واقعة الإسكندرية.. قصة حادث سير تسبب في استقالة محمود سامى البارودى

الثلاثاء، 25 يوليو 2023 06:00 م
واقعة الإسكندرية.. قصة حادث سير تسبب في استقالة محمود سامى البارودى محمود سامى البارودى
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مثل هذا اليوم استقال رئيس وزراء مصر محمود سامى البارودى احتجاجًا على قبول الخديوى توفيق مطالب إنجلترا وفرنسا بإبعاد أحمد عرابى عن مصر.
 
وبحسب كتاب "الزعيم الثائر أحمد عرابي" للمؤرخ عبد الرحمن الرافعى، وقعت في شهر يوليو سنة 1881 حادثة بالإسكندرية أعادت القطيعة بين الضباط والحكومة، وذلك أن الخديو توفيق كان يقضي صيف سنة 1881 بالإسكندرية.
 
وقد حدث يوم 25 يوليو أن عربة لأحد تجار الثغر يقودها سائق أوروبي، كانت تسير في الشارع المؤدي إلى سراي رأس التين، فصدمت جنديًّا من فرقة المدفعية — الطوبجية — وأصابته إصابة قاتلة، نُقل على إثرها إلى المستشفى وتوفي هناك، وكان الخديوى وقتئذٍ بالسراي، فارتأى رفاق القتيل أن يحملوه إليها، ويلتمسوا من الخديو الاهتمام بمعاقبة الجاني.
 
وكان هذا العمل بالغًا في الخروج على النظام؛ لأن مثل هذه الحادثة لا تُرفع إلى الخديو، وليس من اللائق بمقامه أن يذهب الجنود إلى قصره حاملين القتيل يعرضونه عليه ويطلبون منه معاقبة الجاني، إذ إن السراي الخديوية ليست مخفر بوليس تُحمل إليه جثث القتلى … وقد دخل الجند السراي في جلبة وضجة، وصاحوا طالبين معاقبة الجاني، فغضب الخديوى من الجند وأمر بطردهم، فانصرفوا. وبعد أيام صدر الأمر بتشكيل مجلس عسكري لمحاكمتهم، فحوكموا وصدرت عليهم أحكام بالغة منتهى القسوة. فقد حُكم على الجندي الذي دعا رفاقه إلى حمل القتيل إلى السراي بالأشغال الشاقة المؤبدة، وحُكم على رفاقه وهم ثمانية بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وبأن يقضوا مدة العقوبة بليمان الخرطوم، ثم يكونوا بعد ذلك من أفراد الجيش بالأقطار السودانية، وأقرَّ الخديو الحكم ونُفِّذ في المحكوم عليهم وسيقوا إلى السويس، ومنها إلى سواكن ثم إلى الخرطوم.
 
كان لهذا الحكم الشديد وقْع أليم في النفوس، وكتب عبد العال بك حلمي تقريرًا إلى وزير الحربية «البارودي» يشكو فيه من قسوته، وذكر بعض الحوادث التي تجري في آلايه، والدسائس التي لا تنقطع.
 
رفع البارودي هذا التقرير إلى الخديو، فاستاء من ذلك وعدَّه تطاولًا على مقامه، وغضب على البارودي واعتزم إقصاءه عن وزارة الحربية، واستدعى الوزراء بالتلغراف من القاهرة … فوفدوا إلى الإسكندرية واجتمعوا بالخديو في سراي رأس التين، وتداولوا في حادثة الجندي القتيل وما فعل رفاقه، وقرَّر الخديو أن بقاء البارودي في وزارة الحربية هو منشأ هذه الفوضى، ولا سبيل إلى إعادة النظام إلَّا بعزله. فلم يرَ البارودي بدًّا من أن يقدِّم استقالته، فقُبلت في الحال، وعيَّن الخديو صهره داود باشا يكن بدله، ثم أعقب ذلك صدور أمر آخر بعزل أحمد باشا الدرملي محافظ العاصمة، لِما كان معروفًا عنه من مشايعته لحركة عرابي، وتعيين عبد القادر باشا حلمي مكانه، وكان مكروهًا من العرابيين.
 
قابل عرابي وصحبه هذا التغيير بالانزعاج والتبرم، وتوجَّسوا خيفة من عواقب إبعاد البارودي الذي كانوا يطمئنون إليه، ويركنون إلى إخلاصه، وتوقعوا شرًّا مستطيرًا من تعيين صهر الخديو على رأس الوزارة التي تملك ناصية الجيش، على أنهم كتموا شعورهم وأخذوا يتدبرون ما يجب عليهم عمله للمحافظة على حياتهم بعد هذا التغيير، وذهبوا إلى داود باشا في ديوان الجهادية يهنئونه بمنصبه الجديد، وطلبوا إليه أن يجعل فاتحة أعماله إصدار قوانين الإصلاحات العسكرية التي وُضعت في عهد البارودي فوعدهم بذلك.
 
ولكنه لم يلبث أن أصدر منشورًا نهى فيه الضباط عن اجتماعهم في المنازل أو في أحياء المدينة، ونبَّه على عدم ترك مراكز الآلايات ليلًا أو نهارًا، وأنذرهم بأنه إذا وجد اثنان منهم أو أكثر مجتمعين معًا في المدينة فسيجري ضبطهم بيد رجال الضبطية واعتقالهم، وأن كل من يتكلم منهم مع آخر في الأمور السياسية يُسجن بالقلعة، وشدَّد على الضباط في اتباع هذه الأوامر وأخذ يراقب تنفيذها، فيذهب بنفسه ليلًا إلى مراكز الآلايات ليتحقق من تنفيذ أوامره، وبث عبد القادر باشا حلمي محافظ العاصمة الجديد العيون والجواسيس على منازل رؤساء الحزب العسكري، وخاصةً عرابي وعبد العال وأحمد عبد الغفار، لمنع اجتماعاتهم، فارتاعوا من ذلك ولزموا آلاياتهم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة