عقدة شمشون وتدمير التراث الفلسطينى(1).. الاحتلال اعتمد على رواية لطمس هوية الفلسطينيين.. هدم أكثر من 200 موقع آثرى و9 متاحف.. داعب مشاعر اليهود لخلق مجال واسع من الكراهية المطلقة للفلسطينيين وتاريخهم

الثلاثاء، 23 أبريل 2024 06:00 م
عقدة شمشون وتدمير التراث الفلسطينى(1).. الاحتلال اعتمد على رواية لطمس هوية الفلسطينيين.. هدم أكثر من 200 موقع آثرى و9 متاحف.. داعب مشاعر اليهود لخلق مجال واسع من الكراهية المطلقة للفلسطينيين وتاريخهم عقدة شمشون وتدمير التراث الفلسطينى
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< الاحتلال استخدم رواياته فى العهد القديم لتدمير آثار غزة ومحوها

<< اتحاد المؤرخين الفلسطينيين: الاكتشافات الأثرية الأخيرة أخرقت أكاذيب الصهاينة وخرافاتهم عن شمشون وغزة

<< المؤرخ محمد عفيفى: الروايات اليهودية جزء منها حقيقى وجزء أكبر يركب عليه أشياء كثيرة

<< رئيس بلدية جنين: الاحتلال هدم معالمنا التاريخية ويطمس هويتنا

<< الاحتلال هدم أكثر من 200 موقع آثرى و9 متاحف خلال عدوانه الأخير على غزة

 

أحد ملوك بنى إسرائيل يدعى "شمشون" وفى إحدى الروايات يدعى "شاؤول"، كان ملكا قويًا حيث انتصر على الأعداء وأخمد معارضيه الذين عرفوا سر قوته فى شعره، ليقررون إرسال زانية له والتى أسكرته وقصت شعره وفقد قوته وتجمع الأعداء وهو فى حالة السكر وقلعوا عينيه وتجمعوا لمحاكمته وعزله، وبعد أيام نمى شعره وهو اعمى فطلب من أحد الخدم أن يرشده إلى أحد الأعمدة الرئيسية  فى المعبد، وأمسك بالعمود وهزه وهدم المعبد على الجميع ليقول عبارته المشهوره "على وعلى أعدائى يا رب"، قصة لا يمكن أن يصدقها طفل يبلغ من العمر 6 أو 7 سنوات إذا حكتها له والدته قبل النوم، ولكن صدق أو لا تصدق أن هذه الرواية الإسرائيلية تعد عقيدة لدى إسرائيل بل تتخذها ذريعة لهدم تراث وآثار الفلسطينيين كنوع من العداء ضدهم باعتبارهم هم من أفقدوا "شمشون" قوته.

حقيقة رواية شمشون

قصص كثيرة روتها الروايات الإسرائيلية – التى  يعتبرها العديد من المؤرخين بأنها مليئة بالخرافات -  فى قصة "شمشون"، حيث تبدأ قصته عندما أحب امرأة فلسطينية تدعى "دليلة" فى منطقة وادى "سروك" غرب القدس، خلال شبابه، وأراد ان يلحق بها فى غزة، وفى طريقه قابله أسد فقتله وجعل من فمه مكاناً للنحل حتى ذكر بأنه أخذ من العسل وأطعمه لأبيه تانوح، حيث تم تسليمه فى المرة الأولى من قبل الفلسطينيين، ومن شدة قوته كسر البوابة الحديدية وحملها وخرج بها إلى "تل المنطار" شرق الشجاعية، وبعض الروايات تقول إنه قتل 1000 فلسطينى ضربة واحدة بفك حمار، فتعجبوا من شدة قوته، وكانت دليلة هذه التى تقيم فى غزة سبب فقدانه لقوته، كما تقول الرواية الإسرائيلية، حيث بعدما هدم المعبد على الجميع دفن غرب الشجاعية بالمقام الذى يدعى لشمشون الجبار.

هذه القصة الخرافية التى يرددها الإسرائيلية، تفسر بشكل كبير سبب كره الاحتلال للتراث الفلسطيني، وتعمده هدم هذه الآثار منذ بداية النكبة فى 1948، وحتى الآن، خاصة أن الاحتلال يغذى تلك القصص فى مناهجه الدراسية للأطفال والشباب فى الجامعات، لتعليمهم الخيار الصفرى وتغذية روح الانتقام من الهوية الفلسطينية.

شمشون

شمشون

الاحتلال يستخدم رواية شمشون في محو التراث الفلسطيني

الدكتورة منى أبو حمدية الأكاديمية الفلسطينية، والباحثة فى التراث والأثار، وعضو الأمانة العامة لاتحاد المؤرخين والأثاريين الفلسطيني، تكشف أسباب احتفاء الرواية الإسرائيلية بقصة "شمشون"، قائلة إن حكاية  "شمشون " هى رواية صهونية توراتية وردت فى العهد القديم فى سفر القضاة، و من هنا وقبل التعريف بهذه الخرافة التوراتية لابد من الاشارة إلى أن مثل هذه القصص والحكايات قد كتبت من قبل بعض الحاخامات اليهودية أثناء السبى البابلى عندما جاء نبوخذ نصر إلى أرض فلسطين ودمر هيكل سليمان وسبى مملكة يهوذا للعراق، بمعنى أنها سلسلة أكاذيب اسرائيلية كتبت فى التوراة لإثبات تلك الخرافات التى تهدف للوجود التاريخى المزعوم للصهاينة.

الدكتورة منى أبو حمدية
الدكتورة منى أبو حمدية

وتكشف عضو الأمانة العامة لاتحاد المؤرخين والأثاريين الفلسطيني، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، معنى كلمة "شمشون"، قائلة إن اسم "شمشون" تعنى "ابن الشمس" وتقول الرواية الإسرائيلية، إن شمشون هو الرجل اليهودى القوى والخارق والذى استطاع  بقوته أن يقتل أسدا بيديه ويجعل من فمه مكانا لخلية نحل، وحدث ذلك بحسب الأكاذيب الصهيونية وهو بطريقه إلى غزة  لخطبة فتاة فلسطينية قد وقع فى حبها اسمها "دليلة، حيث إن هذه الفتاة كما تروى تلك الأسطورة المزيفة فكرت بالإطاحة بشمشون للسيطرة على مصدر قوته والتى تكمن بطول شعره ، حيث تم قص شعره بمساعدة الفلسطينيين "حسب ادعاءات تلك الرواية الصهيونية " ومن ثم فقعوا عينيه فأصبح هزيلاً بلا قوة وخادما للفلسطينيين، إلى أن انتهى الأمر بأن شمشون قد استعاد قوته وقتل الكثير من الفلسطينيين انتقاماً  منهم بما فعلوه به وهدم عليهم المعبد.

وبشأن تسبب قصة شمشون فى كره الاحتلال للتراث والثقافة الفلسطينية، تقول الدكتورة منى أبو حمدية :"ترويج هذه الرواية التوراتية المزيفة قد تشير إلى سمة "القداسة" و"القوة الإلهية " لكل ما هو يهودى ، بمعنى أن تلك الفئة التى عاثت فى الأرض فسادا على مر التاريخ قد تبدو من خلال مثل هذا السرد المزيف، ألا وهو سرد أسطورة "شمشون" العظيم بأن الشعب اليهودى شعب تغلب عليه صفة البراءة والقوة والقداسة وكل معانى المثالية.

قصة شمشون تعطي لليهود مجالاً واسعاً من الكراهية المطلقة للفلسطينيين ولتاريخهم

وتوضح أن مثل هذه الخزعبلات تعطى اليهود الصهاينة مجالاً واسعاً من الكراهية المطلقة للفلسطينيين ولتاريخهم وموروثهم لاعتقادهم أن الفلسطينى عدو همجى وبربرى ويعشق الدماء وأنه لا يستحق هذه الأرض وأن فتايات فلسطين أمثال " دليلة " التى عشقها شمشون هن خائنات ومتآمرات وجب الحذر منهن، وأن غزة تحديداً تعنى الكثير لليهود الصهاينة لاعتقادهم أن قبر شمشون لا يزال موجود فى غرب الشجاعية فى قطاع غزة بحسب زيف ادعاءاتهم التوراتية، وتلك الصورة النمطية السيئة عن الفلسطينيين أولى مساعى المؤسسة الصهيونية لتقديمها للعالم والمجتمع الدولي.

وبشأن ما إذا  كانت قصة رواية شمشون تجعل الاحتلال ينتقم من التراث الفلسطينى تقول منى أبو حمدية: "بلا شك بعدما عملت المؤسسات الصهيونية على تعزيز رواية "شمشون " وغيرها من الخرافات والأساطير التى ترمز لبطولة اليهود المقدسة وغزت هذه الروايات عمق الثقافة العالمية الأجنبية وجسدت هذه الحكايات فى مسلسلات وأفلام متنوعة وعرضت بدور السينما الكبرى إلى الحد الذى جعل المشاهير من بعض الفنانين والأدباء والرسامين بتبنى تلك الرواية وتجسيدها فى أعمالهم الادبية والثقافية، وخير مثال على ذلك لوحة الرسام الشهير أنطون فان ديك  والتى اعتبرت من أشهر وأغلى اللوحات الفنية والعالمية وجسدت السمة المقدسة اليهودية فيها"، موضحة أن هذا الحد الذى وصلت له الصهيونية من دعم وتأييد لسياساتها وحقها بالوجود التاريخى على أرض فلسطين، أوجد ذريعة الانتقام عند اليهود الصهاينة من الفلسطينيين والعرب بالمكان،  بالإضافة إلى أنه الانتقام هو هدف قائم بحد ذاته فى شريعة التوراة التى يؤمنون بها.

وتشير إلى أن رواية شمشون توظفها حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، حيث يمعنون بتعذيب الفلسطينيين ويمارسون أقسى أساليب القمع والتنكيل والتدمير والقتل، وترك الأحياء منهم بالعراء بلا مأوى أو طعام أو شراب، وتلك الانتهاكات التى خرقت كل القوانين والأعراف الدولية والمراد منها الإبادة الجماعية والتطهير العرقى وقطع اتصال الفلسطينى بجذوره التاريخية وشطب هويته وثقافته.

شمشون الجبار
شمشون الجبار

وحول القوانين الدولية التى تمنع تدمير التراث وسرقته، قالت عضو الأمانة العامة لاتحاد المؤرخين والأثاريين الفلسطيني، إنه منذ السابع من أكتوبر إلى وقتنا هذا، لا زالت هذه الحرب تأكل الأخضر واليابس بممارسة الاحتلال لعملية الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى والتى أودت بحياة آلاف الشهداء فى غزة ، وتشريد نحو مليون ونصف مواطن من منازلهم الآمنة إلى المجهول، بالإضافة إلى تدمير النسيج الحضرى الثقافى والمعالم التاريخية ونهب الكثير من القطع الآثرية بواسطة الفرق التى ترافق الجيش الإسرائيلى فى الحرب البرية على غزة، حيث تعتبر هذه الجرائم بحق المواقع التراثية والآثرية والدمار الذى لحق بها نتيجة القصف الإسرائيلى المتعمد والمكثف عليها، بأنه جريمة حرب كاملة وانتهاك واضح للمواثيق والقوانين الدولية فى حالة النزاع المسلح والتى يجب حماية تراثها الوطنى مثل اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين الأول والثانى (1977) التى تنص على انه يحظر النهب وتدمير الممتلكات الثقافية عن طريق غزو أو احتلال القوات، واتفاقية لاهاى  (1954) والبروتوكولات الأول والثانى (1954 / 1999) هى الصك الدولى الوحيد الذى يهدف بشكل خاص إلى حماية التراث الثقافى أثناء النزاع المسلح والاحتلال ، ويحدد ظروف الممتلكات الثقافية التى قد تتعرض لهجوم ، فضلا عن أساليب لحمايتها.

كما تضم القوانين الدولية التى تحرم استهداف التراث الآثار بحسب ما ذكرت الدكتورة منى أبو حمدية، اتفاقية التراث العالمى (1972)  التى تحدد واجبات الدول الأطراف فى تحديد المواقع المحتملة للأهمية البارزة للبشرية، ودورها فى الحماية والحفاظ عليها، فضلا عن حماية تراثها الوطني، والقانون الجنائى الدولى يسمح لمحاكمة مجرمى الحرب الفردية عن الأفعال أو العمليات التدميرية ضد التراث الثقافي.

وبشأن مساعى الفلسطينيون لتفنيد كذب تلك الرواية ومواجهتها، تقول إن الترويج لأسطورة "شمشون" يهدف لإضافة الصبغة المقدسة لليهودية الصهيونية فيستندون لإثبات خرافاتهم بالاعتماد على خرافة أكبر وسردية منسوبة إلى الرب تم خيانته، وترك العمل بأوامره وتعليماته، كما أن لعلم الأركيولوجية مصداقية عالية فى تفنيد الادعاءات الصهيونية لأن جميع عمليات التنقيب الآثرية التى تمت فى غزة تعود للكنعانيين الوثنيين وللمسيحيين وللمسلمين، وهذا الأمر هو مكان جدل بين الفلسطينيين اليوم والادعاءات الاسرائيلية والتى أثبت علماء الآثار بأنها مسيحية أو إسلامية، ولكن دولة الكيان لم تتوقف عن عمليات التهويد والتزييف للحجر والمكان حتى اللحظة.

وتشير إلى أن الاكتشافات الأثرية لاحقاً أكشفت حقائق قد تكون بمثابة صاروخ يحرق أكاذيب الصهاينة وخرافاتهم، لأن الأسطورة التوراتية تفيد بأن البطل الجبار "شمشون " قد دمر "معبد داجون" وهو مكبل اليدين بعمودين كبيرين، وهذا بالمطلق لا يمكن للعقل أن يتخيله، لكن بعثة الآثار الاسرائيلية عام 2010 اكتشفت أن المعبد قد تعرض لزلزال قوى وعنيف أدى إلى تدمير هذا المعبد، حيث صرح البروفيسور الإسرائيلى أرن مائير بأنه تم إجراء فحص دقيق قام به خبراء جيولوجيون وبالزلازل على البقايا المدمرة للمعبد فاتضح بأن الدمار حدث جراء زلزال عنيف، والدليل هو ظهور الجدران المصنوعة من الطوب وقد انهارت وارتمت قطعها إلى موضع يبعد قليلا عن مكانها الأصلي.

وتتابع منى أبو حمدية :"بالإضافة إلى الرواية المزيفة التى تفيد بأن قبر "شمشون التوراتى" يوجد فى غزة، فالحقيقة التاريخية الإسلامية تؤكد بأن هذا القبر يعود إلى الشيخ محمد شمس الدين "أبى العزم " المغربى الأصل والذى جاء إلى غزة اثناء الحكم المملوكى فى غزة ودفن فيها، وبالتالى قوتهم الانتقامية – أى إسرائيل - المتسمة بالألوهية والربانية حسب ادعاءاتهم تأتى لعجزهم عبر التاريخ من تحقيق المحبة والسلام لمن حولهم.

لوحة الفنان أنطون فان ديك عن شمشون
لوحة الفنان أنطون فان ديك عن شمشون

حجم الآثار المدمرة في قطاع غزة

بالحديث عن غزة بالتحديد، سنجد أن الاحتلال منذ بداية عدوانه على القطاع فى 7 أكتوبر الماضى ركز قصفه على المناطق الآثرية فى القطاع، لتخطى عدد المواقع التراثية والآثرية التى استهدفها الاحتلال الـ200 موقعا و9 متاحف، ففى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، كشف جهاد ياسين، مدير المتاحف والتنقيبات فى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أبرز تلك المواقع الأثرية والتراثية بينهم تدمير مختبرين لترميم وصيانة المخطوطات الأثرية، أحدهما يتبع لدائرة المخطوطات بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية فى مبنى أثرى بحد ذاته، والثانى لمؤسسة عيون على التراث، والمقبرة الرومانية، وهى مقبرة أثرية فى شمال غزة على أراضى بلدية جباليا، على بعد 750م من البحر، فى مكان يسمى "أرض المحاربين"، تعود إلى الحقبة الرومانية القديمة الواقعة بين القرنين الثانى والرابع بعد الميلاد، تعرضت لأضرار جسيمة بفعل العدوان، بجانب كنيسة برفيروس والتى تعود إلى الفترة البيزنطية وقد شيدت فى القرن الخامس وتعتبر من أقدم الكنائس فى العالم وقد تم تدمير اجزاء من المبانى الملحقة بالكنيسة.

كما استهدف الاحتلال بحسب مدير المتاحف والتنقيبات فى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، مجموعة من الأحياء التاريخية فى غزة منها حى الزيتون والدرج والشجاعية – والتى يوجد بها مقبرة شمشون كما تدعى الروايات اليهودية، بجانب استهداف مئذنة مسجد المحكمة فى الشجاعية وهو بناء مملوكيبُنى فى الأصل ليكون مدرسة، وذلك عام ١٤٥٥م، تم استهدافه مسبقاً فى حرب سنة 2014م على غزة، وتدمير مجموعة من المتاحف منها متحف القرارة فى محافظة خان يونس، ومتحف رفح، و تدمير كنيسة أثرية فى جباليا، حيث تعود كنيسة جباليا الى العصر البيزنطى حيث تم تشييدها عام 444 م زمن الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني، وتتميز بارضيات الفسيفساء والزخارف النباتية والحيوانية والاشكال الهندسية الرائعة.

جهاد ياسين

جهاد ياسين

وأشار جهاد ياسين، إلى أن الاحتلال استهدف خلال عدوانه الأخير دير سانت هيلاريون "تل أم عامر"، والذى يعتبر من اهم المواقع الاثرية فى غزة وهو مدرج منذ عام 2012-م على لائحة اليونسكو للتراث العالمي. تم تدميرمحيط الموقع والطريق الواصل اليه بسبب العدوان الأخير للاحتلال الاسرائيلى على قطاع غزة، بجانب الجامع العمرى فى جباليا، والذى يُعتبر المسجدُ العمرى أقدمُ وأعرقُ مسجدٍ فى شمال غزة، ويرجع انشاؤه الى الفترة المملوكية ويعتبر من اهم المعالم التراثية فى شمال غزة. تم تدميره بشكل كامل خلال العدوان الاسرائيلى المستمر على قطاع غزة، و بيت السقا وهو بيت تاريخى يعود لفترة الحكم العثمانى لفلسطين، وقد تم بناؤه عام ١٦٦١مفى عهد السلطان محمد الرابع. تم تدميره بشكل شبه كلي.

9b753217-73f5-42c9-b4c8-39fa1f24445a

واستهدف الاحتلال الإسرائيلي، مسجد عثمان قشقار الأثرى شرق مدينة غزة، حيث تأسس المسجد عام 620 للهجرة، ورغم صغر مساحته، فإنه من أقدم المساجد والأعيان الأثرية فى قطاع غزة، وهو موجود فى حى الزيتون شرق مدينة غزة، ومجاور للمسجد العمرى الكبير، الذى دمره الاحتلال خلال هذا العدوان، ومكتبة بلدية غزة وهى أكبر مكتبة عامة فى مدينة غزة أقيمت فى مبنى قديم بعد ترميمه وتأهيله سنة 1997م، تحتوى على 25.000 كتاب تقريباً بعدة لغات عالمية، ومركز رشاد الشوا الثقافي، وهو أكبر مركز ثقافى فى قطاع غزة، يحتوى على وثائق وكتب ومخططات تاريخية، ويقوم بالعديد من الأنشطة من تعليم وتدريب ومؤتمرات ومعارض وعروض مسرحية وسينمائية، ومبنى المركز بحد ذاته تحفة معمارية أُنشئ سنة 1985م، وتم ترشيحه لجائزة آغا خان المعمارية الدولية، بجانب الأرشيف المركزى لبلدية غزة، حيث تدمير مبنى الأرشيف المركزى فى المقر الرئيسى للبلدية، وإعدام آلاف الوثائق التاريخية التى يزيد عمرها عن 100 عام، ومتحف قصر الباشا الأثرى ويضم قصر آل رضوان أو قصر الباشا المملوكى الطراز يعد النموذج الوحيد المتبقى للقصور فى قطاع غزة، يقع فى حى الدرج بالطرف الشرقى من البلدة القديمة لمدينة غزة، وهو حالياً يستخدم كمتحف رسمى لمدينة غزة يحتوى على الكثير من القطع الأثرية المهمة.

كما يؤكد جهاد ياسين، أنه تم رصد تدمير العديد من المواقع الأثرية الأخرى ولم يتسنَّ للوزارة بعد توثيق هذه الاعتداءات بسبب استمرار الحرب وعدم إمكانية الحركة والعمل للطواقم الفنية والأثرية، وهم مسجد هاشم بن عبد مناف والذى يقع فى حى الدرج، حيث تعرض جدران وأسقف المسجد لأضرار بسبب القصف فى محيط المسجد، ومقام الخضر فى دير البلح، وتل المنطار الأثرى على أطراف مدينة غزة، وموقع تل السكن الأثرى فى مدينة الزهراء، والمدرسة الكاملية فى البلدة القديمة بغزة، ومسجد الظفرى دمرى فى حى الشجاعية بغزة، علماً بأنه قد تم استهدافه مسبقاً من قوات الاحتلال فى حرب سنة 2014.

الاحتلال يوظف رواية شمشون لمداعبة مشاعر اليهود لتدمير الآثار الفلسطينية 

المؤرخ الدكتور محمد عفيفى يكشف من ناحيته كيف يستخدم الاحتلال رواية شمشون فى تدمير التراث الفلسطينى ومحو هويته، قائلة إن الإسرائيليين خلال عدوانهم الأخير على غزة يستخدمون تلك الرواية لتبرير وإحياء الذكرى اليهودية وتغذية حرب الإبادة والاستيطانية من أجل توظيف تلك الأساطير وهذا التاريخ فى تدمير الآثار الفلسطينية.

المؤرخ محمد عفيفي
المؤرخ محمد عفيفي

ويضيف المؤرخ محمد عفيفى، فى تصريحات خاصة، أن الاحتلال يوظف تلك الروايات لمداعبة مشاعر الصهيونيين خاصة الإسرائيليين المتدينين والمتشددين من أجل دفعهم نحو محو الهوية الفلسطينية، رغم أن الحكومة اليمينية المتطرفة قد لا تؤمن لتلك الروايات ولكنها تعمل على تغذيتها فى عقول الإسرائيليين.

وبشأن حقيقة تلك الرواية يقول :" الروايات اليهودية جزء منها حقيقى وجزء أكبر يركب عليه أشياء كثيرة، وهو ما يجعل الحقيقة تختلط بالأسطورة، فجزء صغير حقيقة ويبنى خيالات وأساطير، والسياسيين الإسرائيليين المتطرفين يوظفون تلك الروايات اليهودية لاستمالة مشاعر العامة فى إسرائيل خاصة المستوطنين المتطرفين الدينيين من أجل تغذية كره التراث الفلسطينى وتدميره.

وحول كيف يمكن مواجهة تلك الأساطير ومخططات الاحتلال لاستخدامها فى تدمير التراث الفلسطينى يقول الدكتور محمد عفيفى :"لن نستطيع فعل شيء فلن تقنع عامة الإسرائيليين ولن تقنع المتطرفين الدينيين بأن تلك الروايات ليست حقيقة ولا ينبغى أن تغذى لديهم شعور الكراهية بهذا التراث الفلسطيني".

ولم يقتصر دور الاحتلال على هدم الآثار الفلسطينية فى غزة فقط، بل استهدف أيضا العديد من المواقع التراثية فى الضفة الغربية، فبحسب تقرير وزارة الثقافة الفلسطينية، فإن دولة الاحتلال اتبعت نفس آلية التدمير بغزة فى استهداف الميادين العامة والنصب التذكارية فى الضفة الغربية خلا لعام 2023، مثل استهداف معالم رئيسة فى مدينة جنين، منها ميادين الشهداء، وتدمير وسرقة التمثال الحديدى "حصان جنين" الذى صنعه النحات الألمانى وماس كبلبر من مخلفات اجتياح الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها عام 2002 وهو أحد الشواهد على جرائم الاحتلال.

تدمير الاحتلال للآثار في الضفة

تواصلنا مع نضال عبيدى، رئيس بلدية جنين، والذى أكد أن الاحتلال تعمد هدم المعالم الآثرية فى المدينة، حيث دوارا  بوسط المدينة وهو معروف باسم الدوار الرئيسى يعود لسنة 1948 وكان  يحوى أسماء شهداء معركة جنين، خاصة أن المدينة من المدن المشهود لها منذ عام ١٩٤٨ وحتى عام ١٩٦٧ وكذلك الانتفاضة الأولى والثانية وفى هذه الأيام فهى دائما يشار إليها فى البنان.

ويضيف رئيس بلدية جنين فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال لا يؤلوا جهدا فى هدم أى معلم مهما كان قديما أو حديثا لأنه يريد أن يلحق اى ضرر بالممتلكات وإلحاق الأذى بشتى الوسائل، متابعا :"الاحتلال أعلن وعلى لسان قادته السياسيين والعسكريين أن عدم إبادة الشعب الفلسطينى إحدى الأخطاء التى ارتكبها ولم يقدم على مثل هكذا تصرف، فما بالك بطمس الهوية والتراث الفلسطينى خاصة ما تتعرض له مدينة القدس على يد المحتل الإسرائيلي".

131926-تدمير-المسرح-ومكتبة-ومطابع
-تدمير-المسرح-ومكتبة-ومطابع

وبشأن تدمير الاحتلال لحصان جنين يقول نضال عبيدى :"حصان جنين هو من بقايا مركبة إسعاف تم استهداف وقتل مدير مستشفى جنين الحكومى الشهيد الدكتور خليل سليمان بذلك الوقت وقام أحد الفنانين بصنع تمثال لحصان من بقايا تلك المركبة ومن شدة الغضب والحقد الإسرائيلى قاموا بخلعه من مكانه وأخذه كرهينة من الرهائن كما يفعل ببعض الجثث لشهداء ما زال يحتفظ بجثامينهم منذ سنوات، والاحتلال يعتمد التطهير العرقى ليتسنى له السيطرة على شرق أوسط تابع للدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية".

تنفيذ مجازر وترحيل مليون فلسطينى عن أرضهم منذ 1917 إلى 1948 بسبب عقدة شمشون

من جانبه يؤكد الدكتور إدريس جرادات مؤسس مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبى الفلسطيني، أن عقدة شمشون ما زالت موجودة بدى الإسرائيليين، لأنه شعب تربى على التوراه ويعتبر نفسه شعب عقائدي، وتربى  على تلك العقدة من خلال المدارس الإسرائيلية وعلى يد الحاخامات، وعندما يتربى الانسان على شيء يعتنقه.

ويضيف مؤسس مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبى الفلسطيني، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، من الأراضى الفلسطينية المحتلة، أنه معروف عن شمشون أنه تزوج من فتاة فلسطينية وكان أهله معارضين هذا الزواج كنوع من الاستعلاء على الناس، لأنهم يعتبرون أى إنسان خارج عن ملتهم حيوانات بشرية، وبعد ذلك طلقها ثم أراد أن يعود لها ولكن والدها رفض، فحرق البشر والشجر والحجر، وهذه هى عقدة شمشون.

الدكتور أدريس جرادات

الدكتور إدريس جرادات

ويوضح "جرادات"، أنه منذ عام 1917 إلى عام 1948، تم تنفيذ مجازر وترحيل مليون فلسطينى عن أرضهم، بجانب ارتكاب مجزرة دير ياسين، والتى كانت فى البداية تعيش بسلام وأمان مع جيرانهم اليهود وهناك اتفاقية سلام بينهما ولكن تم تنفيذ مجزرة بدير ياسين وذبحوا الأطفال والنساء والشيوخ وجميع من يتواجدون فى القرية من الفلسطينيين.

ويؤكد أن عقدة شمشون ذكرها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عدة مرات، كما ذكرها كل أصحاب المراكز السياسية والعسكرية العليا فى إسرائيل وذكروا أننا حيوانات بشرية، وبالتالى فالإسرائيلى لا يشعر بالذنب والتوتر عندما يذبحك لأنه يذبح حيوانات تشبه البشر كما يعتقد.

ويتابع مؤسس مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبى الفلسطيني، أن هناك كتب لهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية وبن جيريون، وكذلك حاييم بينسكر الذى له كتاب التحرر الذاتي، بجانب كتاب طهارة السلاح، وتلك الحروب التى يشنوها والمجازر التى يرتكبونها يطلقون عليها حرب أخلاقية لتدمير البشر والحجر، وكلما زاد من التدمير تقرب لله ولا يشعر بذنب للطرف الاخر بل يتقرب لله.

ويقول "جرادات"، إن سيجموند فرويد أشار إلى صراع البأس واليأس وعندما ذهب هرتزل له للحصول على انتمائه للحركة الصهيونية رفض فلوريد ذلك لأنه كان يرى أنه سيكون هناك صراع ديني، موضحا أن تصريحات بن غفير ووزير التراث الفلسطينى بضرب غزة بالقنبلة النووية يؤكد أن لديهم عقدة شمشون وأصبح لدى كل المستوطنين الإسرائيليين سلاح وهى تدل على عقدة شمشون والقتل والتدمير.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة