عادل السنهورى

الجمل والفأر والمجزرة.. فى عملية إنقاذ الرهائن الأربعة

الأربعاء، 12 يونيو 2024 02:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعض وسائل الإعلام العربية تعاملت مع عملية إنقاذ 4 رهائن إسرائيليين بصورة غير مفهومة ومزعجة لملايين المشاهدين العرب، فقد بدا الاهتمام بالخبر وإبرازه على أنه "نصر" للجيش الإسرائيلى وجهاز مخابراته وأجهزة المخابرات الأخرى المعاونة له، وهو ما أثار الجدل حوله على مواقع التواصل الاجتماعى.

رواد التواصل الاجتماعى من المحيط إلى الخليج كان لهم عتاب على بعض وسائل الإعلام العربية، واستشهدوا بإعلام العدو الذى لم يبالغ فى التعامل مع خبر إنقاذ الرهان الأربعة الذى جاء بمجزرة منطقة النصيرات بقطاع غزة، نددت بها دول العالم وراح ضحيتها أكثر من 274 شهيدا بينهم 64 طفلا و57 امرأة، وشارك فى عملية تحرير الرهائن جنود من جيش الاحتلال وجهاز الشاباك، وتسللوا فى ملابس النازحين وباستخدام سيارتين مدنيتين وتحت مظلة جوية من عشرات الطائرات الحربية والمسيرات، وبدعم من المخابرات الأمريكية الصديقة، وتم خلال العملية قصف 89 منزلا ومبنى سكنيا مأهولا بالسكان خلال ارتكاب مجزرة النصيرات.

فعلى الرغم من مظاهر الفرحة داخل مجلس الحرب الإسرائيلى، إلا أن الرأى العام الإسرائيلى ووفقا لاستطلاع رأى لمعهد رايخ مان للأبحاث فى هرتسيليا يرى كل 9 من بين 10 أشخاص أن إسرائيل خسرت الحرب مع حماس، وأن السابع من أكتوبر قابل للتكرار.

ما تظهره استطلاعات الرأى ومظاهرات الاحتجاج ضد حكومة نتنياهو فى الداخل الإسرائيلى تؤكد حالة الهزيمة والخسارة، وتبرز حالة الجدل حول الوجود والشرعية للكيان الإسرائيلي، وهو ما يحاول نتنياهو منذ الأمس واستقباله للرهائن الأربعة بفرحة وسعادة مفتعلة أو مبالغ فيها لاستعادة بعض الشعبية داخل الكيانات الإسرائيلية، والتى خسرها بشدة فى الشهور القليلة الماضية ومع استمرار أمد الحرب.

أسئلة كثيرة دارت حول عملية الإنقاذ بالأمس بعيدا عن "الفرحة الوهمية" و"النصر المزيف" داخل الأوساط الإسرائيلية قبل العربية، فهل تستحق عملية استعادة 4 رهائن أو أسرى بعد حرب إبادة مستمرة منذ 8 أشهر هذه الفرحة والاحتفال بنصر خادع، وهل هؤلاء هم آخر الأسرى..؟! وماذا عن باقى الأسرى لدى حماس والذى يقدر عددهم بحوالى 120 أسيرا ورهينة وهل ستكتفى المقاومة الفلسطينية بما لديها من الأسرى أم أن هناك أسرى جدد فى الطريق؟

وهل حصيلة العمليات العسكرية والاستخباراتية وبعد كل هذه الفترة من التدمير والإبادة هى 4 أسرى فقط، وهو ما يشبه عملية مخاض الجمل الضخم الذى ولد فآرا صغيرا!

نحن الآن فى الشهر التاسع من الحرب وما خسرته إسرائيل الكثير جدا على المستوى الاستراتيجى والسمعة الدولية وما بات يقينا فى الوعى العام للشارع الإسرائيلى من حقائق الهزيمة على أرض الواقع، حتى لو أقام نتنياهو الأفراح والليالى الملاح بعد عملية استعادة الأربعة أسرى.

حتى لو ذهبنا لتصديق الرواية الإسرائيلية عن حجم الخسائر والقتلى بين صفوف الجيش الإسرائيلى منذ بداية الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى، فقد قتل 646 جنديا وضابطا إسرائيليا أى ما يعادل كتيبة فى جيش الاحتلال من أجل إنقاذ 4 أسرى فقط فى 9 شهور، وهذه الأرقام للقتلى فى الجيش هى أرقام غير حقيقية بالطبع سواء داخل غزة أو على الجبهة الشمالية مع لبنان وحزب الله. فكم من الممكن أن يقتل من الجنود الإسرائيليين لاستعادة باقى الأسرى وهو هدف واحد من الأهداف المعلنة للحرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي!

مهما حاول نتنياهو من رفع رايات النصر الزائف بالأمس فهناك قناعة لدى الإسرائيليين فى الشارع أو داخل الجيش بأن النصر فى هذه الحرب لن يتحقق، وأن هذه الحرب هى حرب نتنياهو الشخصية ويحاول إطالة أمدها دون تحقيق الأهداف على الأرض، بل وتعريض إسرائيل لمزيد من الخسائر السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية كما وصفها خبراء بأنها "حرب سيزيف الإسرائيلي".

فالنتائج الأولية لحرب الإبادة تظهر أن هناك خللا وارتباكا فى العقيدة العسكرية والنظرية الأمنية لإسرائيل، والتى تحتاج الى إعادة نظر بعد أن أثبتت حرب غزة ان إسرائيل غير قادرة على خوض حروب طويلة ومتعددة الجبهات، خاصة فى جبهة الشمال التى كشفت عن قدرات عسكرية تفوق ما تعرفه إسرائيل من تنوع القدرات القتالية وحجم ونوعية السلاح والصواريخ والطائرات المسيرة. والأهم من كل ذلك هو تفريغ الشمال من سكانه ونزوحهم للداخل الإسرائيلى وفقدانهم الأمل فى العودة مرة أخرى.

ربما أن عملية الأمس وتحرير أربعة رهائن من المستوطنين، كان الحزن والإحباط منها نابع من المجزرة التى راح ضحيتها المئات من الأبرياء، وفى الإجمالى استشهاد أكثر من 37 ألف فلسطينى وتدمير قطاع بأكمله بجامعاته ومدارسه ومعاهده ومساجده وكنائسه ومستشفياته ومنازله وآثاره. لكن الحروب تقاس بمدى القدرة على الصمود وتحقيق الأهداف رغم الجراح والآلام.. فهل استسلمت المقاومة وخضع سكان غزة لمخطط التهجير رغم كل ممارسات العنف والدمار والقتل والتشريد؟.. وهل حققت إسرائيل أهدافها من وراء هذه الحرب سوى الخراب والتدمير وقتل الأبرياء؟







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة