منظمة العمل الدولية: النساء العربيات يواجهن خطر رقمنة وظائفهن بنسبة 3 أضعاف الرجال.. و2.2% فقط من الوظائف العربية مهددة بالزوال الكامل.. و14 مليار دولار مكاسب متوقعة للدول العربية من الذكاء الاصطناعى بحلول 2035

السبت، 11 أكتوبر 2025 06:00 ص
منظمة العمل الدولية: النساء العربيات يواجهن خطر رقمنة وظائفهن بنسبة 3 أضعاف الرجال.. و2.2% فقط من الوظائف العربية مهددة بالزوال الكامل.. و14 مليار دولار مكاسب متوقعة للدول العربية من الذكاء الاصطناعى بحلول 2035 منظمة العمل الدولية

كتبت آية دعبس

- الشباب من 15 إلى 24 عاما الأكثر استفادة من الوظائف التقنية الناشئة فى العالم العربي
- البناء والنقل قطاعان رابحان.. والتجزئة والصناعة التحويلية خاسرة فى عصر الذكاء الاصطناعى العربي
- الإمارات تتصدر التوظيف الرقمى العربي.. ودول خارج الخليج تتخلف بفارق شاسع

كشفت دراسة حديثة صادرة عن منظمة العمل الدولية عن واقع معقد تعيشه أسواق العمل فى الدول العربية، حيث لم تتجاوز نسبة العاملين من السكان فى سن العمل النصف فى عام 2024، ويواجه الشباب والنساء بعضا من أعلى معدلات الإقصاء على مستوى العالم، بسبب اختلافات جوهرية فى الموارد الطبيعية ومستويات التنمية والاستقرار السياسي.

 

تتمتع دول مجلس التعاون الخليجى بقدر من المرونة الاقتصادية ومعدلات توظيف مرتفعة، لكن أسواق العمل فيها تعانى من التجزئة بسبب الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة والنفط، فى المقابل، تواجه معظم الدول العربية غير الأعضاء تحديات متفاقمة تتجسد فى الصراعات وانعدام الاستقرار وضعف الإمكانات المالية، ما نتج عنه ارتفاع فى معدلات نقص استغلال اليد العاملة واتساع رقعة الاقتصاد غير المنظم.

 

يمثل التحول الرقمي فرصة حيوية للمنطقة، لكنه يرافقه مخاطر متزايدة، فى دول الخليج يوظف التحول الرقمى كأداة استراتيجية لتقليص الاعتماد على النفط، بدعم من استثمارات ضخمة فى التكنولوجيا والبنية التحتية، وتستفيد هذه الدول من تغطية شبه شاملة للإنترنت وأنظمة أمن سيبرانى متطورة، أما الدول غير الأعضاء فترى فى الرقمنة فرصة للنمو، لكنها تواجه تحديات جسيمة من ضعف البنية التحتية ونقص القدرات فى الأمن السيبراني.

 

تشير البيانات إلى أن الإمارات العربية المتحدة تسجل أعلى مستويات توظيف رقمى فى المنطقة، بينما تسجل دول غير أعضاء فى مجلس التعاون معدلات أدنى بكثير فى القطاعات ذات الكثافة الرقمية العالية، وتظهر الاتجاهات الإقليمية أن جزءا كبيرا من القوى العاملة لا يزال يتركز فى القطاعات ذات الكثافة الرقمية المتوسطة، ما يشير إلى أن التحول الرقمى جارٍ لكنه يتطلب مزيدا من الجهود.

 

تشير التقديرات إلى أن نسبة ضئيلة من الوظائف، حوالى 2.2% أو ما يعادل 1.2 مليون وظيفة، معرضة لخطر الأتمتة الكاملة، فى المقابل، يتوقع أن تستفيد نسبة أكبر بكثير، تقدر بحوالى 14.6% أو نحو 8 ملايين وظيفة، من تعزيز الأداء اعتمادا على الذكاء الاصطناعى التوليدي.

 

من منظور النوع الاجتماعى، تكشف الإحصائيات عن فجوة واضحة، وتشير التقديرات إلى أن النساء يشغلن نسبة 5.3 % من الوظائف المعرضة لخطر الأتمتة، وهى أكثر من ثلاثة أضعاف نسبة الرجال التى تبلغ 1.6% فقط، بسبب تركز نسبة كبيرة من النساء فى وظائف إدارية وروتينية، لكن فى الوقت نفسه، يتوقع أن تستفيد النساء بدرجة أكبر من فرص التعزيز الرقمى، إذ تعمل نسبة 22.7 % من النساء فى قطاعات ملائمة لتبنى الرقمنة، مقارنة بحوالى 13 % من الوظائف التى يشغلها الرجال.

 

أجرى تحليل قياسى اقتصادى كلى بالتعاون مع مؤسسة كامبريدج إيكونوميتريكس لقياس الأثرين الاقتصادى والتشغيلى لسيناريوهات التحول الرقمى خلال الفترة بين 2024 و2035، السيناريو الأول يفترض تحقيق تغطية شبه شاملة للنطاق العريض بنسبة 90 % بحلول 2030، بينما السيناريو الثانى يبنى على هذا التوسع من خلال دمج استثمارات فى تقنيات الذكاء الاصطناعي.

 

فى سيناريو توسيع النطاق العريض، تتحقق مكاسب فى الناتج المحلى الإجمالى تقدر بنحو 4.6 مليار دولار بحلول 2035، مع خلق صافى 186 ألف فرصة عمل إضافية، أما سيناريو دمج الذكاء الاصطناعى فيسجل نموا اقتصاديا أعلى بكثير، ليصل إلى 14.1 مليار دولار بحلول 2035، أى ثلاثة أضعاف السيناريو الأول، على صعيد التوظيف يظهر السيناريو الثانى خسائر مبكرة نتيجة الأتمتة، لكن هذه الآثار تنحسر اعتبارا من 2028، ليصل صافى الوظائف المستحدثة إلى نحو 118 ألف وظيفة بحلول 2035.

 

من منظور قطاعى، يبرز قطاعا البناء والنقل والتخزين كمستفيدين رئيسيين بتحقيق أكبر المكاسب فى التوظيف، بينما تتعرض قطاعات مثل الخدمات العامة والصناعات التحويلية وتجارة التجزئة إلى تقلص فى الوظائف نتيجة الاضطرابات التى يحدثها الذكاء الاصطناعي.

 

على المستوى المهنى، من المتوقع تحقيق مكاسب ملحوظة فى التوظيف لدى فئات مثل عمال الخدمات الشخصية والمهنيين فى التعليم والسائقين وعمال البناء، بينما تواجه المهن التى تتضمن مهاما روتينية مثل الكتبة وعمال إدخال البيانات ومندوبى المبيعات تراجعا كبيرا.

 

تختلف آثار التحول الرقمى بحسب الفئة العمرية، فى سيناريو دمج الذكاء الاصطناعى تتجه المكاسب بشكل أوضح نحو الفئات الأصغر سنا من 15 إلى 24 عاما، بحكم انخراطهم فى وظائف تقنية ناشئة وقدرتهم الأكبر على التكيف، بينما تبقى الفئة العمرية من 55 عاما فأكثر فى وضع غير مؤات، إذ تجد صعوبة فى التأقلم مع متطلبات إعادة التأهيل.

 

تتجلى الفوارق بين الجنسين بوضوح، فى سيناريو دمج الذكاء الاصطناعي تواجه النساء خسائر كبيرة فى الوظائف الإدارية والروتينية، بينما يحصل الرجال على حصة أكبر من فرص العمل الجديدة فى القطاعات المدفوعة بالتكنولوجيا مثل اللوجستيات والبناء والنقل، والتى يغلب عليها الطابع الذكورى تاريخيا.

 

لا يقتصر التحدى على حجم الوظائف، بل يشمل نوعيتها وجودتها، فالتقنيات الرقمية وإن كانت تعزز جودة الوظائف من خلال تحسين الكفاءة والمرونة، إلا أنها تحمل مخاطر محتملة من بينها تراجع استقلالية العامل وارتفاع الرقابة الإلكترونية وتزايد هشاشة ظروف العمل، خاصة فى اقتصاد المنصات الرقمية.

 

يتوقع أن يحقق التحول الرقمى فوائد ملموسة للشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال تعزيز الوصول إلى أسواق جديدة وتحسين الإنتاجية، لكن الاستفادة الكاملة لا تزال تعوقها تحديات من أبرزها ضعف الوصول إلى التمويل ونقص المهارات الرقمية ورداءة البنية التحتية.

 

مكاسب الإنتاجية لا تتحقق بشكل تلقائى، بل تعتمد على مدى تكامل التكنولوجيا فى العمليات التشغيلية ووجود قيادة رقمية وقوى عاملة مؤهلة، فى السياق العربى أعاقت التحديات البنيوية مثل ضعف المهارات الرقمية ورداءة البنية التحتية وارتفاع مستويات العمل غير المنظم تحقيق قفزات فى الإنتاجية.

 

يعد توفر المهارات المناسبة عاملا حاسما، فى دول الخليج يتزايد الطلب على المهارات الرقمية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات والبرمجة، إلى جانب المهارات الشخصية، مع ذلك تنتشر فجوات المهارات الناتجة عن مناهج دراسية قديمة وضعف الروابط بين التعليم وسوق العمل، حتى فى اقتصادات الخليج لا تزال هناك فجوات ملحوظة فى تعليم العلوم والتكنولوجيا، مع نقص واضح فى متخصصى الذكاء الاصطناعى واعتماد مستمر على الكفاءات الوافدة.

 

تقدم الدراسة مجموعة شاملة من التوصيات السياساتية، فى مقدمتها الاستثمار الكبير فى البنية التحتية الرقمية وتضييق الفجوة الرقمية، ويتطلب ذلك معالجة التفاوتات فى الاتصال خاصة فى المناطق الريفية والمتأثرة بالنزاعات، من خلال الاستثمار فى شبكات النطاق العريض والكهرباء المستقرة ومراكز البيانات.

 

تؤكد الدراسة على أهمية بناء قوة عاملة ماهرة رقميا وتعزيز التعلم مدى الحياة، وينبغى دمج محو الأمية الرقمية وتعليم العلوم والتكنولوجيا فى مراحل التعليم المبكرة، إلى جانب إصلاح شامل للتعليم التقنى والمهنى، ويعد تعزيز التعلم مدى الحياة أولوية محورية مع ضرورة استهداف الفئات المهمشة وضمان شمولها فى البرامج التدريبية.

 

توصى الدراسة بتطوير خدمات توظيف فعالة وتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة، ويشمل ذلك تعزيز آليات دعم التوظيف والتوجيه المهنى، وتوسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية ليشمل العاملين فى القطاع غير المنظم والعاملين فى المنصات الرقمية.

 

تشدد الدراسة على أهمية الاستثمار فى أنظمة معلومات سوق العمل المتطورة وتوظيف البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى لدعم التخطيط الاستراتيجى، فالحصول على بيانات حديثة ودقيقة يتيح رصد ديناميكيات سوق العمل واستشراف الاتجاهات المستقبلية بدقة.

 

تؤكد الدراسة على ضرورة دعم التحول الرقمى فى الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال الرقمية، ولا بد من اعتماد نهج تدريجى يراعى قدراتها المحدودة، مع توفير دعم موجه من الحكومات يشمل آليات تمويل مناسبة وحوافز ضريبية وبرامج حاضنة للابتكار.

 

تدعو الدراسة إلى تهيئة بيئة سياساتية متكاملة لإدارة التحول الرقمى بشكل منسق، وينبغى أن تصمم السياسات الرقمية الوطنية بهدف صريح يتمثل فى توليد وظائف جيدة وآمنة، وتعزيز الإدماج الاقتصادى، وتقليص أوجه عدم المساواة، فى المقابل يجب أن تتطرق سياسات العمل والتشغيل بوضوح إلى دور الرقمنة والذكاء الاصطناعى فى تشكيل مستقبل العمل، مع تحديد التدابير الملموسة المطلوبة لتحقيق انتقال عادل وشامل.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب