الرابع من شهر ما ..
كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار ...
هاهى تتثاؤب .. وتتمنى من كل قلبها لو أنه اعتذر عن موعدهما .. فات الأوان الآن ..
تعلم أنها أكثرت من الحبوب الليلة الماضية .. هاهى بالكاد تستطيع فتح جفنيها المصبوغين بلون زهرى باهت لم تتكبد عناء دمجه.. نَسِيَت أيضا أن تضع بعض العطر الذى برائحة الياسمين المفضل لديها.
آه ... كتمت ضحكة صبيانية.. أرادت أن تعطى انطباعا جيدا وهاهى متأخرة بساعتين ...شبه نائمة ويبدو كأن أحدهم هجم على شعرها بخلاط بيضٍ يدوي...
كل شىء يبدو عكس ما يجب أن يكون عليه وهاهو الانطباع الجيد قد ذهب أدراج الرياح....
لماذا لا يتكلم .... يبدو خجولا ...
أرادت إلهاء نفسها بالنظر فى قائمة الشراب المكتوب عليها بأسود غليظ اسم المقهى: تشيلو ... ولكن ... ستطلب قهوتها المعتادة ... بدون لبن أو سكر ... علها تساعدها على التركيز ....
“أكتب مقالا عن اللغات الهندوأروبية ... قد تودين قرائته عندما أفرغ منه"
فاجأها صوته حيث بدا صارما بدون قصد... يبدو كأنه انتبه لذلك فلزم الصمت... صمت غير مريح ... صمت ملىء بما يجب أن لا يقال ...
"هل تحب الطبخ ؟ " كان هذا كل ما استطاعت ان تتفوه به لتكسر حاجز الإحراج والكُلفة بينهما ...
كانت تلجأ إلى أسئلة كهذه فى كل مرة تظن أنها احتٌجِزت فى الزاوية ولا تعلم ما عليها قوله .... أرادت إنقاذ كليهما من براثن هذا الجو المغلف بالملل والصمت ...
" كثيرااا .. أجرب الكثير من الوصفات عادة " قطع حبل أفكارها وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة فخر عريضة ..
"هذا مبهر حقا .. أنا أيضا أجيد طهى بعض الوصفات اللذيذة "
كاذبة! أرادت فقط مجاراة طاقته التى تحولت فجأة إلى كتلة رهيبة من الذبذبات الإيجابية ...
كانت الأربعون دقيقة التالية عبارة عن محادثة متواصلة عن أنواع المطابخ العالمية والمقارنة بينها وترتيبها من الأفضل إلى دون ذلك ...
"هل تتزوجينني؟" قالها بميكانكية تبعث على الحزن .. بدون أى مناسبة وبدون أى ترابط مع ما كانا يتحدثان عنه...
"هل ستتزوجنى فقط لأننى أصنع باستا لذيذة؟" ردت بسخرية صريحة مخلوطة بعدم اكتراث أكثر صراحة ..
"ليس ذلك فقط..." قالها بتردد ... أراد قول المزيد ولكن شيئا ما قام بمنعه... أو خيانته...
الخيانة ... ولكن ماذا يعرف هو عن الخيانة! ...
قام كل شىء ظنت أنه جميل بخيانتها ... بدون شفقة ... بلا أدنى اعتبار لكل مكنونات قلبها أو حتى نواياها الصادقة ....
ولكن أى غباءٍ هذا ؟! ...
أى سذاجة قادرة على جعل أحدهم يتجاهل أن الطريق إلى الجحيم
معبّدْ بالنوايا الحسنة!
لا أحد يهتم إلى أوجاعك!
لا أحد يريد معرفة كيف عدتَ شبه ميت من آخر معاركك...
لا أحد يهتم إلى هزائمك.. خاصة وأنها لم تأت من الأعداء يوما!!
عادت إلى وعيها بصعوبة ...
استأذنت أخيرا للانصراف متحججة بكل سبب غير مقنع كان بإمكانها التفكير به..
هاهى واقفة على حافة الرصيف تنتظر أن يتغير لون الضوء إلى الأخضر قبل أن تغوص ثانية فى ضجيج رأسها التى لا تهدأ...
رأس لعينة لا تعلم معها إن كانت أول المجانين أو آخر العقلاء ..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة