سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 13 يونيو 1967.. المذيع الشهير أحمد سعيد يقرأ آخر تعليقاته فى «صوت العرب» ويغادر مبنى الإذاعة إلى منزله دون عودة

الثلاثاء، 13 يونيو 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 13 يونيو 1967.. المذيع الشهير أحمد سعيد يقرأ آخر تعليقاته فى «صوت العرب» ويغادر مبنى الإذاعة إلى منزله دون عودة أحمد سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أسبوع من هزيمة 5 يونيو 1967، و3 أيام من مظاهرات الملايين يومى 9 و10 يونيو، لمطالبة الرئيس جمال عبدالناصر بالعدول عن قراره بالتنحى، اتصل سامى شرف، مدير مكتب الرئيس، بالمذيع الشهير أحمد سعيد رئيس إذاعة صوت العرب يوم 12 يونيو 1967، لإبلاغه أن الرئيس يطلب فصل الموجات الإذاعية، أى العودة للبرامج العادية، حسبما يذكر «سعيد» فى مذكراته «غير المنشورة»، وبحوزته نسخة منها. 
 
كان «أحمد سعيد» رئيسا لصوت العرب منذ بدايتها كبرنامج مدته نصف الساعة فى 4 يوليو 1953، وكان لتعليقاته فى الإذاعة دوى كبير فى العالم العربى لارتباطها بمعارك التحرر الوطنى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وظل كذلك حتى آخر تعليق كتبه وأذاعه بصوته فى 13 يونيو، مثل هذا اليوم، 1967، ورغم دوره الوطنى، فإن أدواره «ظلمت كما لم تظلم أى أدوار أخرى»، وفقا للكاتب الصحفى عبدالله السناوى فى كتابه «أخيل جريحا.. إرث جمال عبدالناصر»، حيث اختصر خصومه دوره عند البيانات الكاذبة أثناء حرب يونيو، وهو الأمر الذى كان يرد عليه قائلا: «بيانات النكسة لم تكن من تأليفى، هل كان مطلوبا أن أذيع البيان الذى يعجبنى وأحجب سواه؟ ». 
 
بعد فصل موجات الإذاعة فكر «سعيد » فى كيف تكون إطلالته وتعليقه، واهتدى إلى أن يكون حول «واجب المائة مليون بعد النكسة »، «عدد سكان الوطن العربى وقتئذ »، ومن نصه المكتوب على الآلة الكاتبة، استهل قائلا: «من النكسة يجب أن تتعلم الجماهير، ومن أسبابها يجب أن تعود إلى الحياة الحركة المعاصرة للتأريخ العربى، ومن نتائجها يجب أن تنطلق جميع قوى المائة مليون، سياسيا واقتصاديا وعسكريا لفرض المد العربى على الجذر الخرب المدمر، فالنكسة وقعت، وفرضت نفسها على المنطق الذى ساد زمانا وطن العرب، وقام بعدها واجب حتمى يفرض اليوم وعلى كل العقول العربية أن تجد الأجوبة، والأجوبة الصحيحة وحدها على عدة أسئلة تفرض نفسها الآن وتلح فى عناد كله حقد، وإصرار كله دم ».
 
السؤال الأول: ما هى الأسباب الرئيسية للنكسة، السياسية والعسكرية، ثم لا بد أن هناك أسبابا عربية.. السؤال الثانى: ماذا يريد اليوم الاستعمار متمثلا فى أمريكا وبريطانيا، سواء بالنسبة لمخططاته الإمبريالية، أو بالنسبة لقاعدته إسرائيل.. والسؤال الثالث: أين تقف منا دول العالم، سواء دول الكتلة الشرقية أو دول أوروبا وآسيا وأفريقيا وكذلك أمريكا اللاتينية.. والسؤال الرابع: ما هى الأسلحة التى يمكن أن نخوض بها معركة سياسية أو غير سياسية، نزيل بها آثار العدوان، وننطلق بها فى مسيرتنا النضالية القومية؟. 
 
بعد طرح هذه الأسئلة الأربعة ينبه قائلا:  «الواقع العربى اليوم لا يجب تركه لمجرد التوجيه ضد اليأس، الواقع الذى قام بالنكسة يفرض أولا وقبل كل شىء تقييما يقوم على تحقيق شامل لجميع أسباب النكسة، ابتداء من الأسباب العسكرية، إلى الأسباب العربية، إلى الأسباب الإدارية، إلى الأسباب السياسية المتصلة بعواصم دول العالم الكبرى فى الشرق قبل الغرب.. أسباب النكسة لا يجب أن نتصور فقط أنها عسكرية الجانب، وأسباب النكسة أيضا لا يجب أن نبحث عنها فقط فى عواصم الغرب من دون الشرق، وأسباب النكسة كذلك لا يجب أن نفتش عنها وننقب فى مصر فقط أو فى سوريا أو فى الأردن، وأسباب النكسة بالحتم يجب أن نحفر عنها ونتعمق فى أساليب العمل العربى، وأيضا فى أساليب ومخططات الحكم العربى طوال السنوات الماضية وعلى امتداد الساحة العربية.
المائة مليون جميعا، إن أرادوا خروجا من النكسة وإلى النصر، يجب أن يؤمنوا جميعا بمسؤوليتهم عن النكسة..لا فرق بين رئيس هنا أو فلاح هناك..لا فرق بين حاكم هنا أوعامل هناك.. الكل مسؤول.. فالكل يملك الوطن، ويجب من اليوم أن يمارس هذه الملكية، يجب أن يمارسوا حقهم فى البحث عن أسباب النكسة.. هناك أسباب سياسية، عسكرية، عالمية، ثم هناك أيضا أسباب شعبية، تتصل بمسؤولية الجماهير عن سد الثغرات الواسعة التنظيمية والحكومية وأيضا الممارسة الديمقراطية التى نفذت منها وبسرعة مذهلة قاسية كل الأسباب التى فرضت النكسة. 
 
يكشف «سعيد » أنه فى اليوم التالى لإذاعة التعليق، طلبه محمد فائق وزير الإعلام، وحدثه عن أن تعليقه كان به معان إثارية، قد يفهمه الناس بشكل خاطئ مما يحدث بلبلة فى الشارع، وفاجأه بطلب أن يشركه فى التعليق بعد ذلك بحيث يطلع على محتواه.. يؤكد سعيد:  «رفضت بحدة بل هددت بالاستقالة ».
 
خرج «سعيد » إلى منزله، ولم يعد مرة ثانية، وفى 18 سبتمبر 1967، تقدم باستقالته رسميا إلى رئيس الجمهورية، وعاش فى الظل حتى وفاته فى 4 يوليو 2018 ولم يتاجر أبدا بدوره، وظل حتى آخر حياته مؤمنا بعروبته وقوميته، مدافعا عن جمال عبدالناصر وينتقده من موقع التأييد.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة