أكثر من سبعة أسابيع مرت على الانتخابات البرلمانية في فرنسا، لتدخل بعدها عاصمة النور في طريق مسدود، يحاول الرئيس إيمانويل ماكرون الخروج منه وتحقيق انفراجة في تشكيل حكومة من خلال محادثات استكشافية، والتشاور مع المحافظين، بعد أن استبعد ماكرون تشكيل الحكومة من معسكر اليسار فقط.
وبرر ماكرون قراراه بضرورة الحفاظ على استقرار المؤسسات لرفض هذا الخيار، إذ توعدت الكتل السياسية الأخرى، من الوسط إلى أقصى اليمين، بحجب الثقة عن حكومة من أقصى اليسار باعتبارها "خطيرة".
وتشهد البلاد أجواء سياسية تزداد توترا في ظل انتقادات حادة من تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة" لقرار ماكرون، ودعوة فرنسا الأبية إلى التظاهر في 7 سبتمبر ضده، حيث تقوم الحكومة الحالية بتسيير أمور الدولة لحين تشكيل الحكومة، وهو وضع غير مسبوق في البلد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وأعلن حزب "فرنسا الأبية" من تكتل الجبهة الشعبية اليسارية بأنه سيلجأ لتفعيل المادة 68 من الدستور والتي تنص على عزل الرئيس إيمانويل ماكرون بعد استبعاد الجبهة من تشكيل الحكومة.
وقال منسق حزب "فرنسا الأبية" النائب مانويل بومبارد في بيان على منصة "إكس": "ماكرون يرفض تعيين لوسي كاستيت كرئيسة للوزراء، ونواب "فرنسا الأبية" سيقدمون اقتراحا لعزله إلى مكتب الجمعية الوطنية (مجلس النواب بالبرلمان الفرنسي) وفقا للمادة 68 من الدستور، وأي اقتراح لمرشح لرئاسة الوزراء بخلاف لوسي كاستيت، سيخضع للتصويت على حجب الثقة".
كما دعا زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلونشو الشارع والقوى السياسية والمجتمعية للتحرك ضد قرارات الرئيس.
وفي الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت قبل سبعة أسابيع، جاء التحالف اليساري "الجبهة الشعبية الجديدة" المؤلف من حزب الخضر والاشتراكيين والشيوعيين والحزب اليساري "فرنسا الأبية" في المركز الأول، وجاءت قوى الوسط التي ينتمي إليها ماكرون في المرتبة الثانية في الانتخابات، يليها القوميون اليمينيون حول مارين لوبان وحلفائها.
واقترح ماكرون مراراً وتكراراً نوعاً من التحالف الكبير بين الشيوعيين والمحافظين، واستبعد تعاون الحكومة مع القوميين اليمينيين وكذلك مع حزب فرنسا الأبية اليساري، وهو جزء من التحالف اليساري، ومع ذلك، فمن غير الواضح كيف سيتم الحصول على الأغلبية.
وشعر التحالف اليساري، بالغضب لأن ماكرون لم ير أن تشكيل حكومة من قبلهم خيار، ولم يرغب الاشتراكيون والشيوعيون والخضر في المشاركة في المحادثات الجديدة التي بدأها ماكرون، كما لم تتم دعوة LFI حتى، فيما أكد التحالف مرارا وتكرارا أنه يريد أن يحكم كمجموعة.
كما أكد ماكرون عدة مرات أن معسكره تعرض للهزيمة في الانتخابات وأن رئيس الوزراء المقبل لا ينبغي أن يأتي من صفوفه، لذلك يمكن الافتراض أن ماكرون لا يزال يأمل في التمكن من كسب تأييد أحزاب الطيف اليساري لتشكيل حكومة ذات معسكر الوسط.
وتهدف محادثات ماكرون إلى تعيين رئيس وزراء جديد لحكومة مستقرة، وفي الوقت نفسه، ربما لا يريد أن يطغى على انطلاق دورة الألعاب البارالمبية ، ولكن إذا تم تعيين رئيس جديد للحكومة خلال الألعاب، فمن المحتمل أن يبقى الوزراء الحاليون في مناصبهم حتى الحفل الختامي في الثامن من سبتمبر على الأقل في وزارتي الداخلية والرياضة، ومع ذلك، لم يتبق الكثير من الوقت، حيث ستبدأ المناقشات في البرلمان حول الميزانية القادمة في الخريف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة