عشقة.. قصة جديدة للكاتبة التونسية شيماء بن عمر

الثلاثاء، 21 مارس 2023 06:30 ص
عشقة.. قصة جديدة للكاتبة التونسية شيماء بن عمر شيماء بن عمر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أنت منشودتى" قالها فى خضم اعترافات ما بعد منتصف الليل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
 
"و أنت .. أنت انتصارى" ردت و هى تحضن خديها الورديين فى نشوة انتصار حقيقية، كانت تعنى ذلك أو هكذا ظنت، 
كانا فى خلوتهما يبنيان عالمهما الخاص على أنقاض أحلام قديمة، بعض الخيبات و قليل من الأمل.
 
يا لهما من ساذجان! لا يعلمان أنه فى خضم سويعات سيتحطم كل شيء فى سبيل القيل و القال، أو ربما فى سبيل أذن جائعة لبعض نميمة دسمة..
 
ها هما يقفان أمام هزيمة حميمية أخرى بينما يحدقان نحو الفراغ، 
أخذ كل منهما يلملم بقايا قلبه ليرمى بها داخل صندوق رث ملىء بغبار أزمنة غابرة و يضعها، مجددا، فوق رف أنيق من خشب النسيان الأحمر المتين آملا فى مغامرة مستقبلية فاشلة و لكن أقل بشاعة ...آه ...آه ما يفعله البشر فى سبيل بعض قطرات من السعادة لا تغنى و لا تسمن من جوع...
 
و لكن أين ذهبا؟ 
 لقد سلكا طريقين مختلفين، أو ربما هكذا كانا يظنان، قد يلتقيان، وقد يضيعا مجددا وسط متاهات من الفوضى، الزحام و الكثير الكثير من الأكاذيب، و لكن لماذا يكذبُ البعض؟ 
 
لطالما أرقهما هذا السؤال، ليسا غبيين، بل إنهما أبعد ما يكونان عن الغباء و لكن يعلمان أن السعادة أحيانا تكمن فى التغابى و التناسى وادعاء الصمم لو لزم الأمر ....لحظة
من أين يأتى ذلك الوميض؟ يبدو ضعيفا و لكنه يزداد توهجاً، 
" آلو .." رفعت السماعة أخيرا و هى تقضم ما تبقى من حبة التفاح المائلة إلى أحمر مستفز بطعم رغبة بدائية، " هل ما زلتُ انتصاركِ؟" قالها بصوت خافت و حازم معا..
كادت أن تختنق ببقايا التفاحة فى فمها لو لا أن لفظتها بسرعة قبل أن تعتدل فى جلستها.. " هل ما زلتِ على الخط؟" بعث صوته فى جسدها صعقات نارية تلتهم كل نهاية عصبية فى أنوثتها الرابضة تحت رماد شديد السواد من الزمن الغابر..
" نعم..نعم " ردت بسرعة و هى تتصنع الانتباه و اللامبالاة..
"أجيبى إذا! .." قالها بنفاذ صبر ...لطالما كانت قلة الصبر إحدى نقاط ضعفه و هو يعلم ذلك جيدا ..
 
" أنت مخمور ...و لا تعى ما تقوله .." 
 
" بل أعى جيدا ما ....." 
 
"نعم .." خارت دفاعاتها كليا و هى تقطع حديثه قبل ان تكمل فى لهفة فضحت ما يدور برأسها " لا أظن أن شيئا قد تغير منذ آخر مرة" 
" أنا واثق من ذلك .. لا شىء تغير ..." 
غاص كلاهما فى حرم صمتٍ بنكهة الثمرة المحرمة..
كانت خطيئتهما الأولى.. ولن تكون الأخيرة ...
" لا تذهبى إلى النوم ...سأعاود الاتصال بعد منتصف الليل... فلنبدأ من جديد " 
 
"حسنا.. سأنتظر"
 
أغلق كلاهما الخط على أمل أن يكون غدا أقل إحباطاً...
لن يكون أقل إحباطا ... و لن ينتصرا البتة ... فأحدهما ضعيف، قليل الصبر و ساخط كل الوقت ...
أحدهما ساخطٌ لدرجة أنه قادر على رمى فرصة حقيقية ليكون سعيدا من أجل قطرات شحيحة من اللذة و الوهم...قطرات مغلفة ىأشياء تشبه الحب...
 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة