مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل والذريعة واحدة.. طهران تدخل خط التصعيد بورقة الدفاع عن النفس.. العملية الأخيرة تطيل أمد الحرب فى غزة.. وتمنح نتنياهو تعاطف الغرب بعد شهور من الخسائر فى الداخل والخارج

الأحد، 14 أبريل 2024 04:30 م
مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل والذريعة واحدة.. طهران تدخل خط التصعيد بورقة الدفاع عن النفس.. العملية الأخيرة تطيل أمد الحرب فى غزة.. وتمنح نتنياهو تعاطف الغرب بعد شهور من الخسائر فى الداخل والخارج الهجوم الإيرانى على إسرائيل
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"الرقص على أنقاض غزة".. شعار تجسدت فيه كل معاني الصراع بين ايران و اسرائيل ، والذي تجلت أحدث حلقاته في الهجوم الذي شنته طهران، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها بدمشق، وهو ما يبدو في العديد من المشاهد، ربما أبرزها محصلة العملية العسكرية، والتي لم تتجاوز "الصفر"، بينما تركت تداعيات كبيرة على مستقبل المنطقة بأسرها، في ظل مخاوف كبيرة جراء احتمالات التحول نحو حرب إقليمية واسعة النطاق، ربما تأكل الأخضر واليابس، ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما ستترك نتائج كارثية، على العالم، والذي يعاني اقتصاديا جراء العديد من الصراعات، خلال السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي سيحمل تأثيرات كبيرة على شعوب العالم، مع ارتفاع حدة التضخم، وأزمات الطاقة والغذاء، التي لم تفلح الدول المتقدمة في علاجها، بينما أسقطت الدول الفقيرة على شفا المجاعات.


وتعد معركة الإبادة التي تخوضها اسرائيل في قطاع غزة، سببا رئيسيا في تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية، خلال الشهور الماضية، وهو ما بدا مؤخرا في العديد من المؤشرات التي تم الإعلان عنها مؤخرا، منها زيادة حدة التضخم، في الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا، والحديث عن استبعاد أي احتمالات من شأنها خفض أسعار الفائدة.


وبالنظر إلى الحديث الذي تبنته إيران لتبرير هجومها، نجد أنها استندت على ذريعة "الدفاع عن النفس"، على اعتبار أن الهجوم الذي أطلقته كان ردا على استهداف قنصلية طهران في دمشق، وهي الذريعة نفسها التي تتبناها إسرائيل منذ بداية العدوان الغاشم التي تطلقه على قطاع غزة، وهو ما يعكس خروج المعركة التي تسعى الدولة الفارسية لخوضها، عن فكرة الانتصار للقضية الفلسطينية، وإنما تبقى في إطار محاولات لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، بعيدا عن استقرار المنطقة، أو إنهاء العدوان على غزة في لحظة تبدو مفصلية، في ظل نجاح كبير تحقق بفضل الدبلوماسية في استقطاب التعاطف الدولي، ليس فقط لصالح القطاع المحاصر بالقصف منذ شهور، وإنما أيضا لصالح القضية بأسرها.


ولعل الحديث عن الذريعة الإيرانية، حول "الدفاع عن النفس"، على خلفية استهداف قنصليتها في دمشق، نجد أن ثمة تساؤلات تدور في معظمها حول "سكون" طهران في مواجهة استهداف إسرائيلي مباشر لها في الماضي، منها اغتيال علماء إيرانيين، بل الدخول في مواجهات مباشرة مع فصائل تدين لها بالولاء، على غرار حزب الله في لبنان، بينما لم تحرك ساكنا، وهو ما يعكس أهدافا أخرى، تتجاوز الذريعة التي تتبناها الدولة الفارسية لتبرير هجومها، ربما أبرزها تعزيز نفوذها الإقليمي، عبر تقديم نفسها باعتبارها قوى قادرة على مواجهة الاحتلال، من خلال معركة لا تتجاوز كونها "تلفزيونية".


المكاسب التي سعت إيران لتحقيقها عبر عمليتها العسكرية، تحمل العديد من الأبعاد الأخرى، منها ما يتعلق بالداخل، من خلال توحيد الجبهة الداخلية خلف نظام "الملالي" الحاكم، باعتباره يخوض حربا مقدسا ضد إسرائيل، من جانب، بينما في الوقت نفسه، تحاول ابتزاز الغرب، في ظل التعنت الدولي تجاهها على خلفية المسألة النووية، والذي أسفر في فرض عقوبات متواترة، تضع الاقتصاد في مأزق، وهو الأمر الذي تأمل طهران في الوصول إلى صفقة بشأنه، من خلال الضغط على القوى الدولية للانفتاح عليها.


وهنا لا يختلف الهجوم الإيراني على إسرائيل في جوهره، عن العدوان الإسرائيلي على غزة، فكلا الطرفان "يغني على ليلاه"، فإذا كان هدف الدولة العبرية الحقيقي هو تحقيق أكبر قدر من المكاسب، عبر تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما تسبب فى انتهاكات ارتبكتها وصلت، بشهادة العالم إلى حد "الإبادة الجماعية"، فيبقى هدف الدولة الفارسية هو تحقيق النفوذ الإقليمي، على حساب فلسطين، ومحاولة ابتزاز العالم عبر ورقة إسرائيل، للانفتاح عليها مجددا.


فلو نظرنا إلى تداعيات الهجوم الإيراني، على الأوضاع في غزة، ومن ورائها القضية الفلسطينية برمتها، نجد أن طهران قدمت خدمة جليلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي عانى كثيرا فى الأشهر الماضية، جراء تراجع شعبيته فى الداخل، بسبب فشله فى تحقيق هدف معركته فى غزة من جانب، وعدم قدرته على تحرير الرهائن، حيث تبقى الخطوة الإيرانية حافز لاستعادة قدر من الدعم في المرحلة المقبلة في الداخل، في إطار التحول الكبير في المعطيات القائمة، فالمعركة التي يخوضها في غزة، ضد مجموعة من الفصائل، باتت على وشك أن تتحول إلى حرب نظامية، حالة الفشل في احتواء التداعيات، وهو ما يفرض دعمه، سواء من المواطن الإسرائيلي، والذي ثار ضده كثيرا في الأشهر الماضية، أو حتى المعارضة، التي طالبته مرارا وتكرارا بالتنحي.


بينما أعاد الهجوم، من جهة أخرى، التعاطف الدولي مع إسرائيل، إلى المربع الأول، بعدما نجحت الدبلوماسية المصرية، ومن ورائها العربية، في إقناع العالم بحجم الانتهاكات المرتكبة في فلسطين، لتعيد طهران بهجومها على الدولة العبرية، إلى الواجهة الذريعة الإسرائيلية حول أحقيتها بالدفاع عن نفسها، وهو ما أضر في واقع الأمر بالمكاسب التي تحققت على الصعيد الفلسطيني على مدار الأشهر الماضية، وهو ما يقدم تبريرا جديدا للانتهاكات وحرب الإبادة التي تخوضها الدولة العبرية في قطاع غزة، وبالتالي إطالة أمدها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة