احمد محسن قاسم

تركة أبو حامد الغزالي ودراما المتحدة (1)

الأربعاء، 10 أبريل 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعمقت الدراما المصرية داخل جماعات الإسلام السياسي منذ عام 2010 بدءا من مسلسل الجماعة الجزء الأول- عن جماعة الإخوان-  لنشر الوعي حول ظروف وأحوال تكوين تلك الجماعات مروراً بظروف توغلها وازدياد نطاقات تأثرها وتطورها الزمني  ، حتى عام 2017 الذي انتجت فيه  شركة المتحدة للخدمات الإعلامية للدراما المصرية مسلسل الجماعة 2 لتحاكي درامياً ظروف وصول جماعة الأخوان للحكم في الدولة المصرية وأخراج المصريين لهم من سدة الحكم .

ثم توالت الأعمال الدرامية من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مثل سلسلة مسلسلات الاختيار بأجزائه الثلاثة منذ عام 2020 حتى 2023 والتي اتسمت بالتوجيه المباشر للرسائل الدرامية في نشر الوعي حول الواقع الذي تسببت فيه جماعة الأخوان والجماعات الأرهابية التابعة لها من أعمال عنف ومؤامرات ضد مقدرات الدولة وشعبها.


وقد كنت أرى أن ذلك الإنتاج الدرامي يقوم بدورسياسي توعوي نحو تأطير الرأي العام دعما للدولة في مواجهة التحديات والعراقيل التي تضعها جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها من جماعات عنف بالداخل والخارج ، وكذلك لتوثيق أحداث دقيقة مر بها الوطن خلال وعقب حكم تلك الجماعة المحظورة ، وعدم ترك مساحة تسمح لهم بتزييف التاريخ عن تلك الفترة في عقول ووجدان المصريين ، وتدرجت درجة العمق في سلسلة الإختيار حتى وصلت للكشف عن وثائق مصورة سرية لتلك الأحداث التي تناولتها دراميا للتأكيد على صدق الطرح الدرامي وتجنباً لمحاولة التشكيك في صحة الوقائع التي نقلتها أحداث تلك السلسلة، والتي اثرت تأثيراً ضخما في رؤى وأفكار الكثير من المصريين عن تلك الفترة.


حتى جاءت الشركة المتحدة في 2024 بالإنتاج الضخم والمبهر لمسلسل الحشاشين، الذي خرج عن النمط المعتاد للدراما المصرية التي كانت تعاني من الرتابة والمط والتطويل للوصول إلى عدد الـ 30 حلقة، أو الدراما التي تتسم بالتغريب للمجتمع المصري، إما بالتعمق داخل العشوائيات أو بالتعمق داخل حياة القصور والكومباوند ، وكذلك تكرار وجوه الممثلين وانحسار الأعمال الدرامية في مجموعة من الممثلين يتم تكرارهم في مهظم الأعمال، فقد جاء مسلسل الحشاشين بنمط جديد معتمد في أبطاله على الوجوه الجديدة في الأساس والتي أفرد لها مساحات كبيرة وكذلك فاجأ المشاهد بتوظيف نجوما كبيرة  في أدوار محدودة المساحة ليؤكد على أن كل تفصيلة من تفصيلات العمل بذل بها مجهود غير إعتيادي على مستوى التجهيز للعمل أوالتنفيذ .


أما عن اختيار القصة والسيناريو عن جماعة الحشاشين ،والذى اعتبره الطرح الأكثر عبقرية في إنتاج الدراما المصرية، وفي رأيي أن مكمن العبقرية في إختيارجماعة دينية غامضة لتكون سيرتها هي المسلسل تدفع المشاهد إلى البحث في الكتب والمراجع للتأكد من صحة الأفكار التي يحملها المسلسل ولتطابقها مع ذات الأفكار التي بنيت عليها جماعات الإسلام السياسي ومنها جماعة الإخوان، فإذا كانت الأعمال الدرامية السابقة عن الحشاشين من قد هوجمت من كتائب جماعة الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي بالتشكيك والروايات المضادة باعتباره ماضيا قريبا توثقه الدولة المنتصرة من وجهة نظرها بما يخدم خططها ورؤاها، ولكن جاء مسلسل الحشاشين ليدحض ويتلقف ما يؤفكون بسردية عمرها يناهز الـ 1000 عام تتطابق مع في بنيانها مع بنيان كل الجماعات المتطرفة في التاريخ السياسي عموما وتاريخ الإسلام السياسي على وجه الخصوص، فقد جاءت دراما الحشاشين ليس فقط لتفضح تلك الجماعة وكذب آلاتها الإعلامية، وإنما لتدعم صحة روايات دراما المتحدة السابقة على عام 2024 والتي تناولت احداثها لتلك الجماعات، وتبرئ ساحة تلك الدراما من أي ادعاءات تطال من صحة سردها للتاريخ .


وقد تكون يقيني بالأفكار التي حملتها الفقرة الأخيرة من هذا المقال من خلال البحث الذي اجريته للتحقيق في الأفكار التي حملها المسلسل من خلال المصادر المتاحة على الإنترنت، حتى وصلت إلى كتاب كتبه الشيخ أبو حامد الغزالي في القرن الخامس هجرياً والذي حمل عنواناً " فضائح الباطنية" والذي حققه وقدمه الكاتب الكبير عبد الرحمن بدوي والصادر عن مؤسسة دار الكتب الثقافية بالكويت في عام 1964 والتي أصدرته لأول مرة في التاريخ بنسخته الكاملة ، والذي منه أدركت أن هذا الكتاب لابد وأنه كان المرجع الأساسي في التعامل الأمني الفكري مع الجماعات المتطرفة في مصر بل والمرجعية الأساسية لدراما الشركة المتحدة خلال السنوات الأخيرة ، فأصبحت الفكرة المستقرة بعقلي أن مسلسل الحشاشين جزء لا يتجزء من سلسلة مسلسل الاختيار، بل إن سلسلة الاختيار كانت تقوم بدور التمهيد وتأهيل فكر المشاهد بأحداث الماضي القريب ونقله الى الماضي البعيد الذي لا يقبل التشكيك، وكلهم جميعا كان قد رسم الخطوط الرئيسية لهم الشيخ أبو حامد الغزالي قبل ألف عام على النحو الذي سنفصله في المقالات القادمة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة