هل شعرت يومًا بالاشمئزاز أو القلق الغريب عندما نظرت إلى خلية نحل، أو قطعة إسفنج؟ إذا كان الجواب نعم، فقد تكون من بين الأشخاص الذين يعانون من ما يُعرف برهاب النخاريب، أو فوبيا الثقوب، وهو خوف غير مبرر من الأنماط المتكررة للثقوب أو النتوءات الصغيرة المتقاربة.فهى تُعد من الحالات النفسية التي تثير فضول الباحثين بسبب شدّة تأثيرها على بعض الأفراد.
ما هو رهاب النخاريب؟
رهاب النخاريب، أو Trypophobia، وفقا لتقرير نشر فى موقع everydayhealth هو استجابة خوف أو اشمئزاز حاد تجاه تجمعات من الثقوب أو النقاط الصغيرة. قد تبدو المحفّزات بسيطة أو مألوفة — كالإسفنج أو الفواكه ذات البذور أو حتى صور رقمية مزخرفة — لكنها تثير لدى المصاب موجة من الانزعاج الجسدي والنفسي يصعب تفسيرها عقلانيًا.
يصف البعض هذا الشعور بأنه مزيج من القرف، القلق، والاختناق، وكأنّ الجلد يزحف أو ينبض من الداخل. وفي بعض الحالات الشديدة، يتطور ردّ الفعل إلى خفقان في القلب، دوخة، غثيان، أو حتى نوبات هلع مؤقتة.
لماذا يحدث هذا الرهاب؟
لا يزال أصل رهاب النخاريب موضع جدل بين المتخصصين.أحد التفسيرات التطورية يقترح أن هذا النفور غريزي قديم، نشأ لحماية الإنسان من الكائنات السامة أو المصابة بالأمراض الجلدية في الطبيعة، إذ تشترك في أنماط بصرية متقاربة من النقاط أو الحفر.
بينما يرى آخرون أن الأمر لا يرتبط بالخطر بقدر ما هو خلل في المعالجة البصرية داخل الدماغ، حيث تتداخل مناطق الإدراك البصري مع مراكز العاطفة فيحدث تضخيم للنفور.
بكلمات أبسط، يمكن القول إن دماغ المصاب يتعامل مع هذه الصور كما لو كانت إشارة خطر بيولوجي، رغم أنها في الحقيقة غير مؤذية على الإطلاق.
محفّزات شائعة
قد تثير الحالة مجموعة واسعة من المناظر أو الأشياء اليومية، مثل:
خلايا النحل أو أقراص العسل
الفقاعات المتجمعة على سطح الصابون
الجبن المثقوب أو الإسفنج
بذور الفواكه كالفراولة والرمان
مسام الجلد أو بصيلات الشعر المكبّرة في الصور
البعض يتفاعل فقط مع صور واقعية، فيما يُصاب آخرون بالضيق حتى من صور مصممة رقميًا لأنماط دائرية متكررة.
كيف يتم التشخيص؟
لا توجد أداة طبية محددة لتشخيص رهاب النخاريب، وغالبًا ما يتم التعرف على الحالة ذاتيًا.
إذا لاحظ الشخص أن رؤية هذه الأنماط تُسبب له ضيقًا ملحوظًا، أو رغبة قوية في الابتعاد، أو تأثيرًا على أنشطته اليومية، فذلك يشير إلى مستوى من الرهاب يستحق المراجعة النفسية.
يُفرّق الأطباء عادة بين النفور البصري البسيط والرهاب الفعلي، اعتمادًا على شدة القلق وتأثيره على جودة الحياة.
خيارات العلاج
رغم عدم وجود علاج مخصص حصريًا لهذه الحالة، إلا أن الطرق المستخدمة لعلاج أنواع الرهاب الأخرى تُظهر نتائج إيجابية.
1. العلاج بالتعرض التدريجي:
يهدف هذا الأسلوب إلى تدريب الدماغ على التكيّف مع المحفّز تدريجيًا. يبدأ المريض برؤية صور خفيفة التأثير، ثم ينتقل ببطء إلى أنماط أكثر صعوبة، إلى أن تنخفض استجابته الانفعالية بشكل ملحوظ.
2. العلاج السلوكي المعرفي (CBT):
يساعد هذا النوع من العلاج على تعديل الأفكار السلبية المرتبطة بالمحفّز، من خلال فهم الآلية التي تجعل الدماغ يربط الثقوب بالخطر، وإعادة بناء ردود الفعل تدريجيًا.
3. تقنيات الاسترخاء والتحكم في التنفس:
يمكن أن تكون مفيدة أثناء التعرض للمحفّزات. التنفس العميق البطيء أو ما يُعرف بـ "تنفس المربع" يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل سرعة ضربات القلب.
4. تقنية النقر (EFT):
وهي أسلوب يجمع بين الوعي الذهني والتحفيز الجسدي عبر النقر الخفيف على نقاط معينة من الجسم أثناء تكرار عبارات طمأنة ذاتية. بعض الأشخاص يجدون فيها راحة ملموسة.
5. الأدوية المساندة:
في الحالات الشديدة، قد يصف الأطباء أدوية مهدئة أو حاصرات بيتا لتقليل الأعراض الجسدية المرافقة للقلق، لكن استخدامها عادةً يكون مؤقتًا.
هل يمكن الوقاية من الحالة؟
لا توجد طريقة أكيدة لمنع ظهور رهاب النخاريب، لكنه يمكن إدارة أعراضه عبر أسلوب حياة متوازن يحد من القلق العام.
مارس التأمل أو اليوجا بانتظام.
احصل على قسط كافٍ من النوم.
تجنّب المنبهات الزائدة مثل الكافيين أو السهر الطويل.
ولا تتردد في التحدث مع مختص نفسي إذا لاحظت أن نفورك من الأنماط المتكررة بدأ يعيقك عن ممارسة حياتك الطبيعية.
المضاعفات المحتملة
عند إهمال العلاج، يمكن أن يتحول الرهاب إلى عزلة اجتماعية أو اضطراب قلق مزمن، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى توتر العلاقات الشخصية بسبب تجنّب مواقف يومية بسيطة. لذلك، التدخل المبكر يُعد خطوة أساسية لاستعادة التوازن.