جاءت اتفاقية وقف إطلاق النار على قطاع غزة خطوة هامة نحو تخفيف معاناة سكان القطاع وفتح باب للأمل فى تحقيق تهدئة مستدامة، وقد لعبت مصر دورًا محوريًا فى الوصول إلى هذا الاتفاق، مستندة إلى مكانتها الإقليمية وعلاقاتها التاريخية مع جميع الأطراف.
دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ خطوة أولى لإعادة الحياة فى غزة
وفي هذا السياق أكد عدد من السياسيين أنه بفضل جهود مصر الدبلوماسية الحثيثة، استطاعت القاهرة جمع الفرقاء على طاولة المفاوضات، مؤكدة التزامها بدعم السلام والاستقرار في المنطقة، ومن جانبه قال الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، إن ساعات قليلة تفصلنا عن إعلان تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة ودخوله رسميا حيز التنفيذ، في خطوة تاريخية نحو استعادة الاستقرار الإنساني وإعادة إعمار قطاع غزة، لافتا إلى أن هذا الاتفاق الذي تم برعاية مصرية سيُحدث تحولا نوعيا في حياة سكان القطاع، بعد 15 شهرا من الحرب الدامية التي أودت بحياة الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، وانهيار كل أوجه الحياة في القطاع المحاصر.
وأضاف "محسب"، أن الاتفاق سيفتح الباب أمام سلسلة من الخطوات الإنسانية والتنموية، تقودها مصر، لإعادة الحياة إلى غزة، حيث تستعد مصر لدخول المرحلة الأولى من خطة إنسانية شاملة، حيث سيتم يوميًا إدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الأساسية عبر معبر رفح، تشمل هذه المساعدات الغذاء والدواء والوقود، إلى جانب مستلزمات الإيواء الضرورية للأسر المتضررة، مؤكدا أن مصر الحاضنة التاريخية للقضية الفلسطينية وستظل المدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وأشار عضو مجلس النواب، أن الدولة المصرية أعلنت أنها لن تدخر جهدًا في تقديم الدعم اللوجستي والإنساني لسكان القطاع، خاصة مع حجم الدمار الهائل الذي أصاب البنية التحتية، متوقعا أن تبدأ خطة إعادة إعمار غزة، والتي ستكون تحت إشراف مصري كامل، فور تثبيت وقف إطلاق النار، حيث ترتكز الخطة على إعادة تأهيل المساكن المدمرة، وبناء مدارس ومستشفيات، بالإضافة إلى تطوير شبكات الكهرباء والمياه.
وتابع : مصر التي قادت جهود التهدئة على مدار الأشهر الماضية، تسعى إلى تقديم نموذج يُحتذى به في كيفية تحويل المآسي إلى فرص تنموية مستدامة، مطالبا المجتمع الدولي بضمان استمرار التهدئة، وتوفير الموارد المالية الضخمة التي تتطلبها خطة الإعمار، إلى جانب ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون قيود، مؤكدا أن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ خطوة أولى على طريق طويل وشاق، لإعادة الحياة للقطاع لكن بتكاتف الشعب الفلسطيني مع الدولة المصرية سيتم إعادة صياغة مستقبل قطاع غزة، ووضع أسسا لمستقبل أكثر استقرارا وأمانا بالمنطقة.
مصر يقع على عاتقها الكثير في تنفيذ آليات اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
وبدوره أكد حزب المستقلين الجدد أنه بعد نجاح مصر مع الوسطاء في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة سيكون الدور المصري كبير في تنفيذ آليات وبنود الاتفاق.
وقال دكتور هشام عناني، رئيس الحزب، إن مصرسيقع علي عاتقها الجزء الاكبر في الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق من خلال اتفاق جميع الأطراف بأن غرفه العمليات التي ستتابع تنفيذ الاتفاق ستكون بالقاهرة، مضيفا أن توجيهات الرئيس السيسي لكل مؤسسات الدولة هي الاستعداد لإدخال المساعدات الإنسانيه من خلال معبر رفح وهو ما بدأ بالفعل في وجود آلاف الشاحنات في انتظار إشاره البدء للدخول إلى غزة.
وأكد دكتور حمدي بلاط، نائب رئيس الحزب، أن إنقاذ الجرحى والمصابين وعلاجهم سيكون على عاتق مصر وهو الأمر الذي استعدت له وزاره الصحه المصريه بشكل جيد، مشددا أن ماستقوم به مصر فور بدء تنفيذ الاتفاق هو استكمال للدور المصري الذي بدأ منذ بدايه الحرب على غزة وكلل بالوصول إلى اتفاق يوقف حرب الإبادة على غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها.
مصر لم تتخلى عن دورها في دعم القضية الفلسطينية
وفي ذات الصدد، قال ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل، إن مصر على أعتاب الدخول الى حيز التنفيذ للاتفاق الذى تم بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس بوساطة مصرية، قطرية، أمريكية، والتى لا نبعد عن تنفيذها على الأرض الفلسطينية إلا عدة ساعات فقط ونهنئ الشعب الفلسطيني البطل بهدنة ستؤدى إلى وقف حرب الإبادة الوحشية التى راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني ما بين شهيد وجريح وحقن الدماء الفلسطينية التي روت الأراضى حولها فى أبشع مجزرة شهدها القاصى والداني على الهواء مباشرة ، موجها تحية احترام وتقدير مصحوبة بإعجاب شديد بمؤسسات الدولة المصرية وقيادتها السياسية ومنظمات المجتمع المدنى بتحالفها الكبير على كل ما قدمته طوال الشهور الماضية منذ اندلاع عملية السابع من أكتوبر لمنع تصفية القضية الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي الوحشى وإدخال المساعدات الغذائية والاغاثية لأهالي غزة فى القطاع الصامد ببسالة وشجاعة وصبر.
وتابع «رئيس حزب الجيل» أنه بعد أن تضع الحرب أوزارها علينا أن نراجع نتائج تلك الحرب التى استمرت أكثر من 15 شهر، كاشفا أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى وضعت لنفسها بعد هجوم حماس على غلاف غزة فى السابع من أكتوبر 2023 ، عدة أهداف على رأسهم تصفية القضية الفلسطينية بتهجير الغزاوية إلى سيناء وإقامة دولة لهم على حدودها وتهجير أهالى الضفة الغربية إلى الأردن ومن هذه الاهداف استعادة الرهائن بالقوة العسكرية، وتدمير حماس وإنهاء حكمها للقطاع، وضمان عدم تكرار ما حدث فى يوم السابع من أكتوبر.
وأكد الشهابي أن إسرائيل بالرغم من تدميرها القطاع واغتيالها الزعماء والقادة الكبار فى حماس وحزب الله إلا أنها لم تحقق أى هدف من أهدافها كما أنها لم تنجح فى تصفية القضية الفلسطينية، بينما حركة حماس لم تحقق أيضا أيا من أهدافها بالرغم من صمودها الاسطوري واستشهاد رئيس مكتبها السياسي "إسماعيل هنية وخلفه القائد يحيي السنوار' وكذلك استشهاد الأمين العام لحزب الله وخليفته وكثير من القيادات المقاتلة خلاف دمار قطاع غزة كاملا ،ولكن فى المقابل ألحقت المقاومة الباسلة بجيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة فى الأفراد والمعدات وبلغت خسائر إسرائيل الاقتصادية حوالى 60 مليار دولار.
وأشار ناجى الشهابي الى أن الدور الذى لعبته الدولة المصرية منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي أكد أن الدولة كبيرة فى محيطها الإقليمى والدولي وأن كلمتها مسموعة وقرارتها نافذة ورؤيتها المتكاملة هى التى انتصرت فى النهاية حققت كل أهدافها، فقد حافظت مصر على القضية الفلسطينية وأحبطت مخطط تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء والضفة الغربية إلى الأردن وأجبرت إسرائيل عبر دخولها كطرف فاعل فى المفاوضات من الخروج من محور فيلادلفيا ومعبر رفح، بجانب إلى أنها تتولى تنفيذ الإتفاق من حيث تبادل الأسرى بين الطرفين كما ستتولى إدخال المساعدات بالكامل بالإضافة إلى المشاركة فى إعادة الإعمار.
ونوه الشهابي بأن مصر الكبيرة فرضت الأمر الواقع وشرعنت تواجدها العسكرى فى سيناء رداً على الاختراق الإسرائيلى الذى حدث فى البداية، وهو مكسب لم تحققه مصر منذ توقيعها على معاهدة السلام المعروفة بمعاهدة كامب ديفيد، موجها تحية الاحترام والتقدير للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي فقد حافظت على القضية الفلسطينية ومنعت تصفيتها بل أحييت قرارات الشرعية الدولية بإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ودافعت عن أمنها القومى وخطها.
مهران: اتفاق وقف النار في غزة يؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة بقيادة مصرية
بينما يشير الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، إلى أن موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل انتصاراً للدبلوماسية المصرية وخطوة مهمة نحو إنهاء المأساة الإنسانية في القطاع.
وقال الدكتور مهران في تصريحات له، إن نجاح مصر في قيادة المفاوضات مع الوسطاء قطر والولايات المتحدة، وإقناع جميع الأطراف بالموافقة على الاتفاق يؤكد مجدداً دورها التاريخي كركيزة أساسية للسلام في المنطقة، مشيراً إلى أن الصيغة النهائية للاتفاق تعكس حنكة دبلوماسية مصرية فريدة.
وأوضح أن الاتفاق الذي سيبدأ تنفيذه في 19 يناير 2025 يمثل نقطة تحول استراتيجية، مشيرا الي أنه يتضمن ثلاث مراحل رئيسية تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار وتبادل للأسرى والمحتجزين، وتمهد الطريق نحو حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية، لكنه أكد على أنه يجب أن يكون بداية لمسار أشمل نحو تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خاصة تلك المتعلقة بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وشدد الدكتور مهران على أن قرارات مجلس الأمن الدولي، وخاصة القرار 242، تؤكد على عدم شرعية الاحتلال وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967، بالإضافة إلى فتوى محكمة العدل الدولية الأخيرة التي أكدت على ذلك، فضلا عن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة انسحاب إسرائيل خلال عام، معتبراً أن أي حل دائم يجب أن يستند إلى هذه القرارات.
كما أشار الخبير الدولي إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تمتد لـ42 يوماً، تضع أسساً صلبة لبناء الثقة، لكنها يجب أن تتبعها خطوات جادة نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضرورة حل الدولتين.
ولفت مهران إلى أن نجاح الوساطة المصرية يؤكد قدرتها على تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن والاحتياجات الإنسانية، مشيراً إلى أن الاتفاق يضمن عودة النازحين وإدخال المساعدات الإنسانية مع الحفاظ على الترتيبات الأمنية اللازمة.
وأكد عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي أن مصر، بموقعها الجغرافي وثقلها السياسي وخبرتها التاريخية، تمثل الضامن الأقوى لنجاح الاتفاق وتنفيذ بنوده، مشدداً على أهمية دعم المجتمع الدولي للجهود المصرية.
وحذر مهران من أن وقف إطلاق النار رغم أهميته القصوى، لا يجب أن يكون بديلاً عن التسوية الشاملة للقضية الفلسطينية، مؤكداً ضرورة البناء على هذا النجاح للدفع نحو مفاوضات جادة تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة.
وفي ذات السياق شدد الخبير القانوني على أن القانون الدولي يقف بقوة مع الحقوق الفلسطينية، مستشهداً بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية التي أكدت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
هذا ونوه الدكتور مهران إلى أن مصر ستواصل بقوة دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية حتى تحقيق السلام العادل والشامل، داعياً المجتمع الدولي إلى اغتنام هذه الفرصة التاريخية للدفع نحو حل نهائي يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.