مها عبد القادر

المشكلة السكانية من محنة إلى منحة

الجمعة، 15 سبتمبر 2023 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يُعد التزايد السكاني غير المدروس مشكلةً تعاني منها المجتمعات على وجه البسيطة؛ حيث إن توافر الموارد المادية والطبيعية تتطلب في الأصل موردًا بشريًا يعمل على تنميتها واستثمارها، وفي المقابل فإن محدودية تلك الموارد قد تُؤثر بالتبعية على مستويات معيشة الشعوب والأمم، وتضعف مسار التنمية المستدامة التي تحقق الرفاهية التي ينشدها الفرد والمجتمع.

ونظرًا لأن الدولة المصرية تحتل المرتبة الرابعة عشر عالمياً من حيث عدد السكان والثالثة أفريقيا ًوالأولي على مستوي الدول العربية؛ فإن هذا الأمر يؤدي بشكلٍ واضحٍ إلى إضعاف معدلات النمو الاقتصادي برغم الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسات الدولة تحت ريادة وقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأسباب ذلك عديدةٌ، ومنها تدني مهارات سوق العمل لدى فئة القادرين على العمل، ومن ثم يُعد ذلك بطالةً مقنعةً، وهدر في الطاقة البشرية التي تمتلك المقدرة على العطاء.

وفي هذا الخضم بدأت الدولة المصرية وتحت توجيهات ورعاية مباشرة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في التغلب على إحدى المسببات الرئيسة للمشكلة السكانية والمتمثلة في تمركز القاعدة السكانية على شريط وادي النيل؛ لتخرج عن هذا المسار الضيق للمسارات المفتوحة وتنشء الأحزمة الخضراء للمحافظات وتمتد بالإعمار عبر الصحراء من الناحية الشرقية والغربية؛ فيرتفع البنيان وتقوم المشروعات القومية بتنوعاتها المختلفة، وتزداد الرقعة الزراعية بعد تآكلها، وتزداد فرص العمل التي استوعبت الملايين، وهذا الأمر ما زال قائمًا ولن يتوقف المسار نحوه؛ لأنه يُشكل الطريق نحو الجمهورية الجديدة ممتدة الأركان.

كما عمدت الدولة من خلال مؤسساتها الوطنية إلى رفع مستوى الخصائص الاجتماعية للمصرين؛ حيث تنمية الوعي تجاه أهمية التعليم واكتساب الخبرات المؤهلة لسوق العمل على المستويين الداخلي والخارجي، وتنمية الوعي نحو أهمية الشراكة في بناء الوطن؛ حيث باتت الأدوار معلومةً لدى الفرد والمجتمعات التي تنشد التقدم والنهضة والازدهار، ولا ينفك ذلك عن تعضيدٍ لقيم المواطنة الصالحة التي تؤصل الولاء والانتماء لتراب الوطن الذي تحيا به وفيه الشعوب كرامًا.

وعبر سياسات واستراتيجيات فاعلة أطلقت الدولة المصرية تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي العديد من المبادرات والبرامج التي تضمن تحقيق الرعاية الصحية وتحاول فتح آفاق للتنمية الاقتصادية الجادة والطموحة، وعلى سبيل المثال: (إطلاق برنامج مودة للحفاظ على كيان الأسرة المصرية، وبرنامج تكافل وكرامة، وبرنامج وعي للتنمية المجتمعية، وبرنامج 100 مليون صحة، وبرنامج اثنان كفاية للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة والاستراتيجية الوطنية لمناهضة الزواج المبكر)، وفي ذات السياق أطلق أيضًا أهم مشروع تنموي شهدته مصر في تاريخها وهو المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية في قرى مصر "حياة كريمة".

وهناك نتائجٌ ملموسةٌ جراء تلك البرامج والمبادرات والحملات سالفة الذكر؛ حيث التوعية المفتقدة في صورتها الإجرائية حول تنظيم الأسرة وتوفير وسائل منع الحمل الآمنة وفعالة، والعمل على تحسين خدمات الرعاية الصحية للأمهات والأطفال، الي جانب التدريب المباشر على طرائق واستراتيجيات التخطيط الأسري، والاهتمام بتنمية الوعي تجاه الثقافة الإنجابية من خلال توفير الخدمات الصحية الإنجابية، وتدريب الكوادر الصحية على تقديم المشورة والإرشاد وبرامج تثقيفية وتوعوية حول التنظيم الأسري، وتحسين مستوى الوعي بشأن الصحة الإنجابية وتوفير فرص التعليم المتميزة للسيدات بمختلف الأعمار، وتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية متمثلة في الفحص الطبي الدوري، والاستشارات الصحية المرتبطة بالتوعية والتثقيف حول أهمية التنظيم الأسري وتأثير ذلك على الزيادة السكانية.

ونتطلع لمزيد من التأهيل والتدريب المهني لفئة الشباب التي تُشكل الثروة القومية للبلاد، من خلال العمل على تنمية المهارات والقدرات اللازمة للفرد كي يساهم في تحقيق التنمية الشاملة، ومن ثم يؤدي على إحداث نوعٍ من التوازن بين الزيادة السكانية والإنتاجية، بما يساعد في استكمال مسيرة النهضة للدولة وتجنب توقفها بسبب استهلاك مواردها المادية دون إنتاجيةٍ حقيقيةٍ في مجالات العمل المختلفة، والاعتماد على رعاية الدولة فقط.

كما نتطلع سويًا إلى استكمال المسيرة الدؤوبة نحو تشكيل الوعي المجتمعي عبر مؤسسات الدولة الوطنية التي تعمل بصورةٍ مقصودةٍ ومن خلال برامج فعالة على تنمية الوعي السكاني لدى أفراد المجتمع؛ حيث بات التعريف بمظاهر التأثير المباشر والمتبادل بين زيادة النمو السكاني والحياة المتنوعة للفرد والأسرة والمجتمع، لتحقق الاستراتيجية التنموية المستدامة للبلاد أمرًا لا مناص عنه.

وأمر الشراكة في نشر الثقافة السكانية بات حتمًا من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ويأتي في المقدمة الإعلام الهادف والمتنوع ودور العبادة السمحة والمؤسسات المجتمعية؛ لتتكامل التوعية المنشودة لدى جموع الشعب نحو الإحساس بالمشكلة السكانية، ومن ثم المشاركة الفاعلة في حلها بصورةٍ وظيفيةٍ، كما يؤدي ذلك إلى إحداث تغييرٍ في السلوك البشري على مستوى الفرد والجماعة والذي يرتبط بقضايا التربية السكانية.

حفظ الله بلادنا، وهيأ لها الصواب، ووفق القيادة السياسية لما فيه كل الخير.

____________________

أستاذ أصول التربية

كلية التربية للبنات بالقاهرة _ جامعة الأزهر










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة