يعكف الخبراء والأكاديميون والقادة السياسيون فى كافة دول العالم على وضع الخطط والاستراتيجيات التى تحقق لدولهم الأمن والأستقرار، وتمكنهم من مواجهة كافة التحديات والمخاطر على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
ويعتبر مفهوم الأمن القومى مصطلحا سياسيا فى المقام الأول، ومنطوقا لغويا بدأ فى التداول على مستوى أوروبا على المستوى الإقليمى والدولى، بظهور الدولة القومية، وواكب ذلك توقيع معاهدة وتستفاليا عام 1648، تلك المعاهدة التى غيرت شكل النظام الدولى، وجاءت بعد حقبة من الصراعات الدموية والحروب، وبظهورعصر النهضة والفكر التنويرى فى أوربا والعالم ظهرت رغبة دول أوربا فى الحافظ على ثرواتها وحدودها الجغرافية.
وأصبح مفهوم الأمن ذو أهمية إقليمياً ودولياً مع زيادة الوعى الإنسانى وذلك نتيجة التطور الإنسانى والعلمى وتوسعت مفاهيمه وتنوعت تعريفاته باختلاف رؤية وخبرات وثقافة المتخصصين والباحثين والعاملين فى المجال الأمنى وبقدر امتلاكهم لخبرات أكاديمية وعلمية يزيد ادراكهم للمضمون وتصورهم للمعنى ومن هنا فأن مفهوم الأمن نجدة نسبى لا يمكن القياس عليه ويختلف من دولة إلى أخرى باختلاف التهديدات وتنوع أبعادها ومستوياتها ونجدها فى عدة صور مباشرة وغير مباشرة فتحقيق الدول لأمنها القومى وفق رؤية مدارس العلاقات الدولية هو الركيزة الاساسية والعمود الفقرى لرسم السياسات الخارجية ويهتم المتخصصين فى دراسته بمستوى أمن الفرد الركيزة الأساسية للأمن الوطنى والأمن الإقليمى ويكتمل فى دوائر منفصلة متصلة ليتحقق الأمن الدولى، ووفق رؤية أغلب الخبراء الاستراتيجيين والعامليين فى مجال الأمن فأن مفهوم الأمن متغير وبقدر ماتمتلكة الدول من قوة وقدرة متغيرة تحقق أمنها القومى ومن هنا فأن جميع دول العالم محتم عليها امتلاك القوة العسكرية المتطورة لتتمكن من فرض أرادتها ونفوذها وحفظ أمنها فى محيطها الإقليمى والدولي.
وقبل ظهور العولمة كانت التهديدات والتحديات طبيعتها عسكرية ويتم التعامل معها باستخدام القوة العسكرية والدول كانت تتسابق فيما بينها فى تسليح جيوشها حتى أن بعض الدول كانت تعتبر امتلاك القوة العسكرية أولوية عن توفير رغيف الخبز لمواطنيها وأصبح تحقيق الأمن الوطنى للدول من القضايا الهامة والمصيرية ومن أولويات النظم السياسية الحاكمة.
وبظهور عصر العولمة تلاشت الحدود الجغرافية للدول رمز سيادتها بفضل وحدة الفضاء الإلكترونى وبذلك فقدت الحدود السياسية للدول أهميتها الأمنية ووظيفتها الحيوية والاجتماعية والاقتصادية وأصبح تحقيق الأمن مرتبط بالتنمية ولم يعد يشمل المجال العسكرى فقط ،و فى ظل العولمة تداخلت التحديات والمخاطر و لم تعد مرتبطة بالجغرافيا السياسية وأصبحت أغلب دول العالم عاجزة عن التعامل بمفردها مع التحديات والمخاطر المحيطة بأمنها القومي،وتغيرت طبيعة التحديات والإشكاليات التى تواجهه الأمن الوطنى للدول وتطورت التحديات وتم تحيد القوة العسكرية كمصدر تهديد وتحدى للأمن القومى للدول، وأصبحت آليات وتحديات وإشكاليات الأمن الوطنى تهدد الأفراد والمواطنين مباشرة بواسطة القوى الناعمة وهى تهديدات موجهة فى معظمها إلى النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الثقافية... ألخ، والغرض منها إحداث خلل واضطراب فى عناصر قوة الدولة الواحدة واضعاف جبهتها الداخلية وتمزيق نسيجها المجتمعى فجميع الحكومات على مستوى العالم تكتسب شرعيتها من رضاء مواطنيها من خلال آليات توفر احتياجاتهم المعيشية والأمنية مع تحقيق التنمية وتعمل الحكومات على تطوير نظامها التعليمى والصحى لكسب ثقة مواطنيها وحماية جبهتها الداخلية ضد الغزو الثقافى والعولمة.
ومن هنا أصبح محتم على الدول الدخول فى تحالفات إقليمية ودولية لمواجهة أنماط جديدة من المخاطر والتحديات الإقليمية والدولية ومنها عصابات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات ومواجهة الهجرة غير الشرعية والأرهاب المنظم ضمن خصخصة الحروب وتجارة الدم وظهر دور المنظمات الأممية والشركات العابرة للقارات والتكتلات الدولية كقوى فاعلة تنتقص من سيادة الدول وأمنها القومي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة