جدل الحجاب يتزايد فى إيران.. تراجع القيود الرسمية بعد عقود من الإلزام.. مقتل رئيسى أعاق تطبيق قانون الحجاب والعفاف ومسعود بزشكيان رفضه.. حرب الـ 12يوماً نقطة تحول.. ومسئول إيرانى: لا يوجد قانون ملزم بالحجاب

السبت، 18 أكتوبر 2025 05:00 ص
جدل الحجاب يتزايد فى إيران.. تراجع القيود الرسمية بعد عقود من الإلزام.. مقتل رئيسى أعاق تطبيق قانون الحجاب والعفاف ومسعود بزشكيان رفضه.. حرب الـ 12يوماً نقطة تحول.. ومسئول إيرانى: لا يوجد قانون ملزم بالحجاب إيرانية تسير بأحد شوارع طهران

إيمان حنا

تشهد إيران مؤخرا تحولات تدريجية في أنماطها السياسية والفكرية والاجتماعية، ويُعد غطاء رأس المرأة من أكثر القضايا الجدلية في إيران لأكثر من قرنين، ومؤخرا شوهدت نساء إيرانيات في الشوارع لأول مرة بدون حجاب وأخريات يقدن الدراجات النارية، كما بدأت تنتشر المقاهى وحفلات السهر الموسيقية، ما دفع كثيرون للتساؤل عما يحدث في إيران؟!

لم يعد في إيران قانون يجبر المرأة على ارتداء الحجاب، بعد أن رفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في مارس الماضي تنفيذ قانون العفاف والحجاب الذي أقره البرلمان،  وقد أحالت الحكومة في ديسمبر الماضي، مشروع القانون إلى المجلس الأعلى للأمن القومي لوقف تنفيذه، بسبب تداعياته على الأمن الإيراني، بعد جدل واسع وانقسام بين السياسيين ورجال الدين والمجتمع المدني.


وبدوره أعلن مجلس الأمن القومي تعليق تنفيذ قانون الحجاب والعفة الذى كان قد أقره براهيم رئيسى قبل وفاته في حادث الطائرة، وهو ما أيده به بزشكيان الذى عرف بمهاجمته للعنف ضد المرأة الإيرانية منذ أن كان مرشحا للرئاسة، مما خفف القبضة الحديدية عن المرأة الإيرانية.


لقد شهدت إيران في السنوات الأخيرة حركات رافضة للقيود المبالغ فيها على حرية المرأة، بعد أن عملت السلطة الدينية على كبح المجتمع عبر فرض القوانين الدينية الصارمة، ومنها الإجبار على ارتداء الحجاب .

88888
 

 

 

سيدة تجلس فى أحد مقاهى طهران
سيدة تجلس فى أحد مقاهى طهران

 

إثارة الجدل ..

أثارت مؤخرا تصريحات محمد باهنر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، الجدل بين التيارين المحافظ والإصلاحي؛ حيث قال إن نظام الحكم أنهى رسمياً سياسة الحجاب الإلزامي، مما أعاد قانون العفاف والحجاب إلى الواجهة.


وجاء ضمن تصريحات باهنر أيضا أن مشروع قانون الحجاب لم يعد قابلاً للمتابعة، قانونياً وحقوقياً، ولم يعد هناك أي إلزام أو غرامات مالية أو عقوبات بخصوصه و أن 10 في المائة من سكان إيران متدينون محافظون، أما 90 في المائة فيرغبون فقط في العيش وبناء مستقبل لهم، وحالياً لا يوجد قانون ملزم وقابل للتنفيذ بشأن الحجاب، القرار العام للنظام في الوقت الراهن هو أن قانون الحجاب الإلزامي غير واجب التطبيق، وإذا صادفتم أي إجراء أو غرامة تُفرض بخلاف هذا القرار، يمكنكم الإبلاغ عن ذلك عبر رقم الشرطة 110، فالقرار العام للنظام حالياً هو أن قانون الحجاب غير واجب التطبيق.


وقد قوبلت تصريحات باهنر بردود  فعل عنيفة من أوساط محافظة، فقد قال حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان المقربة من مكتب المرشد الإيراني: ليت باهنر أوضح ما إذا كان يعتبر التعري وحده جريمة، وهل يرى أن خلع الحجاب مباح طالما لم يصل إلى حد التعري؟ وإن كان يقصد ذلك فعليه أن يبين لنا كيف يتوافق هذا الرأي مع القوانين النافذة والأسس الشرعية.

وطالب شريعتمداري بتوضيح ما يقصده باهنر من الحجاب الإلزامي، وما إذا كان يعتقد أن الحجاب واجب شرعي وضرورة قانونية أم لا؟.
كما شن أحمد راستينه، المتحدث باسم اللجنة الثقافية في البرلمان، هجوماً حاداً على باهنر قائلاً إن مصطلح الحجاب الإلزامي مختلق لتشجيع التعري، زاعماً أنه ترويج إعلامي لما سماها وسائل معادية للثورة.

معركة الحجاب في إيران ..

إن قصة غطاء رأس المرأة في إيران تعود إلي ثمانينيات القرن التاسع عشر، فرضت السلطات على الإيرانيات ارتداء التشادور؛ الذى فرضه الشاه ناصر الدين شاه القاجاري بعد زيارته لباريس، حيث تأثر ة بزى اليهوديات اللاتى كن يرتدين الحجاب الأسود.


ثم جاء الشاه رضا بهلوى الذى حلم طويلاً بأن تكون إيران جزءا من أوربا في كل التفاصيل وفى سياق تحقيق حلمه أقر قانون "كشف الحجاب" الذي يمنع النساء من ارتدائه.


وتحولت مسألة ارتداء الحجاب إلى قضية اجتماعية، ورغم معارضة رجال الدين والمحافظون؛ إلا أن الشرطة تلقت أوامر في عام 1928 بالسماح للنساء بالوجود في الأماكن العامة دون حجاب، ثم قام الشاه بهلوى بإلغائه رسميا دون منع ارتداء التشادور.


بعد الثورة الإيرانية لم تلزم الحكومة الإسلامية المرأة بالحجاب؛ لكن الجدل حول الالتزام بالقيم الإسلامية اتسع بشكل كبير، رغم أن الخميني رفض إصدار فتوى أو قانون بهذا الخصوص. 


في تلك المرحلة، كان التيار اليساري في الثورة الذي أصبح لاحقاً يُعرف بالإصلاحيين يدعم الحجاب، ومع مرور السنوات، خصوصاً بعد منتصف الثمانينيات وحرب إيران – العراق، تصاعدت مطالب الأصوليين بتطبيق الحجاب الإلزامي ومع وصول الأصولي إبراهيم رئيسي، أُعيدت شرطة الآداب لتضييق الخناق على النساء، وظلت المرأة خاضعة لتلك القيود إلا أن الأمر تحول لما يشبه انفجار بركان بعد مقتل مهسا أميني عام 2022 أثناء توقيفها، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة؛ فأصدر خامنئي قراراً بإلغاء شرطة الآداب ودوريات الإرشاد التي كانت تفرض الحجاب الإلزامي بشكل غير معلن، واختفت الرقابة الرسمية على الشارع، وفي 2023، عاد إبراهيم رئيسي لطرح مشروع قانون متشدد بعنوان دعم الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب، والذى يفرض قيوداً صارمة على ملابس النساء، بما في ذلك عقوبات تصل إلى السجن وغرامات مالية وحظر السفر، ويشمل المؤسسات غير الملتزمة.

 

وفاة رئيسى قلبت الموازين..


مع وفاة إبراهيم رئيسى الذى لقى مصرعه في حادث طائرة قبل تطبيق القانون، ثم تولي مسعود بزشكيان السلطة، طالب البرلمان الموالي للأصوليين بتنفيذ قانون الحجاب والعفاف، إلا أن بزشكيان أبدى تحفظا ، بسبب مخاوفه من تأثير القانون على المجتمع.


ورغم أن نائب رئيس اللجنة القانونية والقضائية في البرلمان، محمد تقي نقد علي، قد أعاد محاولة مطالبة الحكومة بتنفيذ القانون في يناير 2025؛ إلا أن المتحدث باسم الحكومة أكد أن التأجيل جاء بسبب بعض البنود التي قد تترتب عليها تبعات اجتماعية خطيرة؛ مما يعني أن أي تضييق على النساء سيكون خارج إطار القانون، مع إمكانية مساءلة ضباط الشرطة قضائياً.


بعد حرب الـ 12 يوماً مع إسرائيل، التي كشفت هشاشة النظام أمنياً وعسكرياً، خلصت القيادة الإيرانية إلى أن الإيرانيين لم يشاركوا في تظاهرات خلال العدوان، بل صمدوا وتوحدوا ضده، مما منع انهيار النظام في لحظة ضعفه. هذا الاستنتاج عزز مؤشرات التسامح الرسمي تجاه مظاهر التحرر الاجتماعي.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب