سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 يناير 1893.. اللورد كرومر للخديو عباس الثانى: «إذا رفضت التراجع عن تشكيل الحكومة فإن العاقبة تكون وخيمة عليك»

الأربعاء، 17 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 يناير 1893.. اللورد كرومر للخديو عباس الثانى: «إذا رفضت التراجع عن تشكيل الحكومة فإن العاقبة تكون وخيمة عليك» اللورد كرومر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى اللورد كرومر، المندوب السامى البريطانى، برقية من حكومته فى لندن، بخصوص رأيها فى قرار الخديو عباس الثانى بتشكيل حكومة جديدة، برئاسة حسين فخرى باشا بدلا من حكومة مصطفى فهمى باشا، وهى الخطوة التى رفضها «كرومر» حين أبلغه بها سكرتير الخديو يوم 16 يناير 1893، «راجع، ذات يوم 16 يناير 2024».
 
توجه «كرومر» بالبرقية التى أرسلها إليه وزير الخارجية البريطانى، اللورد روزبرى، إلى سراى عابدين للقاء الخديو عباس الثانى فى 17 يناير، مثل هذا اليوم، 1893، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا رئيس الديوان فى مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن»، وكان نصها: «إن الحكومة الإنجليزية تنتظر أن يؤخذ رأيها فى المسائل الخطيرة مثل تغيير النظار، وأنه فى الوقت الحاضر لا تبدو أية ضرورة للتغيير، لذلك لا تستطيع الحكومة الإنجليزية أن توافق على تعيين حسين فخرى باشا».
 
لم يكتف وزير الخارجية البريطانى برفضه أى تغيير حكومى، وإنما رفع السقف إلى التهديد الواضح والقاطع بأن لفت نظر اللورد كرومر قائلا: «يجب على اللورد أن يعرف الخديو بأنه إذا كان يرفض أخذ رأيه، فإن العاقبة تكون وخيمة عليه، وأنه يجب على اللورد عندئذ أن يراجع حكومة جلالة الملكة لتلقى تعليماتها».
 
يذكر شفيق باشا أن الخديو حين أبلغه كرومر بنص البرقية قال: إنه يرى أن تنازله عن العرش أهون عليه من إرجاع مصطفى فهمى، فرد «كرومر» بأنه ليس من الإنصاف أن يرد عليه بالجواب حالا، وأمهل الخديو لليوم التالى للوقوف على رأيه النهائى، وترك له صورة من البرقية.
 
احتدمت الأزمة على أثر ذلك، فسلطة الاحتلال تصمم على رأيها، والخديو أصبح فى مأزق أمام التلويح بورقة خلعه من الحكم كما حدث مع جده إسماعيل باشا، وأمام ذلك نشطت الوساطات التى قام بها أطراف من الداخل وأخرى من الخارج، ويذكر محمد فريد فى مذكراته، تحقيق الدكتور رؤوف عباس، أنه بعد لقاء «عباس وكرومر» حضر إلى عابدين قنصل إسبانيا بصفته أقدم القناصل، وقنصل ألمانيا، والتمسا من الخديو تغيير فخرى باشا لحسم الإشكال، لا سيما وأن المسألة انتقلت من دور المبادئ الأصلية إلى دور الشخصيات.
 
فى الوقت نفسه، نشطت الوساطات فى الداخل بحثا عن حل لهذه الأزمة، ويذكر شفيق باشا: «فى عصر ذلك اليوم، 17 يناير، ذهب بطرس غالى باشا وتيجران باشا، وهما من النظار، إلى اللورد كرومر فى محاولة الوصول إلى التفاهم، تمهيدا لزيارة اللورد للخديو فى اليوم التالى 18 يناير.
 
اقترح «غالى وتيجران» حلا لتقريب المسافة بين الطرفين وهو، ألا يعود مصطفى فهمى باشا إلى رئاسة النظار كطلب الخديو، وفى الوقت نفسه يستقيل حسين فخرى الذى اختاره الخديو ويرفضه «كرومر»، ويعين رياض باشا رئيسا للنظار، ويقدم الخديو بلاغا رسميا إلى «كرومر» بذلك.
 
يؤكد «شفيق» أن «كرومر» وضع صيغة هذا البلاغ بنفسه، وكان نصه: «يرغب الخديو رغبة شديدة فى أن يوجه عنايته لإيجاد أصدق العلاقات الودية مع إنجلترا، وأنه يسير بكل رضاء بموجب نصيحة الحكومة الإنجليزية فى كل المسائل المهمة فى المستقبل»، وبالفعل تقدم فخرى باشا باستقالته بعد يومين من تعيينه، ويرى «شفيق» أن هناك عدة عوامل خارجية وداخلية كان لها التأثير فى الموافقة على هذا الحل، حيث كان مرضيا لفرنسا نظرا لإبعاد مصطفى فهمى، الذى كان يعمل ضد نفوذها فى مصر، ومرضيا لـ«كرومر» لإبعاده فخرى باشا، الذى كان يظن أنه مؤيد لنفوذ فرنسا، ومرضيا أيضا لـ«عباس» لأنه نفذ رغبته فى إبعاد مصطفى فهمى باشا.  
 
بقى فى هذه التسوية اختيار شخصية رئيس النظار الذى رضى به الطرفان، وهو رياض باشا، ويذكر محمد فريد: «استدعى الخديو رياض باشا رجل مصر الوحيد، وكلفه بقبول رئاسة المجلس مع بقاء النظار الذين انتخبهم سموه، فوعده «رياض» بالتفكير فى ذلك وانصرف، فأرسل الخديو خلفه والدى فريد باشا ليلح عليه فى القبول نظرا للحالة الحاضرة، فتوجه والدى إليه وعاد ليخبر الخديو أنه قبل تقريبا، وسيقابل سموه فى القبة عند الغروب ثم توجه إليه كما وعد وقبل الرئاسة».
 
يذكر «شفيق»، أن صيغة التكليف الذى وجهه الخديو إلى رياض كان نصها: «بناء على ما اتصفتم به من الغيرة والإخلاص، عهدنا إليكم بتشكيل هيئة النظارة، وكونوا واثقين بأنه يمكنكم فى كل الأحوال أن تعتمدوا على تعضيدنا ومساعدتنا لكم».
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة