في يوم 25 يناير 1952، سطر رجال الشرطة المصرية أروع فصول البطولة والتضحية في معركة الإسماعيلية، حيث وقفوا شامخين أمام الاحتلال البريطاني، رافضين الخضوع أو المساومة، اليوم، يحتفل الشعب المصري بعيد الشرطة، يوم الفخر الذي يعكس إصرار رجال الأمن على الوفاء للوطن بكل عزيمة.
عيد الشرطة ليس مجرد ذكرى، بل هو احتفاء بتاريخ عريق يسطره رجال أبوا إلا أن تكون كلمتهم هي كلمة الحق في وجه الظلم. إنهم حراس الوطن وأبطال الأرض، الذين لا يزالون يواصلون العطاء في مسيرة الأمن والاستقرار.
ومع احتفالات عيد الشرطة كان لنا هذا الحوار مع اللواء دكتور أحمد كساب مساعد رئيس أكاديمية الشرطة السابق والخبير الأمني.
إلى نص الحوار:
كيف ترى الاحتفال بعيد الشرطة؟
في البداية، عيد الشرطة ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو بمثابة تكريم لدماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، أما في ما يتعلق بتطور الشرطة، فقد شهدنا نقلة نوعية في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الثورة، اليوم، هناك اهتمام بالغ بتطوير مهارات أفراد الشرطة من خلال التدريب المستمر على أحدث الأساليب الأمنية، وكذلك الاهتمام الكبير بتقنيات الشرطة الرقمية، أصبحنا نشهد تحولا جوهريًا في المؤسسة الأمنية لتواكب التحديات المعاصرة، وقد باتت شرطة مصر أكثر قدرة على التعامل مع قضايا الإرهاب الإلكتروني ومكافحة الجريمة باستخدام تقنيات حديثة.
.jpg)
حوار اليوم السابع مع اللواء دكتور أحمد كساب
هل تعتبر الشائعات تهديدًا حقيقيًا للأمن في مصر اليوم، وكيف يمكن للشرطة مواجهتها؟
الشائعات تشكل تهديدًا غير مرئي لكنه مؤثر للغاية، فهي قادرة على زعزعة الاستقرار المجتمعي، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهم في انتشار الأخبار الكاذبة بسرعة البرق، يكمن الخطر في أن هذه الشائعات تؤثر على عقول الناس وتساهم في خلق حالة من القلق والفتنة، لذا، من الأهمية بمكان أن تعمل أجهزة الشرطة على محاربة هذه الظاهرة بكل الوسائل المتاحة.
الشرطة العصرية تتبنى نهجًا قائمًا على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، وتتبع مصادر الشائعات على منصات الإنترنت، أضف إلى ذلك، فإن زيادة الوعي لدى المواطنين هو أمر بالغ الأهمية، يجب أن يكون المواطنون قادرين على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة.
.jpg)
حوار اليوم السابع مع اللواء دكتور أحمد كساب
كيف يمكن زيادة الوعي الأمني لدى المواطنين لمواجهة الشائعات؟ وما هو دور الشرطة في ذلك؟
دور الشرطة لا يقتصر على حفظ الأمن فقط، بل يمتد أيضًا إلى نشر الوعي المجتمعي، في الوقت الراهن، تقوم الشرطة بإنشاء حملات توعية مكثفة على جميع منصات التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية لتثقيف المواطنين حول كيفية التعامل مع الشائعات، نحتاج إلى جهد جماعي بين الحكومة والأجهزة الأمنية والإعلام لتفعيل برامج توعوية تعلم الناس كيفية التعامل مع الأخبار الكاذبة، وكيفية التأكد من مصادر المعلومات قبل أن يتم نشرها أو تداولها.
يتحدث البعض عن شرطة "عصرية" الآن، هل يعني هذا أن الشرطة اليوم تختلف عن سابقاتها في تعاملها مع المجتمع؟
بالطبع، الشرطة العصرية ليست كما كانت في الماضي، اليوم، هناك العديد من التحولات في كيفية تعامل الشرطة مع المجتمع، أصبحت الشرطة أكثر اهتمامًا بحقوق الإنسان، وأكثر شفافية في تواصلها مع الجمهور.
الأفراد في الشرطة ليسوا مجرد منفذي قانون، بل هم أيضًا مستشارون ومساعدون للمواطنين، يسعى جهاز الشرطة العصرية إلى بناء علاقة من الثقة مع المواطنين، ليكونوا أكثر تعاونًا في تأمين المجتمع، هذا التطور جاء نتيجة للاحتياجات المستجدة في المجتمع ولتغير طبيعة التهديدات التي نواجهها.
اليوم، ومع احتفالات عيد الشرطة 73، هل ترى أن هناك تأثيرًا مباشرًا لمعركة الإسماعيلية في تشكيل هوية الشرطة المصرية الحديثة؟
بالتأكيد، معركة الإسماعيلية تمثل نقطة فارقة في تاريخ الشرطة المصرية، تلك اللحظة التي وقف فيها رجال الشرطة أمام قوات الاحتلال البريطاني بحجم من التضحية والشجاعة، هي التي شكلت الأسس التي استندت إليها الشرطة المصرية في العقود التالية.
رجال الشرطة في معركة الإسماعيلية قدموا درسًا في الوطنية والوفاء، هذه الروح القتالية والشجاعة لا تزال تمثل جزءًا أساسيًا من هوية الشرطة المصرية اليوم.
اليوم، الشرطة تواجه تحديات جديدة، ولكن روح المعركة وحب الوطن ما زالت موجودة، مما يجعلها أكثر استعدادًا لمواجهة أي تهديد.
.jpg)
اللواء دكتور أحمد كساب مساعد رئيس أكاديمية الشرطة السابق
كيف يمكن للجمهور أن يكون جزءًا من معركة مواجهة الشائعات ؟
الوعي هو السلاح الأقوى، عندما يكون المواطن على وعي تام بأن الشائعات يمكن أن تضر بالأمن الوطني، فإن ذلك سيؤثر بشكل كبير على طريقة تعاملهم مع المعلومات، يجب على كل شخص أن يتحلى بروح المسؤولية وأن يكون حريصًا على التحقق من المعلومات قبل أن يشاركها.
الشرطة تعمل دائمًا على الحفاظ على الأمن والاستقرار، ولكنها تحتاج إلى تعاون المجتمع بكامله، المواطن جزء من العملية الأمنية، ويجب أن يكون صوت الحق والوعي في مواجهة أي تهديد.
كيف تطورت أكاديمية الشرطة مؤخرا؟
في قلب الجمهورية الجديدة، تطل أكاديمية الشرطة كنموذج حي للتطور والتحديث في مجال التعليم والتدريب الأمني، لم تعد الأكاديمية مجرد صرح علمي يخرّج رجال الشرطة فقط، بل أصبحت بمثابة معقل حديث للتكنولوجيا المتطورة التي تواكب أحدث ما وصل إليه العالم في مجالات الأمن، من تحليل البيانات الضخمة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجرائم.
.jpg)
حوار اليوم السابع مع اللواء دكتور أحمد كساب
كيف تساهم أكاديمية الشرطة في مواجهة الشائعات؟
لم تقتصر أكاديمية الشرطة على تطوير الجوانب التقنية والتدريبية فحسب، بل أولت اهتمامًا بالغًا بتأهيل ضباط الشرطة لمواجهة التحديات الحديثة، ومنها انتشار الشائعات والأخبار الزائفة التي تهدد استقرار المجتمع، ومن هنا، جاءت المبادرة الطموحة التي تتضمن تنظيم ندوات تثقيفية مستمرة لتعزيز وعي المواطن المصري، وتزويد رجال الشرطة بآليات التعامل مع حملات التضليل الإعلامي.
ماذا عن الاهتمام بالمرأة في أكاديمية الشرطة؟
سعت الأكاديمية لتحقيق خطوات جادة نحو تمكين المرأة في مجال الأمن، حيث لم تعد المرأة مجرد جزء من جهاز الشرطة، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من منظومة المواجهة الشاملة للتهديدات الأمنية، فمن خلال التدريب المستمر والمساواة في الفرص، أضحت المرأة المصرية في أكاديمية الشرطة نموذجًا يحتذى به في قيادة ودعم جهود الوطن في محاربة الشائعات.
وتسعى أكاديمية الشرطة، في ظل هذه الرؤية المستقبلية، إلى بناء جيل من رجال ونساء الشرطة قادرين على مواجهة التحديات، وتشارك أكاديمية الشرطة في العمل المجتمعي من خلال استضاف طلاب الجامعات وزيارة دور الأيتام والمسنين.
.jpg)
حوار اليوم السابع مع اللواء دكتور أحمد كساب مساعد رئيس أكاديمية الشرطة السابق
كلمة أخيرة بمناسبة عيد الشرطة 73؟
عيد الشرطة هو مناسبة لتكريم كل من ضحوا بحياتهم من أجل الوطن، من معركة الإسماعيلية حتى يومنا هذا، تبقى الشرطة درعًا للأمن والاستقرار، وفي هذه الذكرى، نؤكد على ضرورة استكمال مسيرة التطوير والاحترافية، وتعزيز العلاقة بين المواطن والشرطة، ليظل الوطن آمنًا ومستقرًا.