قال دكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه لا تزال حالة اللا يقين تشكل الإطار الحاكم والمعبر عن الأوضاع الحالية بـالشرق الأوسط. حسابات سوء التقدير قد تجر الإقليم إلى حرب كبرى ذات تداعيات حرجة.
وأضاف "عكاشة" خلال كلمته الافتتاحية بورشة عمل نظمها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "المعادلات المتغيرة للصراع والأمن فى الشرق الأوسط"، أنه يصعب فصل أوضاع الاضطراب الإقليمي الراهن عن التداعيات الناجمة عن الثورات العربية لعام 2011.
وأشار إلى أن زيادة حالة الاستقطاب والتنافس دفعت في اتجاه إخلال معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، تسعى إسرائيل إلى إحداث "نكبة فلسطينية جديدة" بما يضع علامات استفهام حول مستقبل القضية الفلسطينية.
وأكد أن المواجهة بين إسرائيل وإيران تجاوزت حالة الردع الاستراتيجي، وامتد التصعيد العسكري الإسرائيلي من غزة إلى الساحة اللبنانية، ويمهد ذلك لدخول الإقليم في حرب شاملة في ظل غياب فرص التهدئة وتمتع إسرائيل بالدعم اللا حدود من القوى الغربية، وكشف التصعيد الحوثي في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن عن حجم الترابط والتأُثير العميقين بين إقليمي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي.
وأوضح أنه وسط تلك المتغيرات، تتصاعد أهمية البعد التكنولوجي وخاصة السيبراني في صراعات الشرق الأوسط، كما تزداد الحالة الإنسانية في مناطق الصراعات، ويفصح هذا السياق المعقد عن مشهد إقليمي مُثقل بالتحديات والمهددات، ويستدعي الأمر أهمية تحديد طبيعة التحولات الراهنة في الشرق الأوسط، وتفكيك تداعياتها للوصول إلى رؤية استشرافية مشتركة تقوم على التعاون متعدد الأطراف من شأنها إعادة صياغة معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
اللواء محمد الدويرى: جنوب لبنان وقطاع غزة جزء فقط من المشروع الإسرائيلى
ومن جانبه قال اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن جنوب لبنان وقطاع غزة هما جزء فقط من المشروع الإسرائيلي الشامل، والذي لا يمكن حصره على الجانب العسكري فقط، موضحا أن المشروع الإسرائيلي العام يتضمن خطة طويلة الأمد يتم تنفيذها على مراحل، ويرتكز على ثلاث محددات تتمثل فى الاندماج الإسرائيلي الكامل في المنظومة الإقليمية بالمنطقة في كافة المجالات، عبر محاولة إيجاد قواسم مشتركة مع الدول العربية.
وأضاف "الدويري" أن المشروع الإسرائيلي يتضمن أيضا خلق خطر يهدد المنطقة العربية ككل، عبر التركيز على إيران وتكثيف الضربات المتبادلة معها ومع أذرعها في المنطقة، كما يتضمن التعامل التدريجي الممنهج مع القضية الفلسطينية، عبر خلق أمر واقع يصعب التعامل معه عبر إجراءات مثل الاستيطان واستغلال الانقسام الفلسطيني.
وتوقع أن يستمر النهج الإسرائيلي الحالي في المنطقة، وهذا توضحه عدة محددات، حيث أن هناك إجماع إسرائيلي على هذا المشروع، وتتحرك القطاعات الإسرائيلية كافة على أساسه، بالإضافة إلى وجود إجماع أمريكي راسخ لاستمرار المشروع الإسرائيلي في المنطقة، وذلك مع عدم وجود ممانعة إقليمية للتطبيع مع إسرائيل.
وأكد أن سعي إسرائيل في الوقت الحالي لتمهيد الطريق أمام رؤيتها الخاصة لشكل اليوم التالي في قطاع غزة، وتحاول اسرائيل في المرحلة الحالية، تفكيك المقولة العربية التي تقضي بأن عدم حل القضية الفلسطينية سيخلق حالة عدم استقرار في المنطقة، وتؤكد إسرائيل على وجود أوضاع إقليمية أخرى تستحق الاهتمام الأقليمي والدولي ولا ترتبط بالقضية الفلسطينية.
أحمد أمل: الحد الجنوبي للإقليم دخل في دائرة من الفوضى العارمة
ومن ناحية أخرى قال دكتور أحمد أمل أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الحديث عن السودان له موقع هام باعتبار أن الحد الجنوبي للإقليم دخل في دائرة من الفوضى العارمة، مشددا على أنه من المهم أن يدخل البعد التاريخي فيما يحدث من تطورات راهنة ولا يمكن تحميل ما يحدث في السودان إلى 2019 منذ عزل عمر البشير.
وأضاف خلال كلمته حول مستقبل الدولة الوطنية في السودان في ضوء الحرب الأهلية الراهنة بورشة عمل نظمها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "المعادلات المتغيرة للصراع والأمن فى الشرق الأوسط"، أن التردي الذي تواجهه الدولة السودانية منذ استقلالها في يناير عام 1956 يمر بمراحل متعددة من التآكل ومرت الدولة بمراحل متعددة من التراجع عبر مظاهر عديدة، أهمها انفصال جنوب السودان في 2011 وما سبقه من حرب أهلية مطولة، بالإضافة إلى انتشار الصراعات الإثنية والصراعات الداخلية في السودان متعددة الاشكال والصور.
وأشار إلى أن ما يحدث في السودان أكد عجز الحكومات السودانية المتعاقبة على الحل، وباتت هناك أطراف عديدة تمارس السيطرة للوضع على الأرض والدولة السودانية أكثر في إسناد مهام الدولة لأطراف من غير الدولة، موضحا أن قوات الدعم السريع ليست كيان موازي منضوي بشكل كامل تحت القيادة الكاملة للقوات المسلحة، بل أعدادها ومستوى تسليحها يفوق عدد وتسليح الجيش السوداني.
وأكد أن المرحلة الانتقالية منذ 2019 تعاني من توترات غير مسبوقة وهي مرحلة مفتوحة ولا يمكن تصور لها، والرقم القياسي لحالات الانتقال السياسي في أفريقيا هو خمس سنوات، ثم تستقر الأمور ويتم الانتقال بعدها، لكن حالة السودان تجاوزت هذه المدة بسنة أو أكثر.
وأوضح أن مستقبل الدولة السودانية أمام ثلاثة سيناريوهات كلها تفضي إلى ثلاث مشكلات: الأولى: استمرار وضع الدولة الفاشلة في السودان، والثانية: سيناريو التفتت والاعتماد على نموذج المحاصصة الأفريقية، والثالثة: سيناريو الانقسام.
واستطرد كلمته بأن هناك مسارات يمكن الدفع بها لتجنب هذه السيناريوهات، منها العمل على منع الحرب في السودان ووقف الاقتتال، وهناك حاجة لإنتاج شرعية أصلية بالانتخاب أو الاستفتاء والبدء بانتخابات محلية.
السفير زيد الصبان: مصر والدول العربية ساهموا فى تحول الصومال لدولة وطنية
قال السفير زيد الصبان مدير إدارة السودان والأمن الأفريقي بـجامعة الدول العربية إن الحقبة الحالية تشهد علية المصالح الاقتصادية الجيوسياسية غير المبنية على الأيديولوجيات القومية والدينية، والدوافع التى تقود المشهد الصراعي هي دوافع بارزة تخرج عن المال والتجارة وفتح الباب أمام استخدام القوى العسكرية، مشيرا إلى أن الصفقات الحالية تتداخل فيها المصالح الدولية مع المصالح الإقليمية مثل السد الإثيوبي أو السيطرة على الاقاليم الخصبة الصالحة للزراعة مثل الحالة السودانية أو الصراع على المعادن في المثلث بين كينيا والصومال، والسيطرة على موارد الذهب وإنشاء موانئ على الممرات الدولية مثل خليج عدن.
وأضاف، أن أسهمت مصر والدول العربية في تحول الصومال من دولة هشة نسبيا إلى دولة وطنية، من خلال الاتفاق العسكري لدعم وسيادة ووحدة الأراضي الصومالية، موضحا أن إثيوبيا ومن ورائها قوى أخرى مختلفة، ليس إسرائيل فقط، تحاول أن تكون قوى كبرى في القرن الأفريقي، ولعبت جامعة الدول العربية دورًا هامًا في منع تفكيك الدولة السودانية ومنع إسقاط الدولة الصومالية.
وأكد أن هناك تصور من جامعة الدول العربية لإدماج إقليمي شرعي من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهنا ك بعض الترحيب بهذه الفكرة.