حرفة التطريز السيناوي هي جزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة سيناء، تروي كل غرزة في هذه الحرفة قصة من القصص التي تعكس التقاليد العريقة والموروث الثقافي للمنطقة، واستطاعت نساء سيناء الحفاظ على هذه الحرفة وتطويرها، ليصبح التطريز جزءاً مهماً من حياتهن اليومية، بل مصدر دخل هام للكثير منهن.
بدأت حرفة التطريز السيناوي منذ أمد بعيد، وتحديداً في مجتمعات البدو في سيناء، حيث كانت النساء يتفنن في تزيين ملابسهن وأغطية رؤوسهن بشكل يعكس جمال البيئة السيناوية. لم يكن التطريز مجرد عملية تزيينية، بل كان جزءاً من حياة النساء ويمثل رموزاً ثقافية واجتماعية هامة. كانت الأقمشة المطرزة تشمل الأثواب البدوية، والأغطية، وأغطية الرأس، مثل "القنعة" التي كانت النساء يرتدينها في المناسبات الخاصة، وتعتبر هذه الأغطية رمزاً للهوية السيناوية.
التصاميم التي كانت تستخدم في تلك الأقمشة كانت ترتكز على أشكال هندسية ونباتية تمثل البيئة الطبيعية التي يعيش فيها سكان سيناء. بين الأزهار والنباتات الصحراوية، كانت الحرفية تسرد قصة ماضي الأرض التي تحتفظ بأسرارها، وقد عُرفت غرزة "القروش" في الشمال السيناوي التي كانت تتميز بحواف سميكة وتستخدم لتزيين الملابس. كما أن غرزة "عرق القرنفل" كانت تستخدم بكثرة في الجنوب السيناوي، حيث تمثل الملامح الطبيعية التي يميزها الجبل والرمال.
رغم تحديات الزمن، فإن حرفة التطريز السيناوي لم تندثر، بل تحولت إلى صناعة حديثة تُواكب متطلبات العصر، وتقول فؤادة سماحة الخبيرة في مجال التطريز السيناوي: "أدخلنا على هذه الحرفة بعض اللمسات الحديثة، فبعد أن كانت تقتصر على الملابس التقليدية، بدأنا ننتج قطعاً جديدة من المنتجات العصرية مثل العبايات المطرزة، وحقائب اليد، وميداليات تحمل الرموز السيناوية".
وأضافت أنها استفادت من جمعيات دعم المرأة في سيناء التي تقدم المواد الخام اللازمة وورش العمل التدريبية لتمكين السيدات في المجتمع المحلي من العمل على هذه الحرفة.
وتشير إلى أنه بات التطريز السيناوي يمتد إلى مجالات عديدة، بدءًا من الملابس والمشغولات اليدوية وصولاً إلى التصاميم الحديثة، فعلى سبيل المثال، تنتج النساء المطرزات المخصصة للزوار السياحيين من أنحاء مختلفة من العالم، ليصبح التطريز السيناوي أحد الملامح البارزة في منتجات الحرف اليدوية التي يعرضها سوق سيناء.
وأوضحت أنه يتميز التطريز السيناوي باحتوائه على رمزية عميقة في كل غرزة يتم تنفيذها، التي تشرف على تدريب النساء في ورش العمل: "غرز التطريز السيناوي تتنوع حسب المنطقة في شمال سيناء، مثلاً، نستخدم غرزة "القروش" التي تحمل رمزية متعلقة بالصحراء، بينما في جنوب سيناء نستخدم غرزة "سلمى"، التي تعكس جمال الزهور والنباتات الصحراوية"، وفي المناطق الساحلية مثل رفح والعريش، يمكن ملاحظة تصاميم تشبه البحر والشواطئ، مع استخدام الألوان الزرقاء والخضراء التي تعكس جمال البحر الأبيض المتوسط.
مع تزايد الطلب على المشغولات السيناوية، شهدت الحرفة تطوراً كبيراً، حيث قامت بعض النساء بتحويل هذه الحرفة إلى تجارة مربحة.
وقالت علياء قويدر، إحدى النساء الرائدات في هذا المجال: "في البداية، كنت أقوم بتطريز الملابس لأسرتي فقط، ثم بدأت أبيع بعض المنتجات للمجتمع المحلي، اليوم، أعمل مع أكثر من 50 إمرأة في تطريز الملابس والإكسسوارات الخاصة بالنساء السيناويات".
وأضافت علياء أن الحرف اليدوية السيناوية أصبحت تحظى باهتمام كبير من الزوار السياحيين سواء من داخل مصر أو من الخارج، وذلك بسبب جودتها وأصالتها.
وأوضحت قويدر أن الخامات التي تستخدمها النساء تتنوع ما بين الأقمشة الفاخرة مثل الساتان والحرير، إلى الخيوط القطنية المميزة التي يتم تطريزها بعناية شديدة، كما تقول علياء: "نقوم بتعليم الفتيات الصغيرات هذه الحرفة، كي تكون سيدة الغد قادرة على الاعتماد على نفسها من خلال حرفة تعكس تراثنا".
على الرغم من تزايد الطلب على المنتجات السيناوية في الأسواق المحلية والدولية، ما زالت هناك تحديات تواجه الحرفيين، وتقول سوسن حجاب، رئيسة جمعية سيناوية، أن النساء السيناويات يواصلن العمل بكل تفانٍ لتحسين الوضع، فقد أصبح التطريز جزءاً من الهوية السيناوية التي تُحافظ عليها الأجيال، بل وتورثها الأمهات إلى بناتهن، وتتابع "الحرفة ليست مجرد عمل مادي، بل هي جزء من التراث الذي لا ينبغي أن يضيع من خلال تعلم هذه الحرفة، تظل نساء سيناء يعبّرن عن أنفسهن وتاريخهن."
وأشارت إلى أنه يتم توفير الدعم والتدريب للسيدات اللاتي يعملن في هذا المجال والغرض توفير بيئة تدريبية وداعمة للنساء في سيناء، حيث تقدم ورش عمل للنساء من مختلف المناطق لتعليمهن فنون التطريز السيناوي، بالإضافة إلى تسويق المنتجات"، وهذه الجمعيات تساعد في تنظيم معارض محلية وعالمية للمنتجات المطرزة، مما يوفر فرصة لمزيد من النساء للتفاعل مع الأسواق المتنوعة.
إن حرفة التطريز السيناوي ليست مجرد مهنة، بل هي وسيلة لإعادة الحياة إلى الماضي، وترسيخ الهوية الثقافية لسيدات سيناء، من خلال هذه الحرفة، تُحافظ النساء على التراث السيناوي وتساهم في ازدهار الاقتصاد المحلي اليوم، ومع استمرارية هذه الحرفة، أصبح التطريز السيناوي حلاً مهنياً مبتكراً ينافس في الأسواق المحلية والدولية، ويستمر في نقل هوية المنطقة عبر الأجيال.

التطريز السيناوي

فنون منوعه

من الابداعات

من المنتجات

من فنون التطريز

نماذج مطرزات