في الذكرى الـ 51 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، لا يمكن الحديث عن هذا النصر العظيم دون تسليط الضوء على الدور الحاسم الذي لعبه أهالي سيناء. هؤلاء الرجال والنساء كانوا جنودًا في الظل، قدّموا الدعم والمعلومات للقوات المسلحة المصرية، وأسهموا بشكل كبير في تحقيق النصر واسترداد أرض مصر المغتصبة،إن دورهم البطولي في هذا الحدث التاريخي يظل حاضرًا في ذاكرة الوطن، ويعد جزءًا لا يتجزأ من ملحمة أكتوبر.
على الرغم من الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء منذ نكسة 1967، إلا أن أهالي سيناء لم يرضخوا لهذا الواقع، بل رفضوا الاحتلال وواصلوا المقاومة بكل ما يملكون من قوة. لقد تحوّلوا إلى عيون القوات المسلحة المصرية في قلب سيناء، حيث قاموا بتقديم معلومات حيوية عن تحركات العدو الإسرائيلي، سواء من خلال مراقبة تحركاته العسكرية أو مراقبة المنشآت والمواقع الاستراتيجية.
أهالي سيناء كانوا مثل العيون والاذان التي كانت تنقل كل ما يحدث داخل الأراضي المحتلة إلى القيادة المصرية، هذه المعلومات كانت بالغة الأهمية في إعداد القوات المسلحة المصرية بشكل دقيق لمعركة استعادة الأرض. فعلى مدار سنوات ما قبل الحرب، تمكنوا من نقل تحركات قوات الاحتلال وتفاصيل مواقعه الدفاعية والتحصينات، مما ساعد القيادة العسكرية على وضع خطط هجومية فعالة ومحكمة.
أهالي سيناء لم يكتفوا بدور المراقبين فقط، بل قاموا بتنفيذ العديد من العمليات البطولية خلف خطوط العدو، عملوا على تعطيل خطوط إمداد القوات الإسرائيلية، وقاموا بتدمير بعض المرافق الحيوية التي كانت تعتمد عليها القوات الإسرائيلية في سيناء. كان هذا الدور البطولي يأتي على حساب حياتهم وحياة عائلاتهم، حيث كانوا يعلمون تمام العلم أنهم معرضون لأقصى العقوبات في حال تم اكتشافهم من قبل قوات الاحتلال.
إن تلك العمليات لم تقتصر فقط على الرجال، بل شاركت فيها نساء سيناء العظيمات أيضًا، حيث قدمن الدعم اللوجستي وعمليات التهريب للمؤن والمواد الضرورية للمقاومة، كان لهذه الجهود الفضل الكبير في تقليل قدرات العدو ورفع معنويات القوات المصرية.
دور أهالي سيناء في حرب أكتوبر يعكس أعلى درجات الولاء للوطن على الرغم من كل الظروف الصعبة التي عاشوها تحت الاحتلال، لم يتخلوا عن مصر ولم يتعاونوا مع العدو، بل فضلوا المخاطرة بحياتهم ومستقبلهم من أجل مساعدة قواتهم المسلحة على استعادة الأرض إن هذا الإصرار والتفاني يعتبران من أعظم الأمثلة على التضحية والوفاء للوطن.
كما أن هذا الدور يعكس مدى أهمية سيناء الاستراتيجية والتاريخية في حماية أمن مصر، وأهالي سيناء لم يكونوا مجرد سكان منطقة جغرافية، بل كانوا في قلب معركة المصير.
على مدار السنوات التي تلت حرب أكتوبر، حرصت الدولة المصرية على تكريم أهالي سيناء والاعتراف بدورهم البطولي في تحقيق النصر، وتم منح العديد منهم أوسمة وشهادات تقدير تعبيرًا عن امتنان الشعب المصري وتقديره لتضحياتهم. كما تم تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في سيناء بهدف تحسين حياة سكانها وتعزيز اندماجهم في النسيج الوطني.
وفي الختام تظل ذكرى انتصارات أكتوبر فرصة لتذكر البطولات العظيمة التي قدمها الشعب المصري بأكمله، ومن بينهم أهالي سيناء الذين كانوا جنودًا غير مرئيين في هذه المعركة،إن دورهم الحاسم في تقديم المعلومات والدعم اللوجستي للقوات المسلحة ساهم بشكل كبير في تحقيق هذا النصر المجيد. ومن خلال تلك الذكرى، يجب أن نواصل تذكير الأجيال الجديدة بأهمية تلك البطولات، وتعزيز الانتماء والولاء للوطن الذي يتطلب التضحية والعمل المستمر من أجل حمايته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة