د. داليا مجدي عبد الغني تكتب:عمل الخير الحقيقي

الجمعة، 24 فبراير 2023 02:16 م
د. داليا مجدي عبد الغني تكتب:عمل الخير الحقيقي داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجمل عمل خير في الدنيا هو الذي يسعى إليه الإنسان، دون أن يٌشعر المُحسن إليه به حماية لكرامته، وحفاظًا على عزة نفسه، والحقيقة أن حماية الكرامة هي عمل الخير الحقيقي الذي يُؤجر عليه صاحبه، فما أجمل أن تُحافظ على كرامة مَنْ تساعده، وتعترف بإنسانيته، وبأنه ليس أقل منك كرامة أو عزة نفس لمجرد أنه اليد السفلى، وللأسف، هناك أشخاص كثيرون تتوه منهم تلك الفكرة أثناء مساعدتهم لغيرهم، ويعتبرون أن مجرد تقديم عمل الخير المادي يكفي، حتى لو كان مقابلة امتهان كرامة الآخرين، أو اللامبالاة بهم، أو التقليل من شأنهم بدعوى أنهم يمدون لهم يد المساعدة والمعونة.
 
ففي أحد الأيام، وقف طفل صغير يبيع المناديل أمام شخص ثري كان يتصفح هاتفه، فأعطى الرجل دولارًا للطفل دون أن يأخذ منه المناديل، فذهب الطفل وبيده الدولار أمام محل الأحذية، وظل يُعيد النظر في حذائه المُهتري، ثم وجه بصره إلى حذاء جميل معروض في واجهة المحل، وكان مُدونًا عليه ورقة بها سعره، وكان السعر هو 50 دولار، فلمحه الرجل الثري، ثم دخل المحل، وبعد لحظات خرج وهو يبتسم وركب سيارته، وغادر المكان، وبعد لحظة استبدل صاحب المحل تسعيرة الحذاء بورقة مكتوب عليها دولار واحد، دخل الطفل مسرعًا إلى المحل، واشترى الحذاء ظنًا منه بأن التسعيرة قد انخفضت، وخرج ومعه الحذاء الجديد، وكانت سعادته ممزوجة بابتسامة تملأ وجهه.
 
فهذا هو الخير الحقيقي، وهو مُحاولة إسعاد الغير دون المساس بكرامته، فهذا الشعور يخلق سعادة من نوع خاص، فهي سعادة مذاقها إنساني تمامًا، فلا يدخل الرياء بين طياتها، ولا تعرف للكبر طريقًا، ولا يُدنس الشعور أي شائبة من أي نوع، فهي تخلق حالة من الرضاء عن النفس، وهذا ما يفتقر إليه الكثيرون، الذين يظنون أن عمل الخير مقتصر على السلوك المادي، ويتناسون أن مُجرد العُبوس في وجه مَنْ تُساعده يفسد هذا الخير مهما كان قيمته، وأن التعامل بتعالٍ ومحاولة المَنّ تُفسد أي عمل إنساني.
 
فيا ليت كل شخص يُحاول مُساعدة الغير، يأخذ من صاحب القصة قدوة في حياته، ويُحاول تقليد سلوكه الذي يؤكد أن المُساعدة الحقيقية لم تكن في الدولار الذي أعطاه للولد، ولكنها كانت في إدخال السعادة والبهجة على قلبه، دون جرحه، فكل شخص لدية كرامة وعزة نفس مهما قل شأنه، وهذا هو الذي لابد أن نُدركه ونُؤمن به، ونسلكه في حياتنا، حتى يكون لأعمالنا الخيرية قيمة وجدوى إنسانية.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة