مجدى أحمد على

يا سينما يا غرامى

عمر الشريف وأنا «2»

السبت، 20 يوليو 2024 01:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بدأ تصوير «ضحك ولعب وجد وحب»، وتم اختيار كمال عبدالعزيز مدير تصوير الفيلم لكى يتفرغ طارق التلمسانى لمهمة إخراج عمله الأول، ووافقت بعد إلحاح من عمرو عرفة، على العمل كمساعد مخرج، وهو ما كنت قد امتنعت عنه بعد أكثر من 13 عاما من العمل فى الأعمال المساعدة، وكانت فى المجمل «تجربة العمل فى فيلم كمساعد إنت كاتبه» تجربة حزينة، فالكاتب يرسم خيالا وهو يتناول الشخصيات والأحداث برؤية محددة، وعدم انفصاله عن هذا الخيال أثناء تنفيذ هذا الخيال بعين مخرج آخر وخاصة أنه لم يسبق له خوض التجربة، تجربة مرهقة على جميع المتسويات.


ومع حضور عمر الشريف إلى موقع التصوير مبكرا كعادة المحترفين، بدأت تجربة جديدة من جميع النواحى، فوجئت بعمر الشريف الذى لم اكن أعتقد أنه يتابع برامج التلفزيون المصرى،  يخاطب طارق التلمسانى بصوت عال حرصا على «إسماعى» أنه غير سعيد بحواره أمس فى التليفزيون عن الفيلم، خاصة إشادته بمجدى أحمد على، لدرجة رآها زائدة وخاصة أنه مخرج مساعد إضافة لكتابة السيناريو، وتظاهرت بعدم السماع حتى لا أزيد من حرج طارق الذى كان تصرفه منطلقا من حسن النية والصداقة التى تجمعنا.


ومنذ اللحظة الأولى لاحظت أن عمر يختلف فى العمل تماما عن أحواله فى الفندق، بدأت أراه كرجل عصبى متوتر لا يجامل، وإن حاول طوال الوقت السيطرة على فعل الزمن، فى مشهد كان بينه وبين يسرا حاولت كمساعد مخرج أن أستفيد من حضوره المبكر بتصوير لقطاته قبل أن تنتهى يسرا من مكياجها، فرفض تماما وقال بحسم، لم أمثل مع يسرا من قبل، وأريد فى لقطات كل منا أن تتجانس من ناحية الأداء والرتم، وفعلا انتظرنا أكثر من ساعة حتى جاءت يسرا وصورت جانبها من المشهد، ومن ثم اتجه عمر إلى موقعه خلف الكاميرا لكى يساعدها وكأنه فى المشهد، وهو أمر مألوف فى الصناعة ولكن ليس دائما.


وفى نفس المشهد الذى كان تحقيقا جنائيا، حاولت كمساعد أن أشرح حركة الكاميرا للأستاذ كما أفهمها، فكان رده برقة وعدوانية أيضا، مجدى فيه مخرج واحد فى اللوكيشن، وقد كان أن أصمت إلى نهاية الفيلم وطلبت من طارق ألا يستسلم لرقة عمر، وأن يذاكر شغله جيدا، لأننا ليس أمام شخص سهل يمكن أن يتساهل أو يجامل.


بعد يومين كنا فى مصر الجديدة للتصوير فى فيلا «موقع منزل عمر» وكان عشوب مشغولا بمكياج الأستاذ حين كان يحدثنا عن مخرج أتاه بسيناريو لم يقرأه بعد، سألته فقال أن اسمه عبداللطيف زكى، وما هى إلا لحظات حتى فوجئنا بدخول الأستاذ عبداللطيف ومعه الصديق المونتير الجميل عادل منير، رحب به عمر رغم أنه فوجئ به، لكنه انفجر غضبا عندما حاول عبداللطيف أن يسلمه عددا من شرائط الفيديو لكى يتعرف على أعماله السابقة، قبل قراءة السيناريو، انفعل عمر كما لم أره من قبل، وانهمرت شتائمه على جميع الكتاب والمخرجين، وأن الناس لا تحترم مواعيد العمل وأنه لم يطلب منه «أن يتعرف عليه»، وأنه لم يشغل نفسه بمجرد الاستئذان للحضور إلى موقع العمل! غادر عبداللطيف وعادل منير بشكل أحرجنا جميعا، الغريب أننى  شخصيا - لم أتعلم الدرس، كنا فى الإسكندرية وأثناء عملية المكياج أيضا لا أعرف من فتح حوارا حول فيلم «الأراجوز»، ولما كانت العلاقة مع الأستاذ تطورت إلى ما يشبه الصداقة ظننت وبعض الظن حماقة أن باستطاعتى قول رأيى المتواضع الذى كان باختصار إيجابيا فى النصف الثانى من الفيلم فقط، حيث رأيت أنه أفضل فى المستوى من النصف الأول، سكت عمر وتظاهر بعدم الاهتمام، ثم انفجر فجأة فى فاصل من السباب لى ولكل مخرجى مصر وكتابها، وأنه هو من كتب الفيلم، وأن رأيه أن السيناريو الذى يمثله الآن «وكان قد أبدى إعجابه الشديد به» هو ما يمكن أن يمسح به مؤخرته، كان عمر منفعلا إلى أقصى درجة، وكانت يداه ترتعشان، وغير قادر على السيطرة على جسده بالكامل،  انتابنى شعور غريب حين فكرت فى الرد عليه، فليس من شيمى السكوت ولا التحكم فى ردود أفعالى، فجأة أحسست أن ردى عليه سوف يكون قاسيا لدرجة قد يتوقف الفيلم بعدها، إضافة إلى عدم ضمان رد فعله الذى تخيلته فى صفحات جرائد اليوم التالى «مساعد مخرج يقتل فنانا عالميا» دفعنى طارق وآخرون، فانسحبت دون كلمة وفى الليل كنت بغرفتى بفندق شيراتون المنتزة حين جاءت الصديقة «إيناس» وكانت صديقة لعمر وتدير له معظم أعماله، تبلغنى أن عمر يطلب حضورى إلى المطعم وأنه أمرها ألا تعود إلا وأنا معها، قالت لى إيناس إن الرجل قال عنى كلاما جميلا، وأن هذه هى طريقته فى الاعتذار، وأنها لم تره أبدا يعتذر لأحد، نهضت واتجهت معها واستقبلنى برقة ومودة متيحا لى مقعدا بجانبه، قائلا: «تبقى غلطان لو زعلت، إنت مش عارفنى؟»، قلت: «لا.. الحتة دى ما اعرفهاش»، وكان عقابى هذه الليلة أنى اضطررت إلى المكوث معه فى «النايت كلوب» بعد أن غادرنا كل فريق العمل وكانت المرة الأولى أيضا التى أعرف فيها أنه لا يفوت فقرة الرقص الشرقى مهما تأخرت وكانت الليلة ضريبة الصلح.


فى صباح اليوم التالى بعد ذلك عرفت أن خناقة مثل التى حدثت معى فعلها عمر مع الكثيرين لأسباب مختلفة، وإن كان معظمها حول أفلامه فى مصر، فكانت هناك معركة مع سعيد مرزوق ونجلاء فتحى وسمير صبرى وحتى الناقد الكبير سمير فريد حيث لم تعجبه ملاحظة سمير عن علاقته المهنية بيوسف شاهين.


كان الرجل الذى جاوزه الزمن وأرهقته الوحدة يعانى من ذهاب الأصدقاء، وأن العالم من حوله يتبدل دون قدرة منه على التواؤم أو السعادة.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة