أكرم القصاص

مصر وغزة وخطة ترامب.. الواقع والخيال والمناورات

الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 10:00 ص


إذا كانت هناك ميزة لخطة ترامب فيما يتعلق بالحرب فى غزة، فهى أنها تخلو من أى حديث عن التهجير أو إعادة الاحتلال، وجدول تبادل الأسرى والمحتجزين والرفات، وإعادة تنمية غزة لصالح سكانها الذين عانوا بما فيه الكفاية، وهو ما يمثل تطورا فى طريقة تفكير الرئيس الأمريكى، والذى يسعى بكل قوة للحصول على جائزة نوبل لدرجة أنه يعين نفسه رئيسا لما يسميه المخطط «مجلس السلام» مع رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، الذى طفا اسمه على السطح، بعد أن اختفى لفترة، بعد أن كان شريكا للرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش، فى غزو العراق وتدمير المنطقة وبداية نشر موجة الإرهاب الداعشى.


لكنها بالطبع خطة الرئيس ترامب كما هو متوقع تتضمن مقترحات وبنود تبدو أقرب للخيال أو تخلو من اتجاهات للتنفيذ أو التحقق، ولا نبالغ بالقول إن الخطة المصرية لإنهاء الحرب وتبادل المحتجزين وإعادة الإعمار والتعافى أكثر عملية وقدرة على التعامل مع وقائع على الأرض، وتنطلق من خبرة مصرية بكل أطراف العملية السياسية، وبالفعل فإن الخطة الترامبية تتضمن الكثير من الخطة المصرية فيما يتعلق بإدخال المساعدات والإدارة، وإن كانت تتضمن إضافات منها إدارة غزة مؤقتا عبر لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية، تضم خبراء فلسطينيين ودوليين، تحت إشراف «مجلس السلام»، وهو هيئة انتقالية دولية يرأسها الرئيس دونالد ترامب مع قادة آخرين سيُعلن عنهم، بينهم رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، ومن مهامها وضع الإطار والتمويل لإعادة إعمار غزة حتى استكمال إصلاح السلطة الفلسطينية وتمكّنها من استعادة السيطرة على القطاع، كما تتضمن  انسحابا للجيش الإسرائيلى على 3 مراحل، وتتضمن دخولا للمساعدات، وصفقات لتبادل المحتجزين، وضمانات لخروج آمن لأعضاء حماس، أو الإبقاء على من يسلم السلاح، وهى شروط تبدو بالفعل قاسية، لكنها وردت فى كل الاتفاقات التى تعثرت خلال الشهور الماضية.


ميزة الخطة أنها تنهى الحرب حال موافقة الطرفين، وإن كانت تضع كلا من الاحتلال وحماس على نفس المساحة، يفترض أن تكون هناك طريقة عقلية للتعامل مع خطة تحمل بعض الميزات وتتضمن مواد وبنود صعبة، أو غير عملية، لكنها تظل بالخبرة مواد قابلة للتفاوض خلال المرحلة القادمة حال تم بناء جسور لهذا الأمر.


وفيما يتعلق بحماس تتضمن الخطة «بعد عودة كل الرهائن، يُمنح أعضاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمى والتخلّى عن السلاح عفوا عاما، ومن يرغب منهم بمغادرة غزة ستُؤمَّن له ممرات آمنة إلى دول مستقبلة، وتلتزم حماس والفصائل بعدم لعب أى دور فى حكم غزة، مباشرة أو غير مباشرة، وتُدمّر البنية التحتية العسكرية والهجومية، بما فيها الأنفاق ومصانع السلاح، ولن يُعاد بناؤها، وسيجرى نزع سلاح غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين، مع برامج شراء السلاح وإعادة دمج المقاتلين بتمويل دولى، وتقدّم الدول الإقليمية ضمانات لضمان التزام حماس والفصائل بتعهداتها وأن غزة الجديدة لا تشكّل خطرا على جيرانها أو أهلها».


وبالرغم مما يبدو من تعسف هذه النقاط لكنها بالفعل وردت أو مثيلاتها فى اتفاقات تعثرت قبل شهور، ووافقت حماس على الكثير من البنود، ثم أن القبول يعنى وقف حرب إبادة أتت على أغلب غزة، ودمار وموت طال الأطفال والنساء، ولا توجد نتائج واضحة أو حقيقية لعملية الطوفان، التى مهدت لحرب إبادة تواصلت عامين، بجانب أنها أطاحت بالكثير من المنظمات والجماعات التى كانت ترفع شعارات دعم المقاومة، وعجزت عن دعم نفسها، وبدا أن الطوفان اكتسح فى طريقه الكثير من الثوابت والشعارات، وآن الأوان لتفهم أهمية استعادة وحدة الفلسطينيين والتخلى عن غرور القوة أو التمسك بالقدرة على تفهم المناورات والتعامل معها بسياسة، بجانب السلاح.


خطة ترامب ليست الأفضل، وهى بين بعض الواقع وبعض الخيال، لكن تبقى السياسة والوحدة، التى تعيد التذكير بالرؤية المصرية الأكثر فهما وواقعية وحسما، فمصر التى تصدت لمخططات التهجير، واختلفت مع كل الأطراف، ولهذا فقد وجه الرئيس الأمريكى ترامب الشكر لمصر والرئيس عبدالفتاح السيسى، وإن كانت مصر لا تنتظر شكرا لدورها وموقفها التاريخى، لكنها الطرف الأكثر تفهما لقضية معقدة، والتى تخطت الكثير من الفخاخ، وخاضت حروبا داخل هذه الحرب.


اليوم السابع

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة