أكرم القصاص - علا الشافعي

أسرار القاهرة.. مسجد بدر الدين الونائى بالسيدة عائشة ينادى وزارة الآثار: أنقذونى.. عمره 700 سنة وتسكنه العناكب والخفافيش.. المبنى تحول من شاهد على العصر إلى مجهول لا يعرفه الناس

الثلاثاء، 14 مارس 2023 10:00 م
أسرار القاهرة.. مسجد بدر الدين الونائى بالسيدة عائشة ينادى وزارة الآثار: أنقذونى.. عمره 700 سنة وتسكنه العناكب والخفافيش.. المبنى تحول من شاهد على العصر إلى مجهول لا يعرفه الناس مسجد بدر الدين
كتب ـ محمد غنيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تركت دولة المماليك فى المجتمع المصرى أثرا ثقافيا كبيرا لما خلفته من حضارة كتبت التاريج بين جدرانها ورفعت مساجدها المآذن الشاهقة وزيت أبوابها بالزخارف النادرة، فأصبحت الآثار الإسلامية للعصر المملوكى فى مصر مصباحا للحضارة، فالمماليك اتخذوا القاهرة مقرا لهم واعتبروها العاصمة الخاصة بهم، وساهم المماليك بازدهار مفهوم المدينة، حيث وصل عدد سكان العاصمة المملوكية ما يقارب نصف مليون شخص، بنو المساجد وشيدوا الكتاتيب، واهتموا بدور العبادة، وضمن سلسلة أسرار القاهرة نلقى الضوء على مسجد بدر الدين الونائى أحد أهم المساجد فى العصر المملوكى، مسجد مثير للدهشة، مسجد بلا مصلين مسجد مهجور لا يسكنه غير العناكب والخفافيش، جدران متهالكة ومنبر من حجر متآكل ومآذنة آيلة للسقوط، مسجد شاهد على عصور مصر منذ عهد المماليك.
 
فى الحارة الضيقة المتعرجة ناحية اليمين قرب مسجد السيدة نفيسة فى اتجاه مسجد السيدة عاشة تخطفك المقابر المصطفة على الجانبين وإن أصبحت منازل تحتضن الأموات فى باطنها وتسكنها أسر التربي والحانوتى ومكفن الموتى، عالم مغاير بين الأموات والأحياء وكأنك فى حارة تلخص المشهد فى عبارة أحياء فى ضيافة أموات، أناس يتعايشون ويتسامرون يشعلون الأضواء ويستمعون للأغانى والتلفاز بكونهم حراس على الأموات، أطلق على الحارة ضمن خطط المقريزي حارة القبر الطويل، فى منتصف الحارة يخطفك مبنى ضخم يحمل مآذنة طويلة وأبواب عتيقة وشبابيك حديدية مزخرفة تشي بالفن والإبداع رغم أن أكل عليها الدهر وشرب، مسجد بلا مصلين، مسجد بدر الدين الونائي، المسجد المهجور الذى يكاد وأن تصرخ جدرانه لهيئة الآثار انقذونى فانا شئاهد على العصر..
 
تظهر مئذنته الطويل الآيلة للسقوط ذات الشروخ والكسور الواضحة الممزوجة بالنقوش الإسلامية وسط المبانى التى تحتضن المقابر فى باطنها لباب خشبي أهلكه الزمن وسلالم حجرية توثق التاريخ، وجدران مشروخة تكشف ما بداخلها، قد تري ضريحًا مهجورًا يضم رفات شمس الدين وولده بدر الدين لم يبقَ منه سوي جدار عالٍ حوله وفراغ داخلي تغطية الأتربة وبقايا من الحجارة والأخشاب المزخرفة المتهالكة، بنى مسجد "بدر الدين الونائي"، عام 902 هجريًا بالقرب من باب القرافه ويوجد بداخله ضريح الشيخ  شمس الدين وولده بدر الدين أحد المماليك من العصر المملوكى.أنشئ المسجد في عهد السلطان المملوكي الجركسي قانصوه الغوري، حوالي عام 902 هـ/ 1496 م، وكان اسم الشارع وقتها معروف ببدر الدين الونائى، أحد أهم المماليك القاطنة للشارع، وذلك فى دولة المماليك البرجية (الجراكسة) ( 1382 م - 1517 م).. 
 
مسجد أثرى أو مكان مهجور لا تظهر منه سوى مئذنة تاريخية مرتفعة مهدمة وآيلة للسقوط تهدد حياة منازل عتيقة مجاورة للمسجد، شيده لأول مرة الأمير سيف الدين تنكز بغا بن عبدالله الماردينى 756هـ / 1355م، وجدده الشيخ بدرالدين محمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن يوسف الونائى عام 902هـ / 1496م.
 
منشئ هذا المسجد فى مبتدأ أمره – والحديث لحسن قاسم فى المزارات الإسلامية – هو الأمير سيف الدين تنكز بغا بن عبدالله الماردينى شاد الشرابخاناه عند السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون سنة 756هـ / 1355م برسم مدرسة للشافعية ودارا للحديث النبوى الشريف " آثر رقم 163" . 
 
يذكر الصفدى فى أعيان العصر وأعوان النصر ( كان الأمير تنكز بغا حظيا عند الملك الناصر حسن وبالغ فى تقريبه، واعتمد على عقله وتجريبه، فنوله ما شاء من الوجاهة، وخوله فيما اراد من فضل ونباهة ) ومازال نجم تنكز بغا فى صعود حتى تزوج أخت السلطان الناصر حسن المعروفة بخوند التنكزية نسبة الى زوجها الأمير تنكز بغا فعظم قدره وصار من أكابر الأمراء بالديار المصرية وفى عام 755هـ ولاه السلطان الناصر حسن وظيفة أمير مجلس أى المسؤل عن مجلس السلطان وتنظيمه وترتيب الجلوس فيه وفى شهر شوال عام 759هـ توفى الأمير تنكز بغا بن عبدالله الماردينى ودفن بخانقاه كان قد شرع فى انشائها بمنشية ناصر " ولكن المنيه أدركته دون ان يتمم الخانقاه فلعل أرملته خوند التنكزية قد أكملتها من بعده وكانت قد امتد العمر بها حتى توفيت فى شهر صفر عام 802هـ  ويعلو مدخل خانقاه الأمير تنكز بغا بمنشية ناصر مكتوب بالنص ( أمر بأنشاء هذه التربة المباركة العبد الفقير تنكز بغا أمير مجلس الأحكام بتاريخ ربيع الأول سنة أربع وستين وسبعماية ) .
 
وفى عام 902هـ / 1496م قام الشيخ بدرالدين محمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن يوسف الونائى المعروف ببدرالدين الونائى بتجديد بناء مدرسة الأمير تنكز بغا الماردينى بشارع سكة الزرايب بل وأنشأها إنشاء آخر فعرفت من ساعتها به، والونائى نسبة الى قرية ونا بصعيد مصر من أعمال البهنساوية .
 
كان شمس الدين الونائى والد بدرالدين الونائى مجدد هذه المدرسة يتولى مشيخة المدرسة التنكزية وكان فقيها شافعيا وواحدا ممن يشار اليه بالعلم والعمل فى زمانه، يذكر الحلبى فى القبس الحاوى لغرر ضوء السخاوى ( توفى رحمه الله بعد مرض طويل سابع من شهر صفر عام 849هـ ودفن بالتنكزية نسبة لمنشئها الأمير تنكز بغا وكان إماما فقيها أصوليا نحويا ) وعلى نهج الأب شمس الدين الونائى قام ولده بدرالدين الونائى باقتفاء أثره وكان شافعيا كأبيه.
 
يذكر السخاوى فى الضوء اللامع ( أشتغل البدر الونائى على أبيه وبعده تشاغل بالزراعة والمعاملات، وصار مشارا إليه بحيث أن السلطان قايتباى أخذ منه نحو عشرة آلاف دينار وأكثر ).
 
وقد تركز النشاط التجارى لبدرالدين الونائى فى حى باب البحر وعن ذلك يذكر د. محمد الجهينى فى كتابه أحياء القاهرة القديمة ( شيد بدرالدين الونائى فى هذا الحى عدة منشأت منها : معصرة للزيت وحماما برسم الرجال والنساء ومنزلا وقاعة للحياكة ثم توج نشاطه التجارى بأنشاء سويقة أخذت أسمه بعد تحريفه من سويقة الونائى الى سويقة الوفائى ، وقد استمرت هذا السويقة فى العصر العثمانى وأطلق عليها اسم سويقة بنى الوفا ) .
 
وقد مكن ذلك الثراء بدرالدين الونائى من إعادة إعمار المدرسة التكزية ورصد للصرف عليها أمواله وما يملكه من عقارات، وفى غرة المحرم سنة 907هـ / 1501م توفى بدرالدين الونائى ودفن بجوار والده شمس الدين الونائى بالمدرسة التنكزية بشارع سكة الزرايب من ميدان السيدة عائشة أو ما يعرف بشارع القبر الطويل
 
كانت المدرسة التنكزية المدفن الآثير لجل علماء الشافعية ومنهم نسيم الدين أحمد بن محمد النويرى المكى الشافعى المتوفى عام 873هـ / 1468م وعن ذلك يذكر السخاوى فى كتاب الضوء اللامع ( مات يوم السبت رابع رمضان سنة ثلاث وسبعين بالقاهرة مطعونا وصلى عليه بجامع الماردانى ودفن عند الونائى بالتنكزية فى باب القرافة وكان له مشهد حافل عوضه الله الجنة ) .
 
ويزيل حسن قاسم فى كتاب المزارات الإسلامية أى لبس أو غموض حول عبارة السخاوى " دفن بالتنكزية فى باب القرافة "( ومثل هذا يستحيل ان يقصد به السخاوى القبة التنكزية الكائنة بالقرافة الناصرية التى هى خارج باب القرافة " أثر رقم 298" لأن هذه ليست محل تدريس ولأن هذا التعبير نفسه استعمله فى الكلام على جملة منشآت وجدت فى عصره بهذه المنطقة داخل باب القرافة ) 
 
 
ملحق بالمسجد سبيل وكتاب وثمانية أعمدة من الزلط والرخام وبه المنبر والقبلة وله ميضأة بها شجرة لنج وسبيل ومكتب مهجور ومنارة وله محلات بجواره موقوفه عليه و الضريح : يرقد جثمانه فى مقام بقلب منطقة السيدة عائشة، «بدر الدين الونائى» شارع ضيق خلف مسجد السيدة، وذلك حسبما ذكر الصفدى فى كتابه أعيان العصر وأعوان النصر و السخاوى فى كتابه الضوء اللامع .د. محمد الجهينى فى أحياء القاهرة القديمة. حسن قاسم فى المزارات الإسلامية,الحلبى فى القبس الحاوى لغرر ضوء السخاوى 
مسجد بدر الدين الونائي (1)
ضريح بدر الدين

مسجد بدر الدين الونائي (2)
مسجد بدر الدين الونائي

مسجد بدر الدين الونائي (3)
منبر مسجد بدر الدين الونائي

مسجد بدر الدين الونائي (4)
مسجد بدر الدين الونائي من الداخل 

مسجد بدر الدين الونائي (5)
مأذنة مسجد بدر الدين الونائي 

مسجد بدر الدين الونائي (6)
مسجد بدر الدين الونائي من الداخل
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة