محمود موسى و14 سنة في خدمة اللغة العربية: هدفي الناس تستمتع بها وتمارسها يوميا

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024 06:46 م
محمود موسى و14 سنة في خدمة اللغة العربية: هدفي الناس تستمتع بها وتمارسها يوميا محمود موسى وعدد من الأطفال خلال فعالية للغة العربية
كتبت سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"كبسولات لغوية، إما أنها تنعشُ ذاكرتَك، وإما تداوي بعض أسقامكَ" شعار رفعه "محمود موسى" خلال رحلته التي بدأت من 14 عامًا في محبة اللغة العربية وإحيائها، وقد خرج بها من حيز مواقع التواصل الاجتماعي إلى أرض الواقع، ليدعم "كبسولاته اللغوية"، بـ"ليالي الشعر والفن واللغة" التي يقيمها مرة كل شهر من أجل تعزيز العلاقة باللغة العربية كأسلوب حياة وليس مجرد دروس نظرية تستقر في الكتب.

استخدم "موسى" في سبيل ذلك طرقًا إبداعية متنوعة من الأغنيات التي تشرح بعض القواعد اللغوية إلى "الكوميكس" التي تصحح بعض الأخطاء الشائعة مرورًا بالومضات التي تسلط الضوء على معلومات لغوية موجزة لتحفز المهتمين بالبحث عنها وتعلمها.
 

موسى: اللغة تؤثر حتى على طريقة تفكيرنا

"حسيت إن في سور بين الناس وبين الشعر وهو اللغة، فقررت أخذ الخطوة لتعزيز علاقتنا بها كأسلوب حياة" من هنا كانت بداية الفكرة، حسبما قال "موسى" في حواره مع "اليوم السابع" الذي يسلط الضوء على مبادرته في إطار حملة "اتكلم عربي". وأضاف "تخرجت في كلية التجارة، لم أدرس في إحدى الكليات المتخصصة في اللغة العربية ولكنني أحبها وشغوف بها منذ الطفولة. ولكن إلى جانب دراستي الأكاديمية ثم عملي، أنا شاعر، ورغم حصولي على جوائز في الشعر داخل وخارج مصر، إلا إنني شعرت أن هناك حاجزا بين الناس وبين الاستمتاع بالشعر وتذوقه وهو اللغة، ففكرت في "كبسولات لغوية" لأهدم هذا الحاجز تدريجيًا".

جانب من إحدى الفعاليات
جانب من إحدى الفعاليات

يرى "موسى" أن اللغة تؤثر على كل جوانب الوعي وهويتنا وثقافتنا، بل وحتى على طريقة تفكيرنا وأوضح: "إتقان اللغة العربية والتعمق فيها سيعلمنا كيف نتقبل الآخر، سيعلمنا أن هناك أوجها عدة للصواب. فضلاً عن أن التراث كله مبني على اللغة العربية فلو أن هناك لفظا واحدا لا أعرف معناه في مسألة فقهية مثلاً المعنى كله سيضيع، لهذا لا أبالغ حين أقول إن الخلل اللغوي هو أول الطريق إلى الخلل المعرفي".

عدد من الحضور
عدد من الحضور

 

اللغة تشبه الرياضة يجب ممارستها يوميًا

ولأنه يؤمن أن تعزيز العلاقة باللغة العربية يشبه الرياضة، تحتاج إلى تمرين يومي، فقد لجأ إلى طرق مختلفة لتحقيق هذا الهدف، وبدأ بصفحة "كبسولات لغوية" على فيسبوك التي تقدم معلومات موجزة ومحتوى يساعد على ممارسة اللغة في روتين اليوم ويمكن مشاركته بين الناس، بالإضافة إلى تأليف أغنيات ومسرحيات تقدم محتوى لغوي بطريقة جذابة وترفيهية.

جانب من عروض الديوان
جانب من عروض الديوان

 

وقال: "من أهم أسباب تدهور المستوى في اللغة العربية، رغم أنها لغتنا الأم، عدم ممارستها بشكل يومي، وتقديمها بطريقة تحولها لواجب أو عبء لذلك كنت حريصا على أن أطور العلاقة باللغة وإشباع الناس بها من خلال ربطها بالترفيه، لذلك فكرت في الأغاني والمسرحيات وحفلات الديوان التي بدأتها منذ 5 سنوات".

وأضاف: "للترفيه دور كبير في النهوض باللغة فالفنان كاظم الساهر على سبيل المثال، رغم بعض تحفظاتي، حقق إنجازًا كبيرًا في أن يجعل الناس تحبه وتحب فنه رغم أن غالبية أغانيه باللغة العربية وهو ما أثبت للناس أن العيب ليس في اللغة أبدًا وإنما في التناول". مشيرًا إلى أن المحتوى النظري للغة موجود في الكتب لمن يهتم، لكن الدور المعني به هو تحويل هذا المحتوى إلى تطبيق في الحياة اليومية.

مليون متابع وردود فعل غير متوقعة

رغم ما يقابله من محاولات تثبيط وردود فعل محبطة من بعض المحيطين به أو المتابعين، أو حتى الهجوم من قِبَل الذين لم يتقبلوا تقديم اللغة العربية بطرق مبتكرة، إلا أنه طيلة 14 عامًا لم يفقد أبدًا إيمانه بالفكرة. وقال: "في البدايات كنت أُصاب بالإحباط وأنسى الموضوع لبعض الوقت، ثم أعود من جديد لأن شغفي به أكبر. وبالعكس، الواقع واهتمامي بالفكرة فرضا عليَّ تعلم أشياء أخرى لأخدم فكرتي، من الإخراج إلى التعليق الصوتي، إلى التمثيل وكتابة السيناريو. والحمد لله، أرى أنني حققت نجاحًا كبيرًا، فوصول عدد المتابعين لما يقرب من مليون متابع على فيسبوك لفكرة متخصصة كهذه هو نجاح لم أتوقعه، وإن كنت أحلم بما هو أكثر وأن يتم تنظيم رحلات شهرية إلى ليالي اللغة والفن من المحافظات لحضور الفعالية".

محمود موسى وإحدى فعاليات الديوان (2)
محمود موسى والجمهور في إحدى فعاليات الديوان

 

موسى: الاهتمام باللغة العربية في تزايد وخاصة بين الأطفال

ورغم التدهور الملحوظ في مستوى اللغة العربية لدى الكثيرين في الوقت الحالي، والذي يرجعه "موسى" إلى عدة أسباب، منها الأساليب التعليمية الخاطئة، وبعض المدرسين غير المؤهلين، بالإضافة إلى تراجع العالم العربي في المجالات العلمية، إلا أنه يرى أن الاهتمام باللغة في تزايد. وقال: "أزعم من خلال ما أشهده أن الاهتمام باللغة العربية يتزايد ولا يقل، حتى أنني أجد ناسًا بسطاء جدًا مهتمين بتطوير لغتهم. فمن التعليقات التي لا أنساها أبدًا، تعليق كتبه سائق 'توك توك' يقول إنه يهتم يوميًا بمتابعة ما أقدمه لأنه شغوف باللغة العربية. وتصلني تعليقات من طلاب يقولون إنهم استفادوا من الصفحة رغم أن هدفي غير تعليمي، وأن أساتذة جامعات يرشحونها لطلابهم. ولكن الاهتمام الذي فاجأني فعلاً كان من الأطفال، الذين فوجئت باهتمامهم وتفاعلهم في حفلات الديوان، وهو ما يجعلني أضع في اعتباري أن أقدم المزيد من المحتوى للأطفال".

تعليق سائق التوك توك
تعليق سائق التوك توك

 

أهمية إتقان اللغة العربية للأطفال

وعن أهمية تعزيز ارتباط الأطفال باللغة العربية، قال "موسى": "فضلاً عن الواجبات الدينية – لو أن الطفل مسلم – والتي تعد اللغة أساسًا لها، مثل الصلاة، فإن تعلم اللغة يوسع مدارك الأطفال ويطور أسلوب التفكير لديهم. كما أن الطفل يحتاج لأن يشعر بأن له كيانًا وهوية.

وإلى جانب ربط اللغة العربية بالحياة اليومية، يرى "موسى" أن اللغة لو ارتبطت بشئون العمل، سيهتم الناس بها كما يهتمون الآن باللغات الأجنبية لأنها تؤهلهم لفرص أفضل في سوق العمل.

محمود موسى وإحدى فعاليات الديوان (6)
محمود موسى وعدد من الأطفال المشاركين في إحدى الفعاليات 

 

أخيرًا، لفت إلى أن هناك فرقًا كبيرًا بين ما يفعله من خلال المسرحيات والأغنيات وبين "مسرحة المناهج". وأوضح: "بعض المدارس طلبت مني العمل على مسرحة المناهج، ولكنني رفضت، لأن ما أفعله يقوم بالأساس على الإلهام وليس الإلزام والواجب. ولأن هدفي ليس تعليميًا – فهذا دور المدرسين – وإنما هدفي أن يستمع الناس للغة ويستمتعوا بها بكل طريقة ممكنة".

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة