حازم الجندى

مصداقية الحوار الوطني ودعم المواطن

الثلاثاء، 26 مارس 2024 02:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إن اهتمام القيادة السياسية والحكومة بتنفيذ مخرجات وتوصيات الحوار الوطني وإصدار الحكومة تقرير المتابعة الثاني للخطة التنفيذية للإجراءات المُقترحة من جانب الحوار الوطني، حتى منتصف مارس الجاري، إنما هى خطوة مهمة تؤكد مجدداً مدى حرص الدولة على مشاركة كل فئات المجتمع في مناقشة القضايا والمشكلات والتحديات وكيفية التعامل معها وحلها، وهو ما يضفي أيضاً مزيد من المصداقية والجدية والشفافية على الحوار الوطني.

الحقيقة أن هناك اهتمام بالغ من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ظل توجيهاته المُستمرة للحكومة بأهمية العمل على سرعة ترجمة ما يتم التوصل إليه في الحوار الوطني من مُخرجات وتوصيات إلى خططٍ تنفيذية، تُسهم في تحقيق المُستهدفات في مختلف القطاعات، وهو ما يؤكد عليه الرئيس منذ انطلاق الحوار الوطني والحرص على متابعة جلساته ومخرجاته وتوصياته، الأمر الذي يعكس حرص القيادة السياسية على تعزيز قيمة الحوار والتشاور والاستماع إلى مختلف وجهات النظر للتوصل إلى حلول قابلة للتنفيذ والتطبيق لمختلف القضايا، حيث تم تفعيل مجموعة تنسيقية مُشتركة، تضم ممثلين عن مجلس الوزراء، ومسئولي الحوار الوطني، وتختص بمتابعة تنفيذ توصيات ومخرجات جلسات الحوار الوطني، في محاوره المختلفة.

وهذه اللجنة وجودها مهم جداً في إطار المتابعة والتنسيق، ونأمل أن تظهر قريباً جداً نتائج عملية على أرض الواقع بأن يناقش مجلس النواب مشروع قانون أو تصدر الحكومة قراراً أو تتخذ اجراءات لتنفيذ المخرجات والتوصيات.
 
ففيما يتعلق بالمحور السياسي للحوار الوطني، ووفقا لتقرير المتابعة الصادر عن الحكومة، أرى أهمية ما أعلن بأنه جارِ التنسيق مع مجلس النواب للتوافق على الصيغة النهائية لمشروع قانون المجالس الشعبية المحلية، وهى خطوة إيجابية تعطى الأمل في خروج هذا القانون للنور قريباً، بالإضافة إلى الاهتمام بتدريب وتأهيل العاملين في المحليات لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وهذا أمر ضروري جداً حتى يشعر المواطن بالرضا وباهتمام الحكومة بتقديم خدمة جيدة له.

تقرير المتابعة الذي أصدره مجلس الوزراء تطرق إلى قضايا وموضوعات مهمة للغاية وذات قيمة كبيرة وتأثير على المجتمع، منها الاهتمام بتعزيز البحث العلمي وتشجيع التفكير الإبداعي، وقيام صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ بإطلاق مسابقة "قمة مصر للمشاريع الاستثمارية المجتمعية"، وكذلك إطلاق برنامج "التعليم العالي للإرشاد المهني من أجل التوظيف"، والذي يعدُ خطوة واعدة نحو إعداد جيل من خريجي الجامعات المصرية المُؤهلين للإنطلاق في سوق العمل، ليكون لدينا عمالة ماهرة ومدربة لتلبية احتياجات سوق العمل.

وفي المحور الاجتماعي، فإن استجابة الحكومة للمقترح الخاص بتحسين الأنظمة والقوانين الحاكمة لقضية الوصاية على المال لحل مشكلات آلاف الأسر وتوفير المناخ الملائم للأم المصرية للاهتمام بتربية أبنائها بعد وفاة الأب، بقيام وزارة العدل بإعداد مشروع قانون يتضمن تعديلات تشريعية واردة بالتوصيات الصادرة عن الحوار الوطني في هذا الصدد، خطوة تبث رسائل الأمل والطمأنينة لآلاف الأسر التي تعاني بسبب هذه القضية، ونأمل سرعة تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لمناقشته وإصداره ليكون أول تشريع يصدر استجابة للحوار الوطني.

أيضاً، الإجراءات المُتخذة فى إطار مقترح تعزيز الإطار التشريعي والمؤسسي لريادة الأعمال، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لريادة الأعمال فى مصر، أمر جيد أن تعلن الحكومة طرح مناقشة الاستراتيجية، والتنسيق بين الجهات المعنية لصياغة المُسودة النهائية لها، إلى جانب جهود التوسع فى إقامة مشروعات ريادة الأعمال فى المناطق الحرة الخاصة والعامة، وإمكانية جذب رواد الأعمال الشباب ومنحهم الحوافز لإقامة مشروعاتهم بتلك المناطق، وهذه الخطوة مبشرة للغاية في ظل الأهمية الكبيرة لمشروعات ريادة الأعمال في دعم النمو الاقتصادي ودفع عجلة الإنتاج وتوفير فرص عمل، وضرورة نشر ثقافة ريادة الأعمال وتشجيع وتخفيز الشباب وصغار المستثمرين على إقامة هذه المشروعات، إلى جانب إجراءات دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة.

تقرير الحكومة تطرق أيضاً فيما يخص قطاع الصحة، والعمل على تسريع وتيرة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، والإجراءات المتخذة في هذا الشأن، وهى خطوات جيدة ونأمل أن تترجم على أرض الواقع وتنعكس إيجابيا على تحسين جودة الخدمات والرعاية الصحية.

الحقيقة أثمن ما أعلنه تقرير الحكومة عن الاستجابة لمخرجات الحوار الوطني الخاصة بقطاع التعليم، والتى تتضمن ضرورة إعداد قانون مُوحد للتعليم قبل الجامعي واستراتيجية تعليمية مُوحدة، بما ينعكس بشكلٍ إيجابي على النهوض بالمنظومة التعليمية واستقرار السياسة التعليمية من خلال التعاون بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني لدعم عملية تطوير التعليم في مصر، وأنه تم اتخاذ إجراءات تضمنت وضع مشروع قرار جمهوري لإنشاء الهيئة الوطنية العليا للتعليم والتدريب، بحيث تشمل مهامها إصدار استراتيجية تعليمية مُوحدة، وهو ما يعكس مدى قيمة وأهمية الحوار الوطني ومصداقيته، ولدى أمل أن يتم فتح حوار مع المهتمين والأطراف المعنية عند تفعيل هذه الأفكار لضمان حسن التنفيذ والتطبيق وتحقيق الهدف المنشود.

هذا بالإضافة إلى ما تضمنه تقرير المتابعة بشأن تطوير المناهج التعليمية بما يُعزز الهوية الوطنية ويحفز الابتكار والإبداع ويواكب احتياجات سوق العمل والاقتصاد، وفيما يتعلق بتنفيذ الإجراءات المقترحة فيما يخص تطوير التعليم الفني وتوفير فرص عمل مناسبة لخريج التعليم الفني، بما يؤكد حرص الدولة على تطوير التعليم ومواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة، هذا إلى جانب الاستجابة لمقترح تعظيم الاستفادة من المؤسسات الثقافية في دعم الهوية الوطنية، بقيام وزارة الثقافة بتنفيذ العديد من الأنشطة؛ منها المهرجان السنوي للحرف التقليدية والتراثية، وكذلك ربط العملية التعليمية بالنهوض بالثقافة والهوية الوطنية بما يساهم في تعزيز روح الانتماء، وتفعيل هدف تحقيق العدالة الثقافية.

تطرق التقرير أيضاً إلى المحور الاقتصادي، وما يتعلق بتذليل التحديات وتعزيز البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال وزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وما أعلنته الحكومة في هذا الإطار من إجراءات للتيسير على المستثمرين وتذليل أى معوقات تواجههم، وهذا الملف يحتاج إلى جهود مضاعفة لحل كافة إشكالياته وتطبيق الحوافز والتوسع فيها لتواصل الدولة جهودها في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية بما يعود بالإيجاب على دفع عجلة التنمية الاقتصادية.

وكذلك اهتمام الحكومة بمناقشة وتفعيل توصيات الحوار الوطني في المحور الاقتصادي من "تعزيز السياحة بمختلف أنواعها، والتأكيد على أن هيئة الاعتماد والرقابة الصحية عملت على وضع خطة تسويقية طموحة لزيادة حصة مصر السوقية من السياحة العلاجية على المستويين العربي والأفريقي، كما تم إطلاق "المؤتمر الدولي للسياحة الصحية"، واتخاذ عدد من الآليات لتعظيم سياحة اليخوت في مصر وتبسيط وتسريع الإجراءات الخاصة بها، بالإضافة إلى "تنشيط السياحة الدينية"، و"التوسع في تقديم الخدمات للسياح لتعزيز التجربة السياحية المصرية"، هذا إلى جانب الاهتمام بدعم الصناعة وتطوير المناطق الصناعية، وكذلك تذليل العقبات التي تواجه المُصنعين وتقديم مجموعة من الحوافز لتشجيع الصُناع على الاستمرار في عملية الإنتاج"، بما يُسهم في تعزيز وتوطين الصناعة المحلية والمنتج المصري، وغيرها من الأفكار والتصورات والمخرجات التي تستهدف دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي.

نحن أمام حالة إيجابية غير مسبوقة من اهتمام الدولة بالحوار مع مختلف أطياف وفئات المجتمع، ومتابعة الحكومة تنفيذ مخرجات وتوصيات هذا الحوار، إنما هى فرصة هائلة لا بد أن نستثمرها جيداً للارتقاء بمصر وتحقيق التنمية المستدامة والانطلاق نحو الجمهورية الجديدة، ونأمل أن تكون هناك حلول سريعة لمشكلة ارتفاع الأسعار وتخفيف الأعباء عن المواطنين.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة