سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 15 يونيو 1953.. عبدالناصر يرفض إلغاء «البرنامج الثانى» لإفساح المجال والمساحة لإطلاق «برنامج صوت العرب»

السبت، 15 يونيو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 15 يونيو 1953.. عبدالناصر يرفض إلغاء «البرنامج الثانى» لإفساح المجال والمساحة لإطلاق «برنامج صوت العرب»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دعا فتحى الديب كلا من صالح جودت مراقب البرامج الثقافية فى الإذاعة، والمذيع أحمد سعيد للذهاب معه إلى مبنى مجلس الثورة بالجزيرة للقاء بعض أعضائه، بعد ظهر 15 يونيو، مثل هذا اليوم، 1953، لمناقشة ما تم إنجازه لإطلاق برنامج «صوت العرب»، حسبما يذكر «سعيد « فى مذكراته» غير المنشورة وبحوزتى صورة منها.


كان «الديب» مكلفا من جمال عبدالناصر بتنفيذ برنامج «صوت العرب»، ولم يكن عبدالناصر رئيسا بعد، ثم اختار «الديب» له صالح جودت وأحمد سعيد، وبعد فترة قصيرة من بدايته استغنى عن «جودت»، وأصبح «سعيد» رئيسا للبرنامج ونجمه حتى أصبح إذاعة «صوت العرب».


يكشف «سعيد» فى مذكراته خطوات إعداد «صوت العرب»، من بينها عقد لقاءات مع مفكرين وعلماء وشيوخ وكتاب وأساتذة جامعات، للاستفادة منهم والحصول على دراسات فى مجال اللغة العربية والتاريخ وعلم النفس والاجتماع وغيرها، ويذكر تفاصيل اللقاء مع زكريا محيى الدين رئيس المخابرات، وجمال عبدالناصر يوم 15 يونيو 1953.


يتذكر «سعيد» أن عبدالناصر دخل عليهم بعد عشرين دقيقة من بداية اللقاء، وقدم التحية وعبارات المجاملة، ثم تحدث عن «صوت العرب»، قائلا: «أنا متابع نشاطكم فى الإعداد للبرنامج، ومقدر جهودكم فى جمع المعلومات، وعارف إن العملية معقدة زى الإعداد لحملة عسكرية، خاصة إن عملكم مع عقول ونفوس وظروف ناس مختلفة المصالح والمدارك كمان، وده اللى مخلينى أصبر عشان البرنامج يبتدى قوى وناجح من أول يوم، وكان موقف عظيم يا أستاذ صالح وأنت شاعر كبير لك فى اللغة كتير إنك تشجع أحمد سعيد على سؤال الشيخ أحمد حسن الباقورى «وزير الأوقاف»، والشيخ محمود شلتوت «أصبح شيخا للأزهر عام 1958»، والأبحاث اللى طلبتوها من الجامعة العربية وبعض الأساتذة والكتاب، كل ده طمنى بس الأحداث ضاغطة علينا، وإحنا كمان بنضغط عليها خصوصا بعد توقيع اتفاقية السودان فى 12 فبراير، وتركيزنا بعدها على الجلاء عن مصر، وده من أهم أهداف الثورة، لكن الجماعة فى لندن لهم رأى تانى والأمريكان معاهم عشان البترول وإسرائيل ولو أنهم بيدعوا الحياد فى الظاهر، المهم احنا داخلين على أيام نحتاج فيها للبرنامج بتاعكم، فيه مذكرة لتشرشل «رئيس وزراء بريطانيا» وقع نصها فى إيدينا ما تطمنش، وفيه احتمال تصعيد مواقف بمنطقة القناة زى سنة 1951 اللى عشتها يا أحمد، أظن واجبكم إنكم تبتدوا فى أقرب فرصة ممكنة، أنا عايز البرنامج ده أحد أسلحة الثورة فى تحقيق استقلال مصر والعرب، أنتم إيه اللى مأخركم؟».


رد فتحى الديب: «استكمال معلومات يا ريس»، فرد عبدالناصر: «وليه الاستكمال ما يتمش مع بدء العمل، ثم يا فتحى الاستكمال ده عملية مستمرة عمرها ما تقف يوم وإلا تجمد العمل، وبعدين أنا عايز أسمع بتوع الإذاعة، أمال أنا طلبتهم ليه معاك، أنت كان الله فى عونك»، رد جودت: «الحقيقة إحنا شبه جاهزين، بس قلنا لو نجهز أكثر يكون أفضل، وكان فى ذهننا إن بدء الإرسال يكون يوم 23 يوليو بمناسبة مرور سنة على الثورة».


وجه عبدالناصر نظرة تأمل ثم اندفع قائلا فى عتاب وحسم: يا أستاذ صالح الثوة داخلة على مفاوضات وصراعات، تفتكر من المصلحة تأخير استعمال سلاح الكلمة اللى اشتكى منها تشرشل وأعوانه وهى شوية تصريحات ومقالات، عشان احتفل ببدء برنامج إذاعة بعد أكتر من شهرين فى مناسبة مرور سنة على الثورة، أنا ما وافقت عليه عشان احتفال..لأ.. أنا وافقت عشان أشتغل به وأحارب كمان النهاردة قبل بكرة».


رفع أحمد سعيد يده طالبا الإذن بالكلام، قائلا: «إحنا صحيح فكرنا فى البدء يوم 23 يوليو لإن فيه استحالة نبتدى قبل 15 أو 18 يوليو، حسب وجهة نظر الهندسة الإذاعية»، يسأل عبدالناصر: «وإيه مشكلة الهندسة الإذاعية؟»، يرد صالح: «محطات الإرسال كلها مشغولة»، يضيف أحمد سعيد: «بالإضافة إلى أن الموجات المخصصة دوليا لمصر على قد البرامج الشغالة حاليا»، يسأل عبدالناصر: «يعنى مافيش مجال تبتدوا على طول»، يجيب صالح: «هندسيا مافيش خالص».


طلب أحمد سعيد من صالح جودت أن يطرح اقتراح المهندس عز الدين فؤاد بالحل المؤقت، ويطلب عبدالناصر من أحمد أن يذكره هو، فيقول: «المهندس عز اقترح إما إلغاء البرنامج الثانى وده بيتذاع على موجتين متوسطة تتسمع فى المشرق وقصيرة تتسمع فى المغرب»، يسأل عبدالناصر: «البرنامج الثانى بتاع المثقفين؟» ثم يجيب: «لا..لا..لا، إلغاء لبرنامج ثقافى رفيع زى ده».


يستكمل أحمد سعيد باقى الاقتراح: «نقل البرنامج الثانى إلى محطة متوسطة فقط محدودة الاستماع بالقاهرة والمحافظات اللى حواليها دون موجة قصيرة لحين ميسرة»، يعلق عبدالناصر: «ده حل ممتاز مؤقت والقاهرة عامة مركز المثقفين، بس بشرط تجينى بكرة ومش بعده مذكرة بطلب فتح اعتماد لشراء محطات إرسال قوية عشان برنامج صوت العرب وبرنامج المثقفين كمان».







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة