لا شيء يضاهي قيلولة منتصف النهار في قدرتها على إنعاش الجسد والعقل معًا، فبينما يظن البعض أن القيلولة نوع من الكسل أو الترف، يؤكد الأطباء وخبراء النوم أنها واحدة من أفضل أشكال العناية بالنفس، إذ تساعد على إعادة شحن الطاقة، وتحسين المزاج، وتعزيز التركيز، بل وتمتد فوائدها لتشمل حماية الدماغ من التدهور مع التقدم في العمر، بحسب موقع brain.
وأكد أخصائي النوم الدكتور رافائيل بيلايو، من مركز ستانفورد لطب النوم في كاليفورنيا، إن النوم والقيلولة هما أفضل وسيلتين للاعتناء بالنفس، لأنهما يمنحان الجسم والعقل فرصة للتجدد.
وأضاف: "عندما تأخذ قيلولة، يقوم الدماغ بأعمال صيانة داخلية تجعلك أكثر يقظة واستعدادًا لأي نشاط لاحق، سواء كان قضاء وقت ممتع مع العائلة، أو ممارسة الرياضة، أو إنجاز المهام اليومية".لكن القيلولة ليست مجرد إغماض عينين لوقت قصير، فهناك "طريقة صحيحة" لأخذها لتحقيق أقصى فائدة ممكنة.
في هذا التقرير، نستعرض ما تقوله الأبحاث العلمية عن فوائد القيلولة، وأسباب تغير النوم مع التقدم في السن، وأهم خمس نصائح يقدمها الخبراء للحصول على قيلولة مثالية.
لماذا يتغير النوم مع التقدم في العمر؟
توضح الدكتورة كريستينا بالانج، الأستاذة المساعدة السريرية في طب الشيخوخة بجامعة أريزونا، أن النوم يتغير بشكل طبيعي مع تقدم العمر فقد يستغرق الإنسان وقتًا أطول حتى ينام، كما يزيد احتمال الاستيقاظ عدة مرات خلال الليل.
وتشير بيانات المعاهد الأمريكية للصحة إلى أن كبار السن يستيقظون ثلاث إلى أربع مرات في الليلة الواحدة، ويقضون وقتًا أقل في مرحلة النوم العميق، وهي المرحلة التي يحتاجها الجسم لاستعادة نشاطه وإصلاح الخلايا.
وتضيف بالانج أن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى ضعف جودة النوم الليلي، من أبرزها:
الاكتئاب أو التوتر النفسي.
الآلام المزمنة التي تعيق النوم المتواصل.
اضطرابات التنفس مثل انقطاع النفس أثناء النوم.
بعض الأدوية، خاصة مدرات البول ومسكنات الألم وأدوية القلق.
كل هذه العوامل تؤثر في جودة النوم، وتؤدي إلى الشعور بالإرهاق أثناء النهار، مما يجعل القيلولة وسيلة طبيعية لاستعادة التوازن والطاقة.
كيف يمكن للقيلولة أن تساعد الدماغ؟
عندما يكون العقل متعبًا، تظهر أعراض واضحة مثل التشوش الذهني وصعوبة التركيز وضعف القدرة على اتخاذ القرار أو حل المشكلات.
وقد يشعر الشخص بالبطء في ردود أفعاله، مما يزيد خطر التعرض للحوادث أو السقوط.
لكن قيلولة قصيرة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا فقد أظهرت دراسة جديدة الأشخاص فوق سن الستين الذين اعتادوا أخذ قيلولة بعد الظهر أظهروا أداءً أفضل في اختبارات الذاكرة مقارنة بمن لم يأخذوا قيلولة على الإطلاق.وأوضحت الدراسة أن القيلولة المثالية كانت قصيرة، تتراوح بين خمس دقائق وساعتين كحد أقصى.
وأشارت دراسة حديثة من كلية لندن الجامعية إلى أن القيلولة المنتظمة يمكن أن تبطئ معدل انكماش الدماغ المرتبط بالعمر، فمع التقدم في السن، تنكمش بعض أجزاء الدماغ المسئولة عن التعلم والذاكرة، لكن القيلولة تسهم في الحفاظ على حجم الدماغ، وهو مؤشر على صحة إدراكية أفضل.
بمعنى آخر، القيلولة لا تعيد لك النشاط فحسب، بل تحافظ أيضًا على شباب دماغك لفترة أطول.
القيلولة الطويلة قد تضر أكثر مما تنفع رغم فوائد القيلولة القصيرة، يحذر الخبراء من أن القيلولة الطويلة قد تكون ضارة، خصوصًا لدى كبار السن. فقد وجدت دراسة أن الرجال الذين اعتادوا النوم خلال النهار لمدة ساعتين أو أكثر كانوا أكثر عرضة للإصابة بضعف إدراكي على مدى السنوات التالية، مقارنة بمن كانت قيلولتهم قصيرة تقل عن 30 دقيقة.
وفي دراسة أخرى أُجريت في الصين، وجد أن الأشخاص الذين ينامون أكثر من 90 دقيقة خلال النهار كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 25% مقارنة بمن لا ينامون أو يكتفون بقيلولة قصيرة.
القيلولة القصيرة تنشط الدماغ، أما القيلولة الطويلة فقد تربكه وتؤثر سلبًا على النوم الليلي.
5 نصائح لقيلولة مثالية وصحية:
1. اختر التوقيت المناسب
أفضل وقت للقيلولة هو بعد الغداء، حين تنخفض مستويات اليقظة الطبيعية للجسم بسبب الساعة البيولوجية القاعدة المثالية هي أخذ القيلولة قبل موعد النوم الليلي بست إلى سبع ساعات، فإذا كنت تخلد إلى النوم في العاشرة مساءً، اجعل قيلولتك في الثالثة عصرًا.
2. هيئ بيئة مريحة
ابحث عن مكان هادئ ومظلم ومريح، بعيد عن الضوضاء والإزعاج استخدم ستائر معتمة أو قناعًا للعينين وسدادات للأذن إذا لزم الأمر.
كما يمكن تشغيل أصوات هادئة مثل خرير الماء أو أمواج البحر للمساعدة على الاسترخاء.
3. اضبط منبهًا
لا تترك نفسك للنوم العميق، لأن القيلولة الطويلة قد تسبب خمولًا عند الاستيقاظ، وهو ما يعرف بـ "خمول النوم". يوصي الخبراء بألا تتجاوز القيلولة 40 دقيقة لضمان الاستيقاظ بنشاط وحيوية.
4. جرب كوب قهوة قبل القيلولة
قد يبدو غريبًا، لكن الدراسات تشير إلى أن تناول كوب قهوة قبل القيلولة يمكن أن يزيد من النشاط عند الاستيقاظ. فالكافيين يبدأ تأثيره بعد نحو 20 دقيقة، أي عند نهاية القيلولة تقريبًا، مما يجعلك أكثر يقظة وانتعاشًا بعد الاستيقاظ.
5. لا تقلق إذا لم تنم
حتى إذا لم تتمكن من النوم فعليًا، يكفي أن تغلق عينيك وتسترخي بعمق فالتنفس الهادئ وإراحة العقل يمكن أن يمنحا تأثيرًا مهدئًا مشابهًا للنوم القصير، ويساعدان على تقليل التوتر وتحسين المزاج.