سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 أغسطس 1801.. المعلم يعقوب يغادر مصر مع الجنود الفرنسيين تاركا السؤال: هل كان وطنيا أم خائنا بتعاونه مع الاحتلال الفرنسى؟

الخميس، 10 أغسطس 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 أغسطس 1801.. المعلم يعقوب يغادر مصر مع الجنود الفرنسيين تاركا السؤال: هل كان وطنيا أم خائنا بتعاونه مع الاحتلال الفرنسى؟
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبحرت السفينة «بالاس» من الإسكندرية فى 10 أغسطس، مثل هذا اليوم، عام 1801، متجهة إلى قبرص فى طريق العودة إلى فرنسا، وكان على متنها ضباط وجنود الاحتلال الفرنسى الذين فشلوا فى احتلال مصر بعد ثلاث سنوات من قدومهم إليها فى حملة بقيادة نابليون بونابرت، وكان مصريون ممن تعاونوا مع الفرنسيين على متن السفينة يتقدمهم المعلم أو الجنرال يعقوب، وفقا لما يذكره الدكتور أحمد حسين الصاوى فى كتابه «المعلم يعقوب بين الأسطورة والحقيقة». 
 
غادر يعقوب «مصر» تاركا وراءه جدلا ما زال ممتدا حول ما إذا كان خائنا لوطنه، أم كان صاحب مشروع لاستقلال مصر؟ فمن هو يعقوب؟ ولماذا امتد الجدل حوله على هذا النحو كل هذه السنوات؟
 
فى كتاب «تاريخ الأمة القبطية» عن «مطبعة متروبول - القاهرة» يذكر مؤلفه «يعقوب نخلة روفيله» أنه كان بين الأقباط رجل يسمى يعقوب يظهر أنه لم يحترف حرفة الكتابة فى الدواوين مثل باقى عظماء أبناء أمته، بل كان من أصحاب الأملاك والتجارة، ولما دخل الفرنسيون مصر، تدخل فيهم وعرف من لغتهم ما قدر عليه.. وعمل اتفاقا مع قائد العسكر الفرنساوية على تأليف جيش من الأقباط وجمع من الصعيد نحو الألفين من الشبان الأقوياء القادرين على حمل السلاح فقبلوهم منه، وزيوهم بزيهم وعلموهم وأعطوهم ما يلزمهم من البنادق والسلاح، وكذلك هو تعلم الحركات العسكرية ورأسهم وبنى قلعة بجهة الجامع الأحمر بالأزبكية، وسماها قلعة يعقوب.
 
يضيف «نخلة»: «سار يعقوب هذا فى خطة تحالف ما كان عليه أبناء جنسه، وكان «فضلا عن  مخالفته لهم فى الزى والحركات اتخذ له امرأة من غير جنسه بطريقة غير شرعية على أن رجال الدين ولا سيما البطريرك، لم يكونوا راضين عن تصرفاته وأحواله»، غير أن مؤرخا بوزن شفيق غربال، يراه صاحب «فكرة استقلالية»، وطبقا لكتابه «الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس» عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة» فإنه يفضله فى المقارنة بينه وبين عمر مكرم، حيث يرى أن «مكرم» كان زعامة تقليدية، وكان مشروعه يعتمد على تهييج الناس ودفعهم للصدام مع الفرنسيين، وأن هذا الصدام أدى إلى نتائج وخيمة على مصر والمصريين، أما مشروع يعقوب فيعتمد على التعاون مع الفرنسيين لتكوين «جيش مصرى» مدرب يكون أداة لاستقلال مصر عن المماليك والدولة العثمانية.
 
وفى مقدمته لكتاب «الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس» يضع الدكتور محمد عفيفى رأى غربال فى سياق «المدرسة الليبرالية المحافظة فى الكتابة التاريخية»، الذى يرفض مشروع العامة وعلى رأسهم عمر مكرم، ويفضل عليه مشروع «الخاصة» وعلى رأسه يعقوب، ويتقبل تعاون يعقوب مع الفرنسيين، ويفضل مشروعه عن مشروع عمر مكرم، غير أن أحمد حسين الصاوى يرى رأى «غربال» غريبا، وما فعله «يعقوب» كان قهرا للمصريين يعاونه فيه بعض المسلمين، ويستشهد بما ذكره الجبرتى عنه فى أكثر من موقف، حيث قال: «توكل رجل قبطى يقال له عبدالله من طرف يعقوب يجمع طائفة من الناس لعمل المتاريس فتعدى على بعض الأعيان وأنزلهم من على دوابهم، وعسف وضرب بعض الناس على وجهوهم حتى أسال دماءهم فتشكى الناس من ذلك القبطى».
 
يستند الذين يرون «يعقوب» بطلا مصريا، وصاحب مشروع لاستقلال مصر إلى أنه وأثناء وجوده على متن السفينة العائدة إلى فرنسا سلم الفرنسى «لاسكاريس» مذكرة لاستقلال مصر، وسلمها «لاسكاريس» إلى «جوزيف إدموندوز» ربان السفينة الإنجليزية بالاس، كى يرفعها بدوره إلى حكومته البريطانية، ويذكر الباحث مجدى خليل فى مقاله «المعلم يعقوب: الاختلاف على قراءة التاريخ»، أن شفيق غربال عثر على هذه المذكرة فى محفوظات الخارجية البريطانية أثناء إعداده لرسالة الدكتوراه وترجمها إلى العربية ونشرها كملحق لرسالته، غير أن «الصاوى» يرى أن «لاسكاريس» هو «شخصية مهتزة غامضة» وأن قصته «من أغرب القصص التى ذيل بها تاريخ الحملة الفرنسية فى مصر».
 
ويعلق محمد عفيفى: «فى الحقيقة فإن ما نعرفه عن مشروع الاستقلال المنسوب ليعقوب هو منقول عن رواية لاسكاريس بعد وفاة يعقوب، وما ذكر عن أن يعقوب ومن معه هم الوفد المشكل عن جموع عقلاء المصريين مسلمين وأقباط، الذين اجتمع معهم يعقوب فى مصر قبيل رحيله من مصر، لهو أمر يبعث على السخرية، فأى متخصص فى تاريخ هذه الفترة سيستبعد من الأساس فكرة تكوين وفد أو حتى أن يوكل عقلاء المسلمين - حسب عقلية ذلك الزمن - أحد «أهل الذمة» للتحدث باسمهم، فما بالنا إذا كان هذا المتحدث هو الجنرال يعقوب بماضيه المختلف عليه؟  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة