياه، في محاولة لصياغة معادلة توازن بين التقدم والحفاظ على البيئة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة