مها عبد القادر

منهجية صناعة القائد.. من منظور اتخاذ القرار

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023 01:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يتخذ القائد القرار السليم والمناسب في ضوء معطيات، ومعلومات صحيحة موثقة ودراسة مستفيضة للقضية محل اتخاذ القرار، ويضع عدد من البدائل تتيح له حرية الاختيار من بينها، وقد لا تتيح الظروف له ذلك، ويسعى جراء ذلك تجاه تحقيق هدف واضح يرتكز على دافع رئيس يعد معيارًا حاكمًا، وفي خضم ما يتم اتخاذ من قرارات تنظيمية لتسير شئون الأمور بالدولة، نستطيع أن نقيم الأداء العام والنوعي؛ بالإضافة إلى أداء القائد الذي يتحمل مسئولية ما يصدره من قرارات في ضوء مجريات الأمور والأحداث.

وتقوم نظرية اتخاذ القرار على مبدأ رئيس يتمثل في حرية الاختيار بين بدائل عدة للتغلب على مشكلة أو معالجة قضية ما، ومن ثم ينبغي أن يكون هذا البديل هو الأفضل وفق معيار مستوى الإنتاجية المرتقب، وهذه المفاضلة قد يصعب الإلمام بها بعيدًا عن رؤية عميقة وتفكير استراتيجي يؤسس على معلومات دقيقة وموثوقة.

وفي ذات السياق نجد أن نظرية اتخاذ القرار التي تؤسس لصناعة القائد تركز على المعرفة دون غيرها؛ فالبدائل يجب أن تكون محصورة ومرتبة في صيغة ذات معني، بما يساعد القائد على الاختيار الصحيح دون ظلم أو تعدي علي أحد البدائل، أو جهل بالتفاصيل المهمة ذات الصلة بالموضوع محل اتخاذ القرار، وبالطبع يسهم ذلك في مقدرة القائد على مطالعة أعماق القضية أو المشكلة كي يستوعب أبعادها، ويحدد تفرعاتها الدقيقة، ويتيقن من مدى مناسبة المعطيات التي تناسب حلها، ويقدر مستوى البدائل وما قد يتمخض عن كل بديل من نتيجة وفق فلسفة حجوم الأثر، وبالأحرى يستطيع أن يقيم تلك البدائل بدقة بالغة الشدة؛ ليختار الأفضل منها.

ومنهجية صناعة القائد من منظور نظرية اتخاذ القرار، تستلزم منه متابعة آليات التنفيذ؛ فلا يتوقف الأمر عند حد الاختيار؛ لكن دلالة النتائج تجعله يصبح مرنًا؛ ليغير ما يلزم أن تطلب الأمر ذلك، وهنا تبدو عبقرية القيادة؛ حيث يتعاون الجميع ويتشاركوا في مرحلة صنع القرار مما ينمي لديهم عنصر المسئولية، ويؤكد علي دورهم الفاعل والمؤثر وفق ما يوكل إليهم من مهام مؤسسية على مستوى الفرد والجماعة.

ومما لا شك فيه أن اتخاذ القرار في عمومه قد يقابله بعض المعوقات التي تؤكد مدى مقدرة القائد على التحمل والمثابرة في بلوغ الهدف والصلابة تجاه ما يواجهه من تحديات على المستوى الداخلي أو الخارجي، ونرى أن السياج المنيع ضد المعوقات بتنوعاتها المختلفة تقوم على تمسك القائد بالقيم والتقاليد المجتمعية، وانتماءه الخالص لتراب وطنه، وإعلاء المصلحة الكبرى للبلاد على المصالح الشخصية مهما بلغت الضغوط، وحرصه على المعرفة العميقة التي تساعده على أن يكون قراره عقلانيًا رشيدًا.

وتواجه الدولة المصرية العديد من التحديات المتعلقة بالمسار التنموي؛ لكن قيادتها السياسية الرشيدة أخذت على عاتقها الالتزام بنمط القرارات الاستراتيجية التي تعمل على الرؤية طويلة المدى؛ حيث النظرة المستقبلية الطموحة التي تحفظ حقوق الأجيال فيما هو آت؛ فلم تلجأ الدولة في التعامل مع مشكلاتها لنظام المسكنات كما كان من ذي قبل؛ لكن المبدأ الرئيس والمعيار الحاكم قام على قلب المحن إلى منح عبر مشروعات قومية تساعد في عمقها الاستراتيجية على تحقيق النهضة المنشودة وفق استراتيجية الدولة المصرية (2030 م).

وما جعل جموع الشعب العظيم تثق في قيادتها السياسية تمثلت في واقع ملموس ارتبط بتخطيط مسبق ترجمته قرارات قامت على أهداف واضحة من نظم مؤسسية متخصصة اعتمدت على حصر ما هو متاح وما يمكن تحقيقه وما يستعان به كي تتحقق هذه الأهداف في ضوء جداول زمنية ملزمة؛ بغية تحقيق إنجازات تسهم في تحقيق الحياة الكريمة.

 لشعبٍ كريمٍ آبى يستحق جودة الحياة شعب عظيم بحق يقف ويصطف بكل جلد وفخر وعزة خلف دولته رغم صعوبة الحياة وما يواجهه، ثقة في الله ودولته وقيادته السياسية التي تسعي جاهدة لتحقق له كل ما يتمني ويصبو إليه، وصون كرامته وأمنه وأمانه واستقراره، وتحقيق نهضة مستدامة بكل قطاعات الدولة بشكل متواز، يجني الشعب ثمارها الشعب والأجيال القادمة.

كما أن التنظيم من قبل مؤسسات الدولة في تنفيذ مشروعاتها القومية يساعد في تحقيق آمال الشعب، وله دور فاعل في سرعة الإنجاز وفق قرارات اتثمت بالمرونة وتحقيق كل ما هو ممكن بعيدًا عن تعقيدات أو بيروقراطية تضعف الهمم والطاقات، وبدون شك تزامن مع هذا التنظيم مسار التوجية المستمر من قبل الخبراء والمتخصصين وفي مقدمهتم قيادة الدولة السياسية، وتتم متابعة دقيقة لسير الأعمال في مشروعات الدولة الوطنية بقطاعاتها المختلفة في شتى ربوع الوطن.

ناهيك عن معايير الرقابة التي أحدثت فارقًا في جودة المنتج بهذه المشروعات والتي نراها رأي العين؛ حيث إن شعور الفرد بالمسئولية يجعله دائمًا حريص أشد الحرص لأن يخرج أفضل ما لديه؛ بالإضافة إلى أنه يقوي لديه فلسفة التقييم الذاتي؛ فلا يرتضي إلا ما هو متميز وفق المعايير التي آمن بها، ومن ثم سار على خطاها.

حفظ الله بلادنا وشعبها العظيم وقيادتنا السياسية بكل عزة وفخر واقتدار.

____________

أستاذ أصول التربية

كلية التربية للبنات بالقاهرة _ جامعة الأزهر










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة