الاتحاد الأوروبى بين فكى الحرب التجارية.. دراسة: فرض رسوم ضخمة على الصلب الصينى وسط توتر مع واشنطن حول السياسات الحمائية.. والخبراء يحذرون من تداعيات اقتصادية تهدد الصناعات الأوروبية وسلاسل الإمداد العالمية

الجمعة، 10 أكتوبر 2025 06:00 ص
الاتحاد الأوروبى بين فكى الحرب التجارية.. دراسة: فرض رسوم ضخمة على الصلب الصينى وسط توتر مع واشنطن حول السياسات الحمائية.. والخبراء يحذرون من تداعيات اقتصادية تهدد الصناعات الأوروبية وسلاسل الإمداد العالمية الاتحاد الأوروبى

فاطمة شوقى

فى ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية، يدرس الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية ضخمة على واردات الصلب الصينية، فى خطوة قد تزيد من الاحتكاكات الاقتصادية مع الولايات المتحدة والصين على حد سواء، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة تهدد الصناعات الأوروبية وسلاسل الإمداد العالمية.

 

خلفية التوتر التجارى

تأتى هذه الخطوة فى إطار تصاعد النزاعات التجارية التى نشأت خلال السنوات الأخيرة بين القوى الاقتصادية الكبرى، حيث تفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على واردات الصلب والألومنيوم من عدة دول، بما فى ذلك الصين والاتحاد الأوروبى، بحجة حماية الصناعات المحلية من المنافسة غير العادلة.


من جانبها، ردت الصين باتخاذ إجراءات مضادة، بينما يسعى الاتحاد الأوروبى الآن إلى فرض قيود مماثلة على الصلب الصينى، مستندًا إلى شكوك حول تدفق كميات كبيرة من الصلب بأسعار منخفضة إلى السوق الأوروبية، وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا للصناعات المحلية فى القارة.


ويرى الاتحاد الأوروبى، أن واردات الصلب الصينية بأسعار منخفضة جدًا تُلحق ضررًا بالصناعة الأوروبية، التى تعتمد على إنتاج الصلب كمكون أساسى فى قطاعات متعددة مثل السيارات والبناء والتصنيع العام. وتأتى الخطوة فى محاولة لدعم هذه القطاعات الحيوية التى تواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة المنافسة الدولية وتغيرات السوق.


وأشار مسؤولون أوروبيون، إلى أن الصين تعتمد على دعم حكومى كبير لقطاع الصلب، ما يسمح لها ببيع المنتجات بأسعار غير عادلة فى الأسواق الخارجية، مما يشوه المنافسة ويؤثر سلبًا على قدرة الشركات الأوروبية على المنافسة.

 

تصعيد التوتر مع واشنطن

يأتى هذا التطور فى وقت حساس يشهد فيه الاتحاد الأوروبى توترًا متزايدًا مع الولايات المتحدة، التى تنتقد بروكسل لعدم اتخاذ إجراءات كافية ضد الصين، وتتهمها بالتسامح مع السياسات الحمائية الصينية التى تؤثر على الاقتصاد العالمي.


ويرى بعض المراقبين، أن فرض الاتحاد الأوروبى لرسوم على الصلب الصينى قد يضع بروكسل فى موقف محرج بين الضغط الأمريكى لاحتواء الصين والرغبة فى حماية مصالحها الاقتصادية. هذا الموقف يعكس تعقيدات السياسة التجارية الدولية التى تتشابك فيها المصالح الاقتصادية والسياسية.

 

تحذيرات من تداعيات اقتصادية

وحذر خبراء اقتصاديون من أن هذه الخطوة قد تؤدى إلى مزيد من التصعيد فى الحرب التجارية، مما يهدد استقرار سلاسل الإمداد العالمية التى تعتمد عليها العديد من الصناعات الأوروبية، خصوصًا فى قطاع السيارات والآلات الثقيلة.


وتقول إيميلى كريستوف، خبيرة فى التجارة الدولية من معهد الدراسات الاقتصادية الأوروبية، إن فرض رسوم إضافية على الصلب الصينى سيؤدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج فى أوروبا، ما قد ينعكس على أسعار المنتجات النهائية ويؤثر سلبًا على تنافسية الشركات الأوروبية فى الأسواق العالمية.


وأضافت كريستوف أن "أى تصعيد فى النزاعات التجارية من شأنه أن يؤدى إلى تقلبات فى الأسواق وزعزعة الثقة بين الشركاء التجاريين، ما قد يبطئ النمو الاقتصادى الأوروبى ويزيد من مخاطر التضخم".
تأثير على الصناعات الأوروبية


تواجه الصناعات الأوروبية خطر نقص المواد الخام أو ارتفاع تكاليفها، وهو ما قد يدفع بعض الشركات إلى البحث عن مصادر بديلة أو حتى تقليل الإنتاج، مما سيؤثر على فرص العمل والاقتصاد بشكل عام.


وعلى الرغم من الدعم الحكومى، ترى بعض الشركات أن الرسوم الجمركية ستشكل عبئًا ماليًا جديدًا يصعب تحمله، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن جائحة كوفيد-19 والاضطرابات الجيوسياسية الأخيرة.

مواقف مختلفة داخل الاتحاد الأوروبي

تشهد بروكسل انقسامات داخلية حول هذه القضية، حيث تدعم دول صناعية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا فرض الرسوم كوسيلة لحماية الصناعات المحلية، فى حين تعبر دول أخرى، تعتمد على التجارة المفتوحة بشكل أكبر، عن قلقها من التداعيات السلبية على التكامل الاقتصادى الأوروبي.


تسعى المفوضية الأوروبية إلى التوصل إلى قرار متوازن يحافظ على مصالح الاتحاد دون الإضرار بالعلاقات التجارية مع الصين والولايات المتحدة، لكن تحقيق هذا التوازن يبدو مهمة معقدة وسط الضغوط المتزايدة من الأطراف المختلفة.

 

سيناريوهات المستقبلية

إذا ما تم فرض الرسوم الجمركية، فمن المتوقع أن ترد الصين بإجراءات مماثلة على الصادرات الأوروبية، ما قد يؤدى إلى دوامة من الإجراءات الانتقامية المتبادلة تزيد من تعقيد العلاقات التجارية وتضر بالنمو الاقتصادى العالمي.


وفى ظل هذه التحديات، يبقى الاتحاد الأوروبى مطالبًا بتطوير استراتيجيات تجارية متكاملة تعزز من قدرته التنافسية وتقلل من الاعتماد على سلاسل الإمداد الأجنبية المعرضة للمخاطر.


يقف الاتحاد الأوروبى اليوم فى مواجهة صعبة بين حماية صناعاته الحيوية من التدفقات غير العادلة للسلع الصينية، والحفاظ على علاقات تجارية مستقرة مع كل من الصين والولايات المتحدة، وما سيحدث فى الأشهر القادمة قد يحدد إلى حد كبير مستقبل التجارة الدولية واستقرار الاقتصاد العالمى، وسط توقعات بأن تشهد المنطقة موجة جديدة من النزاعات الاقتصادية التى تحتاج إلى حلول دبلوماسية متوازنة وفعالة.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب